تدخل القنوات التلفزيونية المغربية غمار المنافسة في شهر رمضان، بعرضها إنتاجات درامية محلية إلى جانب برامج أخرى ذات طابع كوميدي وديني وترفيهي.
القناة الأمازيغية المغربية (حكومية) عملت هي الأخرى على "إعداد وإنتاج برامج تمزج بين الدراما والكوميديا والثقافة والدين والتراث، بغرض تحقيق مبدئها الخاص الذي يرمي إلى الاهتمام بالثقافة الأمازيغية وإبراز خصوصيتها المحليّة"، وفق بيان للقناة.
وتقترح القناة الأمازيغية الوحيدة في المغرب خلال شهر الصيام، بحسب ذات المصدر، "أعمالا درامية مختارة بعناية للاستجابة لأذواق مشاهديها".
من هذه الأعمال ثلاثة إنتاجات درامية بالروافد الثلاثة للغة الأمازيغية؛ وهي المسلسل الدرامي الكوميدي "بابا علي" برافد تشلحيت (جنوب)، ومسلسل "مغرضو" برافد تاريفيت (شمال)، ثم مسلسل "أمنغي ن ووشن (أو صراع الذئاب)" برافد تمازيغت (وسط).
وبرمجت القناة التي بدأ بثها الفعلي يوم 1 مارس 2010، خمسة أفلام تلفزيونية، وهي "الحادث" للمخرج مصطفى أشاور، وفيلم "آش داني" لجواد الخوضي، وكذا فيلم "وردة الشوك" لمخرجه إلياس العربي، ثم فيلم "الوريث" للمخرج فريد الرگراگي، بالإضافة الى فيلم "الورثة" من إخراج لطيفة أحرار.
كما تعزّزت الشبكة الرمضانية للقناة الأمازيغية بفقرات دينية، تتوزع بين ابتهالات وأذكار رمضانية، إلى جانب فقرة لتقديم تعاليم الدين بعنوان "طريق النور" وبرنامجا للاستفسار حول الدين وقضايا العصر.
أما في صنف البرامج الثقافية والوثائقية، فقد أنتجت القناة باقة من الوثائقيات التي تهدف إلى التعريف بتراث وتاريخ المغرب، نذكر منها برنامج "مدن عتيقة"، والسلسلة الوثائقية "جواهر الصحراء".
لا منافسة وإنتاج متكامل
بهذه الشبكة البرامجية الرمضانية، تراهن القناة الأمازيغية المغربية على استقطاب المشاهدين خلال هذا الشهر، خصوصا أن "الإنتاج الدرامي المغربي الأمازيغي يتكامل مع الإنتاج المغربي الناطق بالدارجة"، يقول المخرج والسيناريست الأمازيغي، خالد بويشو.
وذكر المتحدث نفسه، في تصريحه، أن الإنتاجين بالدارجة وبالأمازيغية "لا يتنفسان لأن لكل منهما مشاهديه"، مضيفا أن "الجمهور يتابع بشغف الإنتاجات الدرامية الأمازيغية".
كما اعتبر المخرج والسيناريست الأمازيغي أن "مبدأ المنافسة بين الإنتاجين يكاد ينعدم، على خلفية ما أتاحته التكنولوجيا الحديثة التي يسرت على المشاهد أن يشاهد ما فاته في قناة ما لأنه انشغل بقناة مغايرة في نفس الليلة على يوتيوب أو باقي المنصات".
لكن الباحث والناقد الأمازيغي، جمال أبرنوص، يرى أنه "لا يمكن للإنتاج الدرامي الأمازيغي، بالنظر إلى قلته وحداثة تجربته ومحدودية الدعم الذي يحظى به، أن ينافس نظيره المنتج بالعامية".
وأوضح الباحث والناقد الأمازيغي، أن المغاربة ذوي الازدواجية في اللسان، أي ناطقون بالأمازيغية والعربية في آن معا، وخصوصا الحضريون منهم "تراهم يميلون بدورهم إلى الإنتاج العامي الذي راكم تجربة أكبر، لاعتبارات تاريخية".
التعدد والتنوع قوة الإنتاجات
رغم ذلك يسعى الإنتاج الأمازيغي إلى الحضور، خصوصا أن "للقناة الأمازيغية متابعين كثر ليس بالمغرب فقط بل بباقي بلدان العالم من الجالية المغربية"، يقول السيناريست والمخرج الأمازيغي، خالد بويشو.
وأبرز بويشو أن الإنتاجات التي تُعرض على القناة الأمازيغية، "تتميز بتنوعها بحكم اختلاف منطق إنتاجها ما بين الريف والأطلس وسوس".
في هذا السياق، أكد المنتج الأمازيغي، عبد الرحيم هربال، أن "ما يقدم في منطقة الريف له خصوصيات تختلف عن تلك المعمول بها في منطقة الأطلس التي لا تتشابه مع طبيعة البيئة السوسية، مما يجعل من هذا التنوع والتعدد قوة الأعمال الدرامية الأمازيغية".
ليس ذلك فحسب، إذ أن الإنتاج الدرامي الأمازيغي "يشتغل بنفس الإمكانيات التقنية واللوجستيكية التي يشتغل بها الإنتاج بالدارجة، ويستعين هو الآخر بممثلين ذوي خبرة ولهم حضور فاعل في المشهد الفني، ويعتمد أيضا على سيناريو يحمل مقوّمات الجودة والتّميّز"، يردف عبد الرحيم هربال.
كما يعترف المنتج الأمازيغي بأن الإنتاج الدرامي الأمازيغي "يواجه إكراهات في تدبير ميزانية الإنتاج"، موضحا أن "الميزانية المرصودة لهذا الإنتاج أقل نوعا ما من تلك التي تُنتَج بها الدراما بالدارجة، وهو ما يقزّم المجهود المبذول في الإنتاج الدرامي الأمازيغي".
التمثيل قوّة الدراما الأمازيغية
في المقابل، أبرز الباحث والناقد الأمازيغي، جمال أبرنوص، أن "قلة قليلة من الأعمال الدرامية الأمازيغية هي التي تتوفر فيها خصوصيات تميّزها عن الإنتاج الدرامي بالعامية".
ويقصد المصدر نفسه بالخصوصية هنا "ما يجعل هذا الإنتاج منبثقا عن فرادة أمازيغية، إن على مستوى الثقافة أو التاريخ أو المزاج أو الوجدان أو الذخيرة الرمزية أو المخيال أو غير ذلك".
ويرجع ذلك إلى سببين: "أولهما مؤسساتي، يكمن في التفاصيل المسطرية المتعلقة بطلب دعم الإنتاج، والتي لا تضع هذه الأصالة ضمن شروط قبول الدعم، وثانيهما يكمن في عدم امتلاك معظم المنتجين لأي خلفية فكرية-ثقافية توجه اختياراتهم على مستوى المشاريع التي يتقدمون بها لطلب الدعم"، يوضح جمال أبرنوص.
ونوه الباحث والناقد الأمازيغي بالتشخيص أو التمثيل الذي "بدأ مستواه يعرف تحسّنا خلال السنوات الأخيرة"، معتبرا إياه "موطن قوّة يتوجب استغلاله لتطوير مستوى الإنتاج الأمازيغي، وتقليص مسافته عن الإنتاج المغربي العامي".
بدوره، أشاد السيناريست والمخرج، خالد بويشو، بالممثلين والمخرجين من "خريجي المعاهد من ذوي الأصول الأمازيغية، الذين اندمجوا في العمليات الإبداعية للإنتاجات الأمازيغية".