رحب المؤتمر الدولي حول "تعزيز المساءلة والمحاسبة الجنائية لجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة .. فلسطين نموذجاً" بقرار المدعية العامة للمحكمة بدء التحقيقات وقرار الغرفة لتمهيدية بالاختصاص المكاني الذي يدعم ما أكدته محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري 2004 والذي يمثل رصيدا إضافيا مهماً لحماية حق الشعب الفلسطيني في كامل أراضيه المحتلة في حزيران 1967، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية حقوقية، وقضية عدالة بامتياز لتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
كما أوصى المؤتمرون في ختام أعمال المؤتمر المنعقد بالعاصمة المصرية القاهرة، اليوم الثلاثاء، بالتأكيد على أن الصراع العربي مع سلطة الاحتلال لا ينتهي بتسويات أو ترضية مالية أو معنوية على نحو ما طرحته مبادرات مشبوهة، وأن الاصطفاف الوطني في مواجهة الاحتلال هو السبيل الأول الذي يضع المجتمع العربي والدولي أمام مسؤولياته نحو القضية الفلسطينية.
ونوهوا إلى أهمية التأكيد على أن أي خطوات فردية من الدول الكبرى تخالف قرارات الشرعية الدولية لا قيمة لها على المستوى الدولي، بصرف النظر عن مدى تأثيرها في غير أصحاب القضية، على غرار قرار الولايات المتحدة الأميركية بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، والتأكيد على أن ولاية المحكمة الجنائية الدولية هي مكملة للولاية القضائية الجنائية الوطنية، مع أهمية أن تمارس الدول اختصاصها الجنائي على الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية.
ودعا إلى البناء على الجهود السابقة للمجتمع المدني العربي والفلسطيني في إعداد ملفات قضايا ضد مجرمي الحرب من سلطات الاحتلال، والعمل على تلافي أي أخطاء قد ارتكبت في هذا الصدد، وبذل الجهود لحث الدول العربية والدول الحليفة من أجل دعم وتعزيز حماية المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها من حملات التهديد والترهيب من جانب سلطة الاحتلال والدول الحليفة لها. وكذلك حث المجتمع الدولي لمواجهة محاولات تسيس أعمال وتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية والاضعاف استقلاليتها.
ونظم المؤتمر، على مدار يومين، بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الانسان، وبالتعاون مع كل من الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بمشاركة 70 مشاركا ممثلين لنخبة من السياسيين، والقضاة، والخبراء العرب والفلسطينيين والدوليين في القانون الدولي والجنائي، وأكاديميين في العلوم السياسية وجهات رسمية من "وزارة الخارجية والمغتربين"، وتمثيل عن جامعة الدول العربية، واتحاد المحامين العرب، ومنظمات غير حكومية مصرية وعربية، وقيادات لمنظمات فلسطينية رائدة في مجال حقوق الإنسان، وإعلاميين، إضافة إلى مشاركات افتراضية عن بعد بسبب تعذر حضور مشاركة البعض نظرا للظروف العالمية التي فرضتها جائحة كورونا.
وشهد اليوم الثاني عقد الجلستين الثالثة والرابعة، وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان "سبل تعزيز الجهود لدعم تحقيقات المحكمة" برئاسة أستاذة العلوم السياسية نفين مسعد، وتحدث خلالها قاضي محكمة التمييز بالأردن محمد الطراونة عبر "زووم"، ومدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفلسطين عمار الدويك ومدير مركز الميزان لحقوق الإنسان – فلسطين سمير زقوت، وممثل نقابة المحامين الفلسطينية معتز قفيشة.
وأكد الطراونة أن الجانب الإسرائيلي يتسلح بفرض الأمر الواقع وشبكة علاقات دولية، مضيفا "نحن نريد الإنجاز والبناء على ما سبق".
وقال اجتماعنا بالقاهرة له دلاله كبيرة أن مصر لن تتخلى عن القضية الفلسطينية، ففلسطين معترف بها من 138 دولة حول العالم، مضيفا أن المعركة طويلة ولنا عبرة في التجربة المصرية في استرداد طابا كاملة.
وتابع "كلا من مصر والأردن عليهما دور محوري في القضية الفلسطينية، الأردن لأنها الجار والشقيق لفلسطين، ومصر لأنها دائما هي قلب العروبة النابض وهي الدولة الحاضنة لكل العرب".
وطالب الطراونة بإنشاء تحالفات عربية وتوحيد الجهود العربية، وتقديم الدعم لوفد الفلسطيني في إعداد المرافعات، موضحا أن إسرائيل تخشى المحكمة الجنائية بدليل أن لديها قائمة أسماء بنحو 250 اسما تحذرهم دائما من السفر إلى دول أعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية، وتعمل على شطب أسمائهم من القوائم.
وشدد الطراونة على أهمية وضرورة بعد المحكمة عن محاولات التسيس التي تتعرض لها، قائلا "نحن معركتنا قانونية بحتة دفاعا عن الحق، ونحن على استعداد أن نتقاضاه ونقاضي"، مع التأكيد على أهمية تفعيل النشرات الدولية والانتربول على الصعيد العالمي والعربي.
بدوره، أكد دويك أن التحرك الفلسطيني في الإطار الدولي ليس حديثا، مشددا على ضرورة مراجعة تشكيل اللجنة الوطنية الفلسطينية لمتابعة انضمام فلسطين للاتفاقيات الدولية وتفعيل دورها.
وطالب دويك بضرورة مراجعات التشريعات الفلسطينية بما يتواءم مع قوانين المحكمة الجنائية الدولية، وميثاق روما.
من ناحيته، قال زقوت "يجب أن نتوحد ونعمل كفريق عمل واحد حتى يسهل علينا اتخاذ القرار"، مضيفا أن "الاحتلال يحاول أن يتذاكى بإنشاء آليات ليثبت أنه متماشي مع النظام العالمي".
وتابع "يجب أن نشتبك مع تلك الآليات لنثبت فشلها"، مؤكدا "أصبح اليوم مثبت أنه لا يوجد نظام عدالة في إسرائيل".
وطالب زقوت بضرورة العمل على بناء تحالف عربي حاضن مستعد لتوفير الدعم المالي للمحكمة إذا جففت المنابع المالية لها وتوفير الخبرات ومحاولة التصدي للضغوط التي تتعرض لها.
وحذر قفيشة "من أن التعامل مع المحكمة صعب جدا ويحتاج إلى وقت كبير وجهد"، موضحا أن إعداد المذكرة سيستغرق أكثر من ثلاثة أشهر.
واعتبر أن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة هو جريمة تطهير عرقي ويجب العمل لاثبات ذلك.
وتناولت الجلسة الرابعة "تشكيل تحالف دولي لدعم جهود المساءلة والمحاسبة"، برئاسة صلاح سلام، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتحدث خلالها المدير التنفيذي للشبكة العربية للمؤسسات سلطان الجمالي، وأستاذ القانون الدولي حازم عتلم، وأستاذ القانون الجنائي أيمن سلامة.
وقال سلامة إن "فلسطين منذ عام 2008 أصبح لها مكانة هامة في توثيق الجرائم، ويجب استغلال "السوشيال ميديا" في هذا التوثيق، ويجب أن لا نغفل جهود الدول الأعضاء في المحكمة وضرورة التواصل مع تلك الدول ودعم المحكمة ومساعدة المدعي العام في إجراءات التحقيقات، ثم فإن المهمة ستكون عسيرة لأن إسرائيل لن تسهل عمل المدعي العام".
بدوره، اقترح الجمالي تشكيل فريق متابعة لوضع المهام وتوزيع الأدوار وخطة عمل لدعم الجهود أمام المحكمة الجنائية.