هآرتس تكتب...

المؤرخ الإسرائيلي طاوب: إلى متى ستظل تحمل أساطيرك المتعفنة وتقول "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"؟

الجمعة 26 مارس 2021 05:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
المؤرخ الإسرائيلي طاوب: إلى متى ستظل تحمل أساطيرك المتعفنة وتقول "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: شاؤول ارئيلي      "النقاش الذي يديره غادي طاوب مع مني ماوتنر على صفحات “هآرتس” (“ماوتنر، حول هذا كان يجب أن يكون النقاش”، “هآرتس”، 19/3)، يدل على أنه لم يتعلم شيئاً ولم ينس شيئاً منذ الخط الذي طرحه في المقال الذي نشره بعنوان “أسطورة كل – شيء يتعلق – بنا” (“هآرتس” 6/7/2018): هو يستل ما ظهر له كـ “أوراق رابحة” في مناقشة من يتحمل المسؤولية عن استمرار النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. هذه ليست سوى أساطير من التاريخ الجغرافي الإسرائيلي الذي أعيدت كتابته عن النزاع، وهي تثقل على مستوى النقاش وتلقي بظلال شديدة على أسس الوقائع التي يبني عليها طاوب حججه. ومثلما في كل أسطورة، ينسج طاوب الحقيقة داخل الكذب ليلوّن الواقع المعقد بالأسود والأبيض. يقول إن “رفض الفلسطينيين يتحمل المسؤولية عن استمرار وجود الاحتلال”، وهذه المقاربة تساعد على تجنيد تأييد تخليد النزاع والاحتلال في أوساط الجمهور الذي لا يعرف التاريخ. سأتطرق لعدد من الحجج البارزة.

أرض قفراء وخالية. يدعي طاوب أنه “يمكن التذكير بأن عدداً كبيراً من العرب الذين كانوا في أرض إسرائيل في 1948 هاجروا إلى هنا في أعقاب زخم التطوير الذي جلبه الطلائعيون اليهود والانتداب البريطاني معهم. وبالكلمات المعروفة المنسوبة لإسرائيل زينغفيل: “شعب بلا أرض إلى أرض بلا شعب”. بهذا ينضم طاوب إلى بنيامين نتنياهو الذي قال في مؤتمر في أيلول 2017 بأنه “إلى ما قبل سنوات غير كثيرة، كانت هذه البلاد قفراء متروكة”. وينضم إلى الحاخام شلومو افينار، تلميذ الحاخام تسفي يهودا كوك، الذي كتب في كانون الثاني 2009 بأن الفلسطينيين بمعظمهم هم “جدد جاءوا منذ فترة قريبة، قريباً من حرب الاستقلال”.

أولاً بالنسبة للأرقام: في التعداد الذي أجراه البريطانيون عند بداية الانتداب في 1922 تم في البلاد إحصاء حوالي 700 ألف عربي. فلسطين – أرض إسرائيل الانتدابية لم تكن فارغة، بل كان فيها اكتظاظ يصل إلى 27 نسمة لكل كيلومتر مربع. وقد كانت من البلاد المكتظة من بين الدول العربية وكانت الثانية بعد لبنان. الآن، بعد مئة سنة، ورغم أن سكان العالم ازداد عددهم بتسعة أضعاف، إلا أن اكتظاظ السكان في دول مثل كندا وأستراليا وآيسلندا وليبيا ومنغوليا، أقل من أربعة أشخاص لكل كيلومتر مربع، ولا أحد يقول إن هذه الدول فارغة من الشعوب.

في الـ 25 سنة للانتداب زاد عدد السكان العرب ووصل إلى 1.3 مليون شخص، حسب ما نشره في 1947 يعقوب شمعوني، الذي كان المسؤول عن المكتب العربي في منظمة الهاغاناة، و 15 – 20 في المئة فقط من الزيادة في عدد السكان العرب كان مصدرها الهجرة. بين 70 – 100 ألف شخص. وحسب تقرير اللجنة الأنجلوأمريكية عام 1945، ازداد عدد السكان المسلمين في الأعوام 1922 – 1945 من 589 ألفاً إلى 1.160.000، منهم فقط 4 في المئة نسبوا إلى الهجرة. نبع أساس الزيادة من التكاثر الطبيعي، التي كانت من النسب الأعلى في العالم، ضمن أمور أخرى، بسبب ارتفاع كبير في معدل الحياة.

ثانياً، الجانب القيمي. زاد عدد السكان العرب في فترات الهجرات الصهيونية (1881 – 1948) 170 في المئة. وهي نسبة أقل من المتوسط في الدول العربية الأخرى، وأغلبية هذه الزيادة كانت بسبب التكاثر الطبيعي. وازداد عدد السكان اليهود في نفس الفترة 3.090 في المئة، الأغلبية كانت من الهجرة. لماذا كان مسموحاً لليهود الهجرة إلى أرض إسرائيل فيما اعتبرت هجرة العرب مرفوضة؟

عرف زعماء الصهيونية الواقع كما هو. وكتب إسرائيل زينغفيل في 1905: “أرض إسرائيل نفسها مأهولة”. وكتب دافيد بن غوريون في 1918: “أرض إسرائيل ليست أرضاً خالية من السكان… يعيش في غرب الأردن تقريباً ثلاثة أرباع مليون”. وكتب يوسف حاييم برنر في 1919: “يجب على شبابنا في أرجاء العالم أن يعرفوا الآن الحقيقة عن أرض إسرائيل.

المطلوب أن يعرفوا أن هذه البلاد فقيرة، مسكونة من قبل آخرين في كل مكان يمكن أن تفعل فيه شيئاً”. يوسف الياهو شالوش، ابن أحد رؤساء الطائفة السفاردية في يافا، كتب في 1921: “لنقل الحقيقة المرة والمرعبة… الدعاية الصهيونية وصفت البلاد بأنها صحراء قاحلة، ولا يعيش أحد فيها”. وكتب موشيه ديان في 1969: “لقد جئنا إلى هنا، إلى هذه البلاد التي كانت مسكونة بالعرب، ونقيم هنا دولة عبرية يهودية. لا يوجد مكان واحد لم يقم بدلاً مما كان يشكل قرية عربية سابقة”.

اليهود جلبوا التقدم. قال العالم الجغرافي دافيد غروسمان إنه ومن ناحية تجارية، عرفت أرض إسرائيل تطوراً بارزاً في الثلاثين سنة التي سبقت الهجرة الأولى كنتيجة لزيادة دراماتيكية في عدد الحجاج، في أعقاب الاتفاقات بعد انتهاء حرب القرم (1953 – 1956) وفتح قناة السويس. فرع الحجاج ضخ الأموال في البلاد وخلق ضغطاً على السلطات العثمانية لتحسين الطرق والمواصلات وزيادة نجاعة الأجهزة البيروقراطية والاهتمام بالأمن الشخصي. بفضل ذلك، تم شق الطريق بين يافا والقدس في 1869، وتم مد سكة حديد في 1892. وفتح قناة السويس في 1869 عمل على تحسين قدرة التصدير أيضاً، وأعطى دفعة كبيرة لزراعة الحمضيات في العقد الذي سبق الهجرة الأولى.

إلى حين انتهاء الحرب العالمية الأولى، بقيت البلاد مجالاً للزراعة البدائية والصناعة الخفيفة. من بين موجة هجرة كبيرة لملايين اليهود الذين خرجوا من أرجاء أوروبا وصل نحو 100 ألف شخص فقط إلى أرض إسرائيل (معظمهم لم يبقوا فيها). وقد سكن معظمهم في المدن المختلطة، كان يوجد هناك عمل لليهود. في فترة الانتداب وفرت السلطات البريطانية، معظم التشغيل بواسطة مشاريع بنية تحتية عامة كبيرة، خططت ونفذت بعد الحرب. استدعت هذه المشاريع انتقاداً شديداً من عرب البلاد الذين قالوا إن أموال ضرائبهم تُبدد على “إيجاد حل لمشكلة البطالة اليهودية”.

في هذه المرحلة اعتبر اليهود بالأساس كمن يشكلون العبء على اقتصاد البلاد وليس عاملاً لإشفائه. وفي السنوات التالية لم يكن الواقع مختلفاً كثيراً، ففي أعقاب الركود الاقتصادي العالمي في بداية العشرينيات والذي كان نوعاً من موجة أزمة قبل الأزمة الكبيرة في العام 1929، تجندت الهستدروت في صيف 1927 من أجل إيجاد حل عملي لأزمة التشغيل: وبمساعدة أموال الصناديق الوطنية والقروض من حكومة الانتداب تم فتح عدة مصانع جديدة، وتم عرض أعمال مختلفة على العاطلين. وهو تحسن شعروا به بعد سنة تقريباً، لكنه ظل علاجاً للظواهر وليس ثورة، أو حتى ليس انقلاباً.

إن إسهام اليشوف العبري بدأ فقط عند مجيء الهجرة الخامسة (1930 – 1939)، وتطوير الصناعة وميناء تل أبيب وغيرها، لكن أساس الإسهام في تطوير الاقتصاد (في هذه النقطة طاوب محق) منحته ماكينة الحرب البريطانية.

لا يوجد شعب فلسطيني. يسأل طاوب بصورة بلاغية “أي شعب سكن هنا (مئات السنين) إذا كانت الهوية الوطنية الفلسطينية قد ولدت فقط رداً على الصهيونية؟”. هكذا هو ينضم إلى غولدا مئير التي قالت في 1969: “عندما هاجرت إلى البلاد لم يكن هناك شعب فلسطيني”، وينضم إلى بتسلئيل سموتريتش الذي صرح في 2015 بأنه “لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، نقطة”. وإلى يهودا هرئيل الذي كتب بعد سنة “أقول: لا يوجد شعب فلسطيني”.

وأكد المستشرق يهوشع (شوكه) بورات، على أن الهوية الوطنية لعرب إسرائيل الفلسطينيين تطورت رداً على وعد بلفور. ولكن ثمة جواب واضح عن سؤال: أي شعب كان يعيش هنا مئات السنين؟ في الـ 1300 سنة الأخيرة، منذ احتلال البلاد في القرن السابع، كان الشعب العربي يعيش هنا. هكذا تمت الإشارة وبحق في الرأي الذي قدمه لونستون تشرتشل في أثناء زيارته للبلاد في آذار 1921: “تواصل تاريخي من العام 634 وتواصل في الحكم (باستثناء الفترة الصليبية والعثمانية) مع سيادة اللغة والثقافة (العربية) بدون ذكر لثقافات أخرى”.

إن وعد بريطانيا لملك الحجاز، حسين بن علي، عام 1915 الذي يعادل في وزنه السياسي – القانوني وعد بلفور، بأن ستقوم مملكة للعرب في المناطق العربية للامبراطورية العثمانية بعد انتهاء الحرب، لم يتحقق. تم تقسيم الفضاء العربي إلى انتدابات ودول حسب المصالح البريطانية والفرنسية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. هكذا أقيمت للمرة الأولى فلسطين – أرض إسرائيل الانتدابية، بالضبط مثل كل دول المنطقة الأخرى. وإذا كان الأمر كذلك فيجب على المرء إكمال الادعاء (الصحيح) لغولدا مئير بأنه لم يكن هناك شعب فلسطيني حتى وعد بلفور، وسؤال طاوب إذا كان يعرف أي مواطن أردني أو لبناني أو عراقي أو تونسي أو جزائري، قد طور وعياً وطنياً منفصلاً بدرجة كبيرة قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى. لأن جميع هؤلاء اضطروا إلى الرد على التقسيم الاستعماري، لكن في حين حظيت هذه “الشعوب” بتقرير المصير، فقد حرم منه الشعب العربي في فلسطين بشكل متعمد، رغم أنه كان يتمتع بأغلبية تبلغ 90 في المئة من سكان البلاد، ويملك 90 في المئة من أراضيها الخاصة. في تقرير التقسيم كتب بصورة واضحة أن “مبدأ تقرير المصير لم يطبق على فلسطين، في الوقت الذي فرض فيه الانتداب في 1922، بسبب التطلع إلى التمكين من إقامة الوطن القومي اليهودي”.

المؤتمر الفلسطيني الثالث الذي عقد في حيفا في كانون الأول 1920 اتخذ قراراً يطالب الحكومة البريطانية بـ “تشكيل حكومة من أبناء البلاد تكون مسؤولة أمام مجلس تمثيلي، بحيث ينتخب الشعب الذي يتحدث اللغة العربية والذي يعيش في فلسطين حتى بداية الحرب، أعضاء المجلس، مثلما حدث في العراق وشرقي الأردن”. أي، تقرير مصير على أساس القوميات المدنية الغربية، الذي يرى كابن للأمة كل من يسكن بصورة قانونية في دولة حدودها تم تحديدها. من المهم التأكيد على أن “الشعب الذي يتحدث العربية” كان يضم مسلمين ومسيحيين ويهوداً وطوائف أخرى.

إسرائيل أعطت كل شيء، والفلسطينيون دائماً رفضوا. كتب طاوب أنه “يمكن أيضاً مناقشة رؤية القومية كنفي للآخر، التي تتجاهل أن الصهيونية وافقت على اقتراحات التقسيم التي طرحت في 1937 و1947، وبشكل متقطع بين العام 1993 وخطة ترامب”. هنا أيضاً أشار طاوب إلى نواة الحقيقة الموجودة في الأسطورة: الفلسطينيون رفضوا اقتراح لجنة بيل في 1937 (الذي لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل إلى ضم القسم العربي لشرق الأردن)، وقرار التقسيم من العام 1947. ولكن بمرة واحدة يضيف للرفض الفلسطيني عملية أوسلو ومبادرة دونالد ترامب. سننعش الذاكرة التاريخية. في 1988 اعترفت م.ت.ف للمرة الأولى بقرار التقسيم 181 الذي ينص على أن تقام دولة يهودية في أرض إسرائيل، وقرار 242 الذي يبقي للدولة الفلسطينية، بعد أن فك الملك حسين، ملك الأردن، الارتباط مع الضفة الغربية في تموز 1988، فقط 22 في المئة من مساحة أرض إسرائيل الانتدابية. طاوب وأمثاله يتجاهلون الانعطافة الدراماتيكية التي حدثت في حينه في موقف الفلسطينيين، على خلفية تغييرات جيوسياسية في المنطقة والعالم.

الفلسطينيون الذين تمسكوا منذ وعد بلفور بالخطاب الذي يقوم على حقوق أساسية وقالوا إنه تم سلب حقهم في تقرير المصير، أدركوا أن هذا الموقف، غير المقبول على المجتمع الدولي، قادهم إلى نكبة وإلى لجوء متواصل. فقد اضطروا رغم أنفهم إلى الانتقال إلى خطاب يقوم على الشرعية والقرارات الدولية. مثلما قال محمود عباس (في مقابلة مع قناة “العربية” في 2008): “لا نريد أن نفوت فرصة أخرى. بناء على ذلك، وافقنا على تقسيم 1948 و1967، الذي لا يشمل أكثر من 22 في المئة من أرض فلسطين التاريخية”. هذا الموقف أدى إلى الاعتراف المتبادل والإعلان الفلسطيني (1993) بأن “م.ت.ف تعترف بحق إسرائيل في الوجود بسلام وأمن، وتعترف بقرارات مجلس الأمن 242 و338”.

هذا التغيير لم ينبع من محبة مردخاي. واستخدام مفهوم “فلسطين التاريخية” يدل على أنهم، حسب رأيهم، قد تنازلوا عن الوطن مقابل دولة فلسطينية على مساحة 22 في المئة من وطنهم. النزاهة التاريخية تلزمنا بالإشارة، مع ذلك، إلى أن عروض واستعداد الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل لتقسيم البلاد لم تنبع من محبة إسماعيل، بل من الإدراك بأن الأغلبية العربية بين البحر والنهر لن تسمح بوجود دولة يهودية وديمقراطية حسب الحلم الصهيوني.

فعلياً، أول من أجرى مفاوضات حول الاتفاق الدائم كان إيهود باراك، في كامب ديفيد 2000 وفي طابا 2001. في المؤتمرين، رغم أن الفلسطينيين وافقوا على نزع سلاح دولتهم وعلى ترتيبات أمنية واسعة وعلى عدم تطبيق حق العودة، رفض باراك موقف الفلسطينيين وطلب بأن يضم لإسرائيل 8 – 13 في المئة دون تبادل الأراضي، وأن يبقي تحت سيادة إسرائيل شرقي القدس، وحتى الحرم.

في 2008، في مؤتمر أنابوليس، قلص عباس وإيهود أولمرت الفجوات، لكنهما لم يقوما بإغلاقها إلى أن اضطر أولمرت إلى الاستقالة. خلافاً لباراك الذي صك ادعاء “لا يوجد شريك”، عاد أولمرت وأكد في مقابلة في 2012 على أن “الفلسطينيين لم يرفضوا اقتراحاتي في أي وقت”.

حلم دونالد ترامب للسلام الذي طرحه في كانون الثاني 2020 يعدّ مهزلة لمحاولة إعادة تعريف لحل الدولتين، إسرائيل وفلسطين. الرئيس الأمريكي السابق تبنى بصورة واضحة رواية اليمين الإسرائيلي، ومنح أفضلية لمواقف إسرائيل في مسائل الأمن والقدس والمستوطنات واللاجئين، وأعطى تفسيراً مختلفاً عن الدارج لقرار مجلس الأمن 242، في تناقض مع قرارات أخرى للأمم المتحدة، وتجاهل ما تم إنجازه في جولات سابقة من المفاوضات. على سبيل المثال، تبقى مبادرة دونالد ترامب 93 في المئة من القدس الموحدة تحت سيادة إسرائيل، بما في ذلك 20 من الأحياء العربية والحرم وجميع الأماكن المقدسة. الفلسطينيون، حسب خطته، سيقيمون عاصمتهم في مخيمات اللاجئين أو في القرى الثلاث التي تم إخراجها خارج جدار الأمن، بل وسيطلب منهم الإعلان عنها بأنها “القدس”.

إن طاوب محق عندما يعلن: “انشغالي بالاحتلال غير استحواذي بما فيه الكفاية من أجل منحي شهادة استقامة من قبل المعسكر المتنور. هكذا، ليست لي حاجة إلى شهادة استقامة كهذه”. ولكنه مخطئ بخضوعه للاستبداد الآني والسطحي، الذي يميز الخطاب الإسرائيلي الذي يعتوره عدم الصدق التاريخي عند فحص العمليات والمواقف في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. وكمن يتفاخر بكونه بوقاً ثقافياً لليمين، كان يجدر به ترسيخ حججه أكثر على نواة الحقيقة في الأساطير وليس على عنصر الخيال فيها.

المؤرخ، كما يذكر محمد طالبي التونسي، ملزم بإجراء تحليل تاريخي صادق، “يمكن أن يحدث ثورة في عقليتنا… لأنه مثل قطع الأغصان الجافة والقبيحة التي تمنع النمو… وعندها يمكننا إعادة تشكيل شخصيتنا في الحاضر وزيادة حيويتها دون فصل أنفسنا عن ماضينا”. في حالتنا، يمكننا تبني أمور كتبها قبل عقدين المؤرخ مردخاي (موريلا) بار أون، الذي توفي في هذه الأيام. “اليوم بإمكان الإسرائيليين، بل ومطلوب وجدير بهم أن يحققوا في قضايا وأن يقوموا بقصها بالكامل، دون تشويه أو إخفاء أو نفي. إصلاح الروايات للتاريخ الجغرافي المجند من قبل الجيل الأول، أمر ضروري… ويمكن الجيل الجديد من أن يفهم بصورة صحيحة أكثر جوهر النزاع لدولة إسرائيل مع العرب”.