ذكرت صحيفة القدس نقلا عن مصدر مطلع أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لا تمانع بتأجيل الانتخابات الفلسطينية المقررة في شهر أيار المقبل إذا اضطر الفلسطينيون إلى تأجيلها.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، "بكل تأكيد، الولايات المتحدة تؤيد وتشجع الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة والدورية في كل مكان إن أمكن، كالوسيلة الأفضل لمشاركة مواطني الدول والشعوب في أنظمتهم السياسية المختلفة ، وضمان الحريات الديمقراطية والحقوق المدنية ، بما في ذلك في الأراضي الفلسطينية".
وأضاف المصدر وفق الصحيفة، "من الطبيعي أن تنظر الولايات المتحدة بإيجابية إلى مشاركة الفلسطينيين في العملية السياسية لانتخاب ممثليهم وقياداتهم بعد مرور 15 عاماً على آخر انتخابات تشريعية، ولكننا أيضاً نعي التحديات الخاصة التي تواجه الفلسطينيين، كتحديات مواجهة أزمة وباء كورونا، وأزمة اقتصاد خانقة، بالإضافة إلى تعقيدات المشهد السياسي، حيث أن هناك ازدواجية في حكم الفلسطينيين؛ هناك الضفة الغربية، وهناك غزة اللتان يمارس فيهما الحكم بأنظمة مختلفة تماماً، وأولويات مختلفة انبثقت من طبيعة التحديات الخاصة بهما والتي تراكمت عبر الـ15 عاماً الماضية، علاوة على أن الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية يخضعون لتعقيدات الهيمنة الإسرائيلية، الأمر الذي يقيد الحركة السياسية".
ويقول المصدر، "في تقديري، إن إدارة الرئيس بايدن ستنظر بتفهم إلى احتمال تأجيل الانتخابات بعضاً من الوقت، ولن تمانع إذا قرر الفلسطينيون اختيار وقتا أكثر مواتاة، تصبح فيه التحديات التي ذكرتها قيد السيطرة".
وحول إذا كان هناك اتصالات، أو محادثات جارية بين إدارة الرئيس بايدن والقيادات الفلسطينية بشأن تأجيل الانتخابات، قال المصدر وفق الصحيفة ذاتها، "لا زالت الإدارة (الأميركية) صامتة بشأن الانتخابات الفلسطينية، ولم تعبر عن وجهة نظرها تجاه انعقادها في موعدها، أو تأجيله، فهذا – من وجهة نظر الإدارة- شأن فلسطيني، فهم يدركون طبيعة التحديات التي يواجهونها أكثر من القوى الخارجية... بكل تأكيد هناك اتصالات أميركية فلسطينية على مستوى فرق العمل، تتناول مجموعة من القضايا المشتركة، مثل تقديم الدعم المالي والاقتصادي للفلسطينيين، ومواجهة أزمة وباء كورونا، ودعم أونروا، وإعادة العلاقات الأميركية الفلسطينية بما يخدم حل الدولتين، ومن الآمن قوله، أن الولايات المتحدة ستقدم الدعم اللازم لتعزيز آفاق حل الدولتين، بما في ذلك قرار الفلسطينيين خوض انتخابات ديمقراطية".
وأضاف المصدر، "المهم بالنسبة للولايات المتحدة، هو أن تلتزم القوى السياسية الفلسطينية بالاتفاقات المبرمة بين الولايات المتحدة والفلسطينيين؛ بين إسرائيل والفلسطينيين، هذه الاتفاقات التي تضمن المضي قدما لتحقيق حل الدولتين، ونبذ العنف، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وضمان تمتع إسرائيل بالأمن، والفلسطينيين بالحرية" وأضاف مستدركا، "إن صعود قوى فلسطينية ترفض حل الدولتين، وترفض نبذ العنف، وترفض التخلي عن الخطاب المعادي لإسرائيل والولايات المتحدة، أو التخلي عن التحريض واستخدام، صعود قوى كهذه إلى موقع القرار، سيعقد، أو حتى يبدد بشكل كامل آفاق التوصل إلى حل الدولتين- لذلك، من الطبيعي أن تؤكد القوى السياسية الفلسطينية التزامها بهذه الاتفاقات (المبرمة مثل اتفاقية أوسلو) ".
وحول إذا كان يقصد حركة "حماس" في تحذيره، أجاب المصدر، "نعم، حركة حماس بكل تأكيد، ولكن أيضاً غيرها من القوى السياسية الفلسطينية سواء من اليسار، أو من التيارات الدينية التي تتحدث بوضوح عن رفضها للتفاوض مع إسرائيل لتحقيق حل الدولتين".
وفيما إذا كانت الولايات المتحدة تتوقع فوز حركة حماس، قال المصدر "حركة حماس برهنت في السابق، وتبرهن الآن، أنها قادرة على حشد مؤيديها، وتمتلك الحنكة والخبرة السياسية في إدارة الحملات الانتخابية، ، ولديها تجربة مهمة عبر أكثر من 15 عاماً من حكم قطاع غزة، ولديها كوادر قادرة ومنتشرة في الضفة الغربية كما في غزة، وفي حين أنها تمارس الفساد في حكمها لقطاع غزة، فإن الاتهامات بالفساد الموجهة للسلطة الفلسطينية في رام الله ، أكثر بكثير من حركة حماس، ومظاهرها واضحة باعتقاد الكثير من الفلسطينيين؛ ربما بسبب كون أن السلطة هي القيادة الفلسطينية المعترف بها عالمياً، وهي التي تستلم المساعدات من المانحين، وتخوض المفاوضات والعملية السياسية، وتمتلك شكليات، وزخارف الدولة، بما في ذلك عشرات الآلاف من الموظفين، وعناصر القوى الأمنية".
بالإضافة إلى ذلك، يقول المصدر، "كل الدلائل تشير إلى أن الانقسامات المتعددة داخل حركة فتح، والصراع شبه القبلي بين أفخاذ فتح المختلفة، سيقلل من قدرتها عل حشد الفلسطينيين بشكل يمكنها من هزيمة حركة حماس، وما علينا إلا أن نتذكر أن حماس كسبت الانتخابات الأخيرة قبل 15 عاماً، الأمر الذي أجبر القوى الدولية والمحلية الملتزمة بتحقيق الحل التفاوضي لحل الدولتين، لعدم التعامل مع الفائز ديمقراطياً عندئذ، وهو ما أوصلنا- باعتقادي- إلى هذا الوضع المجمد سياسياً، علماً بأن ممارسات إسرائيل في توسيع الاستيطان، وتقليص الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية ساهم أيضاً في تعقيد الأوضاع".
ولم يرد المصدر مباشرة بشأن موقف الإدارة الأميركية من الضغط على إسرائيل للسماح للمواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، مكتفياً بالقول أنه بحسب اعتقاده "لم أسم عن طلب رسمي بعد من قبل الفلسطينيين بعد، للمساعدة في تيسير مشاركة الناخبين الفلسطينيين من القدس الشرقية، ولكن السياق الانتخابي، والتدريب الانتخابي للفلسطينيين، لضمان قيام انتخابات يشارك بها كل الفلسطينيين الذين يحق لهم ذلك، هو أمر تعاونت فيه الولايات المتحدة في السابق، ولن تتردد عن تقديمه في المستقبل".
ويعتقد الخبراء أن خيار تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية بات مطروحا بقوة وينتظر مباركة أميركية قد تصدر خلال الأيام القليلة القادمة، وأن وفدا فلسطينيا مشكلا من رجلي الأعمال سامر خوري وبشار العزة المختص بنقل معلومات للرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن الموقف الأميركي، بحثا في العاصمة الأميركية في نهاية الشهر الماضي احتمال تأجيل الانتخابات.
ويعتقد هؤلاء أن من الممكن بسهولة تبرير التأجيل بذريعة تفشي جائحة كورونا في الأراضي الفلسطينية أو حتى برفض إسرائيل مشاركة مدينة القدس في الانتخابات أو أي ذريعة أخرى خاصة فيما بدأت تتسرب معلومات عن استعداد حركة حماس للتماهي مع التأجيل مقابل تقاسم الحكومة المقبلة وتقاسم مقاعد منظمة التحرير والاستعاضة عن الانتخابات التشريعية والرئاسية بعقد مجلس وطني يتم تقاسم مقاعده بين الحركتين ويتيح إشراك حماس في منظمة التحرير وهي السلطة الأعلى الممثلة للفلسطينيين في الداخل والخارج، بعكس المجلس التشريعي الذي يمثل فلسطينيي مناطق الأراضي المحتلة عام 1967 فقط.
وفي نفس الوقت، يدرك الرئيس والقيادة الفلسطينية وفقا لتصريحات أطلقها عضو اللجنة المركزية فتح حسين الشيخ خلال اجتماع مغلق لكوادر فتح في رام الله قبل عدة أسابيع أن دول الاتحاد الأوروبي، وهي الممول الأول للسلطة الفلسطينية، والمصرة على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية قد تلجأ إلى قطع مساعداتها للسلطة إن قامت بتأجيل الانتخابات، بالتالي أعرب الشيخ عن أمل الرئيس الفلسطيني بموقف أميركي مساند له خاصة بعد أن نقلت له عدة أطراف بشكل غير مباشر رغبة أميركية بتأجيل الانتخابات.