احتدام الأزمة بين اسرائيل والاردن: نتنياهو يرفض المصادقة على طلب أردني لتوريد المياه

الجمعة 26 مارس 2021 07:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
احتدام الأزمة بين اسرائيل والاردن: نتنياهو يرفض المصادقة على طلب أردني لتوريد المياه



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: عاموس هرئيل     "لم يستجب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لطلب أردني لتوريد المياه من إسرائيل على خلفية أزمة المياه في المملكة، ولم يصادق نتنياهو على الطلب رغم مصادقة اقتراح المهنيين في جهاز المياه في إسرائيل وفي جهاز الأمن على الطلب. مقاربته تعكس عمق الأزمة بين الدولتين، التي تبدو أيضاً كمواجهة شخصية بين رئيس الحكومة والملك عبد الله.

احتدمت الأزمة بين إسرائيل والأردن في الأسابيع الأخيرة، بالأساس على خلفية قضية إلغاء زيارة نتنياهو للإمارات في الأسبوع الماضي، وبدأ التوتر الأخير حول زيارة مخطط لها للأمير الأردني الحسين إلى القدس. الأمير، وهو ابن الملك عبد الله، كان سيزور الحرم، لكن حدث خلاف حول ترتيبات الحراسة. وطالب الأردن أن يرافق الأمير عشرات رجال الحراسة من قبله الذين سيحمل عدد منهم بنادق وليس مسدسات. وبعد أن تم التوصل إلى تسوية مع الشبااك حول عدد رجال الحماية والبنادق، اندلع جدال آخر بخصوص رغبة الأمير في زيارة كنائس في المدينة خارج منطقة الحرم. وإزاء معارضة جهاز الأمن لذلك، قام الأردن بإلغاء زيارة الأمير.

لم يكتف الأردنيون بذلك، بل اتخذوا خطوة انتقامية عندما رفضوا في اليوم التالي المصادقة لنتنياهو على رحلة طيران مخططة إلى الإمارات بواسطة طائرة ركاب إماراتية كان من شأنها أن تهبط في مطار عمان. في هذه الأثناء، أعلن نتنياهو عن تأجيل زيارته بسبب مرض زوجته. وحسب تقارير نشرت في “معاريف”، غضب نتنياهو من الأردن، ورداً على ذلك قرر إغلاق المجال الجوي لإسرائيل أمام الطيران الأردني خلافاً لاتفاق السلام. وأجلت سلطة الطيران تنفيذ هذا الأمر إلى أن اقتنع نتنياهو بالتراجع عنه.

ولكن الآن تقول مصادر أمنية إسرائيلية وأردنية للصحيفة بأنها لم يكن الخطوة الوحيدة التي اتخذها رئيس الحكومة. فحسب اتفاق السلام، تحول إسرائيل للأردن وبصورة ثابتة مياهاً تسحبها من نهر الأردن. في الوقت نفسه، يطلب الأردن أحياناً إضافة، على خلفية شح الأمطار في بعض المواسم. وغالباً ما تستجيب إسرائيل لهذه الطلبات بدون أي مشكلة. تم تقديم الطلب الأخير هذا الشهر، وناقشته لجنة المياه المشتركة للدولتين، التي انعقدت في الأسبوع الماضي. ورغم توصيات المستويات المهنية إلا أن نتنياهو وهيئة الأمن أخّروا بتأخير الرد، بصورة تدل على نية الرفض.

وعبرت مصادر إسرائيلية ذات اتصالات وثيقة مع الأردن، عن قلقها من خطوة نتنياهو. وحسب رأي المصادر، فإن نتنياهو يعرض للخطر، وبشكل متعمد، استقرار اتفاق السلام على خلفية العداء الشخصي بينه وبين العائلة المالكة. ويتجاهل الأهمية الاستراتيجية الكبيرة للعلاقات مع الأردن. وذكرت المصادر بحقيقة أن الأردن يضع حماية مشددة على الحدود المشتركة ويوفر على الجيش الإسرائيلي تخصيص قوات كبيرة على طول الحدود لمنع اختراقات المخربين ومهربي السلاح.

الأردنيون غاضبون من إسرائيل لأسباب أخرى. اندلعت في المملكة مؤخراً موجة شديدة لفيروس كورونا. والأردن معني بأن تساعده إسرائيل في نقل التطعيمات، على الأقل عشرات آلاف الحقن التي ستساعد على تطعيم الطواقم الطبية. يحاول نتنياهو استخدام “دبلوماسية التطعيمات” وأن يرد المعروف بإرساليات إلى دول صديقة من سان مارينو وحتى غواتيمالا. في حين غاب مكان الأردن عن القائمة بقرار من رئيس الحكومة.

لقد تم اقتباس نتنياهو مؤخراً حيث قال: “الأردنيون بحاجة إلينا أكثر مما نحن بحاجة إليهم”. يختلف جهاز الأمن مع ذلك، ويعتبر الأردن حليفاً مهماً لأمن إسرائيل.

عالقون في القناة

إن النتائج شبه النهائية للانتخابات قبل الإعلان الرسمي، تلخص في هذا الصباح جولة انتخابية رابعة بدون حسم واضح. كما يبدو كل شيء مفتوح، لكن شبه التعادل بين الكتلتين سيصعب على تشكيل حكومة جديدة ومستقرة. التعادل سيرسل الدولة إلى فترة أخرى طويلة من مصارعة سياسية، التي قد تنتهي إلى جولة انتخابية خامسة.

إسرائيل ووجهها نحو الشلل الآن، وحلفاؤها وجيرانها وخصومها يراقبون الاضطرابات السياسية فيها باهتمام. وقد نشفق على المسؤول عن هذا المكتب في مجلس الأمن القومي في واشنطن، أو على رئيس القسم الإسرائيلي في جهاز المخابرات المصرية، اللذين سيضطران الآن إلى الشرح للمسؤولين عنهما عن تعرجات الطريقة الإسرائيلية، وليس طريقة تجميع الموصين لدى الرئيس هي التي تثير الاستغراب، بل أيضاً المرونة الفكرية التي تسمح لليكود بالتذمر من خصومه الذين يعتمدون على دعم الأحزاب العربية، بينما هم يفعلون الشيء نفسه بالضبط.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو الذي جعل النظام السياسي عالقاً منذ سنتين، بالضبط مثل السفينة المصرية التي تغلق منذ بضعة أيام الملاحة الدولية في قناة السويس. ولكن نتنياهو نفسه عالق في هذه الأثناء في الحكومة الانتقالية مع وزير الدفاع، بني غانتس، الذي فاجأ بحملة فعالة ونجا أيضاً في جولة الانتخابات الأخيرة. نتنياهو كان يأمل تحقيق فوز واضح، يمكنه من إقصاء غانتس عن الصورة، ويثبت حقائق جديدة، لكن النتائج شوشت خطته.

حتى لو شكل تحالفاً، سيقف نتنياهو أمام تحديات كبيرة على رأس “كابنت” متطرف وعديم التجربة، يعتبر فيه الوزير آريه درعي الشخصية المجربة والمعتدلة الوحيدة.

ذكريات من العام 2006

إذا تم أخيراً تشكيل حكومة تغيير أيضاً فإنها ستقف أمام تحديات استثنائية. ويمكن على الأقل في مرحلة المفاوضات الائتلافية، توقع ضجة أبواق في الشبكات الاجتماعية في محاولة للاحتجاج على شرعية العملية. وبعد السابقة التي وضعت في تل الكابتول بواشنطن في كانون الثاني الماضي، من الصعب في إسرائيل استبعاد حدوث أعمال عنيفة هدفها زرع الخوف في قلب زعماء المعسكر المقابل.

بعد ذلك، قد تكون هناك نداءات تحد من الخارج. نتنياهو خصم الجيران والأعداء تعلموا قراءته. أقام مع الكثيرين منهم شبكة علاقات مباشرة وغير مباشرة على مدى سنوات تحت الرادار. وكما قلنا، حكومة جديدة قد تغري الخصوم على اختبار قدرتها. هذا ما حدث مع إيهود أولمرت بعد بضعة أشهر على تسلم منصبه في 2006 عندما انجر بغطرسة وتهور وراء استفزاز “حزب الله”. ما بدأ بخطاب تشرتشلي، مليء بالثناء في الكنيست، سرعان ما انتهى بلجنة تحقيق حول إخفاقات حرب لبنان الثانية.

وهي تطورات سياسية سينتظرها كبار المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي بعصبية معينة أيضاً، فرئيس الأركان، افيف كوخافي، ينتظر منذ سنتين المصادقة على خطته “تنوفاه”، التي حركت موارد الجيش، لكنها ما زالت بحاجة إلى دعم كبير من الحكومة. والفجوة الاقتصادية التي تركتها أزمة كورونا خلفها ستصعب عليه أكثر الحصول على ما يريده. ورئيس الموساد، يوسي كوهين، قد ينهي منصبه في حزيران وينتظر المصادقة النهائية لمندلبليت على تعيين بديله د. رئيس الشاباك، أما نداف أرغمان فلم يحدد بعد وريثاً له، رغم أن فترته ستنتهي في أيار القادم.

كل حكومة، سواء يمينية أو يسارية، سيكون عليها معالجة أزمات تتدحرج في الخارج، في حين أن عداء كبيراً يغلي في الداخل بين المعسكرات الداخلية. وسنذكر، من خلال البث المستمر عشية الانتخابات، تلك المسرحية القصيرة “أرض رائعة” التي يوصي فيها شاؤولي (آسي كوهين) بحرب أهلية كحل لجميع مشكلات إسرائيل. نأمل بأننا ما زلنا بعيدين عن ذلك، لكن الخارطة السياسية بالتأكيد تنقسم إلى كتل متعادية، والتحرك بينها هو بالحد الأدنى. هذا نوع من اللبننة للسياسة الإسرائيلية باستثناء عدم وجود السلاح.