تناول المحللون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الجمعة، خطاب رئيس القائمة الموحدة (الإسلامية الجنوبية)، منصور عباس، أمس، وامتدحوا الخطاب، بعد أن خلا من مقولات جوهرية، مثل مطالب لحل المشاكل العميقة التي يعاني منها المجتمع العربي ومطالب وطنية لها تأثير هائل على حياة المواطنين العرب. لكن المحللين شددوا على أن عباس لن يقرر هوية رئيس الحكومة الإسرائيلية.
وأشار المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، إلى أن "منصور عباس لم يحل المأزق السياسي" بالفشل بتشكيل حكومة بعد أربع جولات انتخابية خلال سنتين. وأضاف أنه في خطابه "يحاول عباس وضع قاعدة جديدة، مشترك، للعلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل التي داخل الخط الأخضر. وهو يحذف من هذه القاعدة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، يحذف المشاعر القومية التي تنبض في كل واحدة من القبائل والحساب الدموية الحاصل بينها، وحتى أنه يحذف الادعاءات بالإقصاء، التمييز والظلم" ضد المجتمع العربي.
واعتبر برنياع أن القاعدة التي يطرحها عباس تستند إلى ساقين، "الساق الأولى تتعلق بمجموعة مشاكل في الوسط العربي وعلى رأسها الجريمة ونقص البنية التحتية. وهذه مشاكل بإمكان أي حكومة التعامل معها باستثمار سخي بالمال والموارد".
وفي الساق الثانية "يطرح عباس شراكة تستند إلى مفهوم الإسلام المحافظ، المعادي لليبرالية والعلمانية والنسوية والمثلية... وهذا مفهوم تشعر فيه الأحزاب الحريدية أنها في بيتها. ولا عجب في أن الحاخام كانييفسكي، كبير الحاخامات الليتوانيين، يفضل عباس على اليسار. فهو يعلم من هو العدو الحقيقي الذي يهدد أسوار الغيتو الذي يعيش فيه".
وتابع برنياع أنه بتعريف عباس لنفسه بأنه "مسلم، عربي ومواطن إسرائيلي"، من أجل نيل إعجاب مستمعيه اليهود، "تنازل عن عنصر هام (الهوية الفلسطينية) في هوية وعزة ناخبيه. وهو بذلك إما أنه رجل شجاع أو أنه سطحي وتافه. وبذلك كشف نفسه للادعاء بأنه ليس أكثر من محمي، مسلم أليف، لا ينصب ملوكا وإنما خصي في بلاط ملك اليهود".
من جانبه، أشار محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، إلى أنه "لم يكن في جعبة عباس شيئا بإمكانه التوجه من خلاله إلى اليسار الإسرائيلي. وبدا كمن يغازل كائنات الحب التي تستمر برفضهم، من تلال السامرة (غلاة المستوطنين) وشوارع بني براك (الحريدية). وهو سموتريتش أكثر من سموتريتش نفسه. وبالنسبة له، يتعين على حاخامات نوعام (حزب يميني متطرف) دعوته لقضاء يوم السبت. وهما يستحقان بعضهما".
وأضاف فيرتر أنه "في الخلاصة، يبدو عباس كمن ينسق بشكل كامل مع نتنياهو. وهو يعتمد على هذا البديل أكثر من ’حكومة التغيير’، التي ربما لن يكون فيها لدى نفتالي بينيت/يائير لبيد ما يكفي من القوة السياسية من أجل إعطائه ما يريده من ميزانيات، تعيينات وتشريعات. وبهذا المفهوم، نتنياهو هو شريك مريح في الأعمال. شرط ألا يحتال. لكن أن يشرعن المندوب الفعلي للإخوان المسلمين لدى السموتريتشيين والبن غفيريين؟ فإن خطابا واحدا طنانا ومتصالحا، لن يفعل ذلك. ولن تكون الطريق سهلة إلى تحالف اليمين – الحريديين".
وفيما اعتبر برنياع أن بينيت هو مفتاح الحل الآن، عبر وزراء وأعضاء كنيست ورؤساء بلديات وقياديون في حزب الليكود عن غضبهم تجاه نتنياهو، بعد اقتراحه باندماج حزب "يمينا"، برئاسة بينيت، في حزب الليكود، ومنح أعضاء الكنيست من يمينا 7 مقاعد مضمونة في الليكود لولايتين وسيطرة في مؤسسات الليكود.
ونقلت القناة 12 التلفزيونية عن القياديين في الليكود قولهم إن نتنياهو ينفذ مرة أخرى "حملة تصفية لليكود". وأضاف القياديون في الليكود أن نتنياهو يفعل ذلك "من أجل احتياجاته الشخصية ومن خلال ضعف شخصي". ورأوا أنه لم تكن هناك حاجة لاقتراح كهذا على بينيت منذ البداية، وأنه حتى بعد تقديم هذا الاقتراح، فإنه تم تقديمه مبكرا جدا. واعتبر القياديون في الليكود أن "نتنياهو ضعيف سياسيا. وفي مرحلة كهذه قد ينفذ خطوات متسرعة".
كذلك اعتبرت محللة الشؤون الحزبية في "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أن اقتراح نتنياهو على بينيت وغدعون ساعر بالعودة إلى الليكود هو "مؤشر على وضعه... ونتنياهو لا يتوقف عن ضمان أماكن في قائمة مرشحي الليكود على حساب حزبه. ولذلك فإن الغضب في كتلة الليكود ليس مستغربا. وبضمان أماكن لحزب بينيت، يرهن الليكود".
لكن كدمون رجحت ألا يقبل بينيت اقتراح نتنياهو، لأنه في هذه الحالة "ليس فقط أن بينيت سيضطر إلى تنفيذ أوامر نتنياهو إلى حين تأتي الصفعة من بلفور (مسكن رئيس الحكومة وعائلته الرسمي)، وإنما سيكون شخصا غير مرغوب به في الليكود أيضا. وهو لن يكون رئيسا لليكود ومرشحا لرئاسة الحكومة أبدا".