كشف خبير عسكري لدى الاحتلال الإسرائيلي عن قلق متزايد من تحول "الحرب السرية وغير المباشرة" الدائرة مع إيران، إلى أخرى أكثر علنية، مشيرا بشكل خاص إلى مخاوف من التعرض لهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ مجنّحة.
وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، قال ألون بن دافيد: "من أسبوع لآخر تتحول المعركة التي تجري بين إسرائيل وإيران من حرب سرية غير مباشرة وباردة، لمعركة مباشرة، علنية وحارة أكثر فأكثر".
وأضاف: "على مدى السنين كان دارجا في إسرائيل الافتراض بأن طهران تفضل دوما العمل من أراض أخرى، مثل سوريا، العراق أو اليمين، ولكن أحداث الأشهر الأخيرة، ترفع إلى السطح مسألة؛ هل باتت إيران ناضجة للعمل ضد إسرائيل مباشرة من أراضيها؟".
وتابع: "منذ أكثر من 3 عقود، تثبت في الاستخبارات الإسرائيلية، فكر يقضي بأن الحرب الإيرانية العراقية الطويلة، خطّت إلى الأبد صدمة في الوعي الإيراني ورغبة في الامتناع عن مواجهات مباشرة؛ فالصواريخ العراقية التي كانت تسقط كل يوم على طهران، خلفت ندبة عميقة في الذاكرة الوطنية، ودفعت الإيرانيين لأن يتبنوا مفهوما أمنيا يعتمد على الحرب بواسطة وكلاء، كي لا يكشفوا مرة أخرى مدنهم لعمليات الرد من العدو".
وقال: "منذئذ، بنت إيران بعناية شبكة من المنظمات في كل المنطقة، من حزب الله في لبنان، عبر المليشيات الشيعية في العراق وفي سوريا وحتى الحوثيين في اليمن؛ ليشكلوا الذراع الطويلة لها للعمل ضد إسرائيل، والولايات المتحدة، وكل عدو آخر".
ولفت "بن دافيد" إلى أن "علي خامنئي، الذي شغل رئاسة إيران في سنوات الحرب مع العراق، حرص على أن يبقي في سنوات حكمه الطويلة، على سياسة حذرة في استخدام القوة، التي تتطلع إلى الامتناع عن المواجهة المباشرة مع دولة أخرى".
ويستدرك بالقول: "لكن شيئا ما تغير في السنتين الأخيرتين؛ فهناك هجوم الطائرات المسيرة على منشآت النفط لأرامكو في السعودية، وهجوم بالصواريخ على القاعدة الأمريكية في عين الأسد، ونار الصواريخ على سفينة بملكية إسرائيلية جزئية، أطلقت من إيران".
وقال: "الجيش الإسرائيلي أجمل مؤخرا أعمال الحرب بين الحروب تجاه إيران براحة كبيرة، فمقابل أكثر من 100 عملية إسرائيلية ناجحة في السنتين الأخيرتين، وجدت إيران صعوبة في تنفيذ ردود، ونجحت جزئيا فقط في حالات قليلة؛ كضرب سفينتين بملكية إسرائيلية، وهجمات سايبر غير متطورة على بنى تحتية ومواقع إسرائيلية".
وأكد بن دافيد، أنه "برغم سلسلة النجاحات في الأعمال الإسرائيلية (من الجو والبحر والبر)، بقي الإنجاز الشامل للحرب بين الحروب محدودا، رغم أنها نجحت في أن تبعد الإيرانيين عن الحدود في الجولان، ومنعت نقل وسائل قتالية لسوريا ولبنان، وأيضا مست بتمويل حزب الله، الذي حولته إيران بواسطة ناقلات النفط".
ولفت إلى أن "الحرب بين الحروب وحدها لن تتمكن من إخراج الإيرانيين من سوريا، وهذا سيكون ممكنا تحقيقه فقط بخطوة سياسية لتوافق أمريكي – روسي"، مضيفا: "كما أن الحرب بين الحروب، لا توقف مشروع دقة الصواريخ لحزب الله، الجهد لتطوير قدرة تركيب وإنتاج صواريخ دقيقة في لبنان".
وأشار إلى أن العملية الأخيرة "التي نسبت لإسرائيل في الشهر الماضي ضد السفينة الإيرانية، شهر اكورد، في البحر المتوسط، أصابت خلاطة وقود صلبة للصواريخ، مثل الخلاطة التي أصيبت بحوامات متفجرة في بيروت قبل نحو سنتين"، مؤكدا أن "مثل هذه العمليات يمكنها أن تؤخر مشروع الدقة، ولكنها لا توقفه".
واعتبر الكاتب أن "النجاحات الإسرائيلية لم تسحق التصميم الإيراني على الرد على سلسلة العمليات المنسوبة لإسرائيل، وعلى رأسها تصفية رئيس البرنامج النووي محسن فخري زادة".
ولم يستعبد بن دافيد، أن "تشن طهران هجمة على إسرائيل مشابهة لتلك التي أسقطت منشآت النفط السعودية التابعة لشركة أرامكو، والتي نفذت عبر وابل من الطائرات المسيرة والصواريخ الجوالة، حيث تمكنت بضربة واحدة من شل نصف إنتاج النفط لهذه الشركة".
وبين أن "إيران تحاول بلا انقطاع مراكمة قدرات كهذه في سوريا، والعراق وفي اليمن، ولكنها تجد صعوبة في استخدامها"، لافتا إلى أن رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، "وضع إحباط هذه القدرات، للصواريخ الجوالة والطائرات المسيرة، على رأس سلم أولويات الجيش".
وأضاف أنه "في إسرائيل، ينبغي أن يفترضوا بأن فشل إيران في تنفيذ هجوم كهذا من إحدى المناطق المجاورة لنا، كفيل بأن يدفعهم للعمل مباشرة من أراضيهم، فالتنسيق الوثيق مع القوات الأمريكية في العراق الخليج، إضافة إلى الشراكات الإسرائيلية الجديدة في العالم العربي، يمكنها أن تساعد في إحباط مثل هذا الهجوم".
وقدر بأن "سيناريو تبادل الضربات مباشرة بين إسرائيل وإيران، الذي بدا في الماضي شبه خيالي، أصبح مؤخرا مطروحا بشكل متزايد".