صحيفة إسرائيلية تكتب..

"أسد على غزة وأرنب أمام جهاز الأمن".. منذ متى كانت "العليا" الإسرائيلية "فارسة حقوق الإنسان"!

الأحد 21 مارس 2021 05:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
"أسد على غزة وأرنب أمام جهاز الأمن".. منذ متى كانت "العليا" الإسرائيلية "فارسة حقوق الإنسان"!



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: جدعون ليفي     "أضاءت منارة العدالة في إسرائيل مرة أخرى: قام قضاة محكمة العدل العليا بفتح سماء الدولة، وخرج شعب إسرائيل من العبودية إلى الحرية عشية عيد الفصح. اجتمع شمل الأهالي مع أولادهم، واجتمع شمل الأحفاد مع أجدادهم، وكل ذلك بفضل المحكمة العليا. ما الذي كنا سنفعله من غيرها؟ قام قضاة العدالة بغناء حول حقوق الإنسان وأنشدوا قصيدة الحرية: “لا توجد حاجة إلى قول المزيد من الكلمات عن أهمية الحق المعطى للمواطن للخروج من دولته. ولا يقل عن ذلك أهمية الحق في العودة إليها”، كتبت المحاربة من أجل الحرية، الرئيسة استر حيوت، وبشكل احتفالي. اتسع القلب فخراً، ما هذه الاستنارة وما هذه المشاعر العادلة وهذه الشجاعة. وقفت المحكمة أمام السلطة التنفيذية وتغلبت عليها.

لنترك جانباً تاريخ مجنوناً حول إغلاق سماء الدولة لشهرين، فعندما كانت سماء الدولة مفتوحة صرخوا: هذا تنازل، وعندما أغلقت صرخوا: هذا استبداد. “مفتوح، مغلق، مفتوح”، مثلما كان اسم كتاب يهودا عميحاي، معسكر “فقط ليس بيبي” سيصرخ بشجاعة دائماً. المحكمة العليا أوقفت الاستبداد. ولكن لحظة، لحظة، أهكذا تتصرف دائماً؟ أهي دائماً ما تقدس حق خروجك من بلادك والعودة إليها؟ معالي حناجر القضاة محجوزة للحالات التي يشعرون فيها بالثقة في عدم تعرضهم للأذى. هم أبطال كبار مقابل جهاز الصحة الضعيف. فجأة، تفوق قيمة الحرية الحق في الحياة، وفجأة يجب على الجميع حني الرؤوس أمام حقوق الإنسان.

يتصرفون بشكل مختلف أمام جهاز الأمن. الأمور نفسها ولكن بالعكس. فجأة، تخضع حقوق الإنسان والحرية للمسؤول عن الأمن، الذي يركع القضاة دائماً أمامه. كيف ارتجفت يد القاضي إسحق عميت عندما كتب عن “الضربات الدستورية العشر” التي أحدثتها كورونا، بمعرفته أن إسرائيل تلحقها جميعاً بالفلسطينيين. كيف لم يرف جفن للرئيسة حيوت عندما كتبت عن المس بمواطني إسرائيل، الذين لم يسمح لهم بالسفر. “مع كل التداعيات النفسية والعائلية والصحية والاقتصادية التي اكتنفت ذلك”، في الوقت الذي يعتبر فيه هذا الأمر روتين حياة ملايين الفلسطينيين. في نهاية المطاف، هذه هي المحكمة نفسها التي تصادق على أي نزوة لجهاز الأمن وعلى أي حكم وحشي تصدره إسرائيل.

غزة تحت الحصار منذ 15 سنة. وهناك، أيتها القاضية حيوت، “تداعيات نفسية واقتصادية”؛ آباء تم فصلهم عن أولادهم؛ ومرضى يمنعون من تلقي العلاج؛ وعمال يمنعون من كسب الرزق؛ وطلاب منعوا من التعليم – هؤلاء جميعاً ضحايا أجهزة الاحتلال، التي لا تتجرأ المحكمة على الوقوف في وجهها. وتصادق بسهولة على اعتقالات بدون محاكمة وهدم بيوت وإطلاق نار القناصة على متظاهرين غير مسلحين.

هي لا تحرك ساكناً أمام السماح للطلاب بالذهاب للتعلم، وتمنع المواطن مردخاي فعنونو من الخروج من البلاد. وتصمت أمام فعنونو عن جميع كلماتها السامية، وعن حقوق المواطن في الخروج من دولته، وعن الغزيين الذين يريدون الخروج من بلادهم. يتم استنساخ الكلمات الجميلة عن “التداعيات النفسية”. وأمام فلسطينيي الشتات الذين يريدون زيارة بلادهم أو العيش فيها يتم محو الكلمات السامية التي تتعلق بمن “وضعته الدولة في ضائقة في الدول المطلة على البحر”. هناك خبراء يحذرون من تداعيات فتح الأجواء، لكن المحكمة العليا تتجاهلهم، لأن ما يذعرها هو تحذيرات مندوبي الشاباك.

         من السهل رفع روح الحرية أمام جهاز الصحة، ويفهم القضاة في الأمن مثلما يفهمون في الأوبئة، لكن اعتبارات الخبراء في الطب يسهل عليهم رفضها خلافاً لاعتبارات رجال الأمن، ويجب حني الرؤوس بخنوع أمامهم دائماً. المحكمة التي تتراجع أمام جهاز الأمن هي محكمة غير متنورة، وهي جزء من الاستبداد، حتى لو اهتمت بأجواء مفتوحة للإسرائيليين. ماذا بشأن أجواء مفتوحة وحرية وحقوق الإنسان وحفاظ على القانون الدولي لمن هم تحت الاحتلال؟ من أجل ذلك، يحتاج القضاة إلى درجة أكبر من الشجاعة التي لا تتوفر لدى أي واحد منهم. تريدون فعالية قضائية؟ هذا جيد، لكن فلتكن في كل مكان بحيث لا تقتصر في المناطق السهلة على المحكمة الجبانة.