صحيفة عبرية: لماذا تفضل حكومات إسرائيل المتعاقبة الوضع القائم في.. "دولة غزة"؟

الإثنين 26 أبريل 2021 10:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: لماذا تفضل حكومات إسرائيل المتعاقبة الوضع القائم في.. "دولة غزة"؟



القدس المحتلة / سما /

يديعوت - بقلم: غيورا آيلند    "إن أحداث الأيام الأخيرة في القدس وغزة تستوجب نظرة لا تبدأ بما يحصل “هنا والآن”. يمكن التركيز على تحليل دوافع الطرف الخصم، ولكن الطريق الأهم هو في الفحص النقدي الذي يقارن بين المصالح الإسرائيلية الحقيقية وأفعالنا العملية. كلما كانت الفجوة بين هذين الأمرين أكبر يكون الخطأ في جانبنا أكثر.

نبدأ بالقدس. كانت لإسرائيل مصلحة واضحة لبناء أحياء يهودية خلف الخط الأخضر في القدس. وأحياء مثل “راموت”، و”جفعات زئيف”، و”بسغات زيف”، و”غيلو” وغيرها، تعبر عن حاجة بلدية ووطنية. وبالمقابل، لا توجد مصلحة وطنية لتشجيع إسكان لليهود في قلب أحياء عربية مكتظة. عندما يصر عشرات اليهود القومجيين على السكن في قلب سلوان، الحي الذي يعيش فيه عشرات آلاف الفلسطينيين، والذي يقع على مسافة مئات الأمتار من الحرم، فإننا نخلق احتكاكاً زائداً من العدم. لا يدور الحديث عن حدث وحيد، بل عن نشاط إسرائيلي مبادر إليه يحصل تقريباً في كل حي عربي في شرقي القدس، نشاط يعد في نظر الفلسطينيين كأصبع في العين.

عندما تسمح الشرطة لمنظمة عنصرية مثل “لاهفا”، بإشعال شرارة في منطقة باب العامود في شهر رمضان، فلا غرو أن يؤدي الأمر إلى اضطرارات عنف. إن موقف حكومة إسرائيل في السنوات الأخيرة يعتقد بأنه من الصواب في هذه المرحلة إدارة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني وعدم محاولة حله. والمصلحة المباشرة النابعة من هذا النهج منع احتكاكات زائدة. أما عملياً فنحن نشجع بالفعل وبالقصور احتكاكات زائدة، بدءاً بأعمال “تدفيع الثمن”، التي لا يتم القضاء عليها وحتى خلق توترات في القدس. لقد ضمت إسرائيل القدس الشرقية الواسعة في 1967 ولكنها لا تعطي السكان الفلسطينيين المواطنة بل الإقامة فقط. يثور السؤال، إلى أي برلمان يسمح لهم بالتصويت؟ إسرائيل تقول لا ولا – لن تصوتوا لكنيستنا، ولن تصوتوا للسلطة الفلسطينية. هذا هو مصدر زائد للتوتر، وليس مع الفلسطينيين فقط بل ومع جهات دولية أيضاً.

من هنا إلى غزة. أولاً وقبل كل شيء، من المهم أن نفهم بأن غزة أصبحت بحكم الأمر الواقع منذ 2006 دولة، وكل دولة تحركها المصالح قبل كل شيء. وبالفعل، لإسرائيل مصلحتان لغزة؛ الأولى أمنية، والثانية بيئية (في ألا تضخ مجاري غزة إلى البحر المشترك). المصلحة العليا لحكومة غزة هي اقتصادية، إذ بدون تحسين وضع البنى التحتية والتشغيل قد تفقد حماس الحكم. في هذا الوضع لقاء مصالح لدولة إسرائيل وغزة يقوم على أساس الهدوء الطويل من جهة، وبناء بنى تحتية، وعلى رأسها ميناء من جهة أخرى. كلما أقيمت بنى تحتية أكثر سيكون لدولة غزة ما تخسره إذا ما بادرت إلى مواجهة عسكرية، ومثلما يكون هذا الاعتبار هو الأمر الأساس الذي يوجه خطى حزب الله في الحفاظ على الهدوء منذ 15 سنة. حماس، مثل حزب الله، ليست منظمة إرهابية فقط بل وأولاً وقبل كل شيء كيان سياسي يعمل بحذر وبحكمة.

الاستنتاج بسيط، يمكن أن تتوصل إسرائيل إلى اتفاق بحكم الأمر الواقع مع دولة غزة، ولكنها لا تفعل هذا. وإن التفضيل الذي تبديه حكومات إسرائيل منذ 2006 هو لمواصلة الوضع القائم الذي معناه النار المتقطعة كل بضعة أسابيع، نار صاروخية كل بضعة أشهر، ومواجهة عسكرية واسعة كل بضع سنين. هذه السياسة غير معلنة بالطبع، إذ لا يمكن لأي جهة سياسية أن تشرح للأمهات القلقات في غلاف غزة بأن هذا هو الطريق الذي تم اختياره، ولهذا فإننا نتدحرج من جولة إلى أخرى. الأسباب الملموسة تتغير ولكن الصورة الكبرى تبقى ثابتة.