في مجمع فلسطين الطبي في رام الله، المكتظ بالمصابين بفيروس كورونا ينتظرون الحصول على الخدمة الطبية يقول أحد العاملين "أحيانا ننتظر وفاة أحد المصابين ليأخذ مكانه مصاب آخر من غرفة الطوارئ بسبب أزمة الأسرة" في إشارة إلى احتمالية انهيار المستشفيات الفلسطينية.
وأعلنت وزيرة الصحة مي كيلة الثلاثاء "أن الحالة الوبائية خطيرة ونسبة إشغال أسرة المستشفيات تتراوح ما بين 100% و102%".
وقالت كيلة خلال توقيعها اتفاقية لإنشاء مستشفى طوارئ جديد في ساحة مشفى رام الله يتسع لخمسين سريرا إن "معظم الأسرة مشغولة".
وفي الوقت الذي تكافح فيه السلطة من أجل احتواء الوباء وتوفير اللقاحات لمواطنيها، أنهت إسرائيل تطعيم أكثر من نصف سكانها البالغ تعدادهم تسعة ملايين نسمة.
والأربعاء، تلقى الفلسطينيون في الضفة الغربية دفعة أولى من لقاحات كوفيد-19 وفق آلية كوفاكس المخصصة للمناطق المحرومة.
وقال مصدر أمني إسرائيلي "وصلت حوالي 60 ألف جرعة من لقاحي فايزر وأسترازينيكا مخصصة للفلسطينيين في إطار برنامج كوفاكس إلى مطار بن غوريون في تل أبيب".
في قسم الطوارئ في مستشفى رام الله حيث يوجد 18 سريرا، من أصل 370 سريرا يحتويها المجمع الطبي وقد خصصت غالبيتها لعلاج المصابين بالفيروس، تستلقي الثمانينية الفلسطينية سُرية المصابة بالفيروس وتحاول جاهدة الاستنشاق عبر أنبوب الأكسجين بينما تعلو آهات المرضى في ممرات القسم.
وليس بعيدا من سُرية جلس رجل سبعيني على سريره في غرفة كانت مخصصة للإنعاش، وهو يستنشق الأكسجين وينظر من بعيد إلى المارة.
شهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعا مطردا في أعداد الإصابات بالفيروس بواقع نحو ألفي إصابة يوميًا.
سجلت الضفة الغربية المحتلة أكثر من 158 ألف إصابة و1770 وفاة، في حين أحصى قطاع غزة الفقير والمحاصر نحو 58 ألف إصابة و572 وفاة، وفق آخر حصيلة نشرت الأربعاء.
تحاول المستشفيات الفلسطينية احتواء الوضع الصحي، إذ عملت إدارات بعض المستشفيات مثل مجمع فلسطين الطبي في رام الله ومستشفى الهلال الأحمر في مدينة البيرة على تجهيز غرف متحركة (كرافانات) خارج المباني لاستيعاب أعداد الإصابات المتزايد.
وأمام مستشفى رام الله تقف ثلاثة كرافانات كتب عليها بأنها تبرع من أحد المحامين الفلسطينيين وقد خصصت للمعاينة الأولية للمرضى.
كما حولت إدارة المستشفى غرف الفحص الأولي إلى غرف طوارئ ومبيت للمصابين بالفيروس.
وقالت وزيرة الصحة في بيان سابق "وصلنا إلى الخط الأحمر".
وفي مستشفى دورا في الخليل جنوب الضفة الغربية، يقول المدير الطبي للمستشفى لوكالة فرانس برس، إن المستشفى يعيش حالة إرباك.
ويضيف "اليوم هناك 75 حالة في المستشفى بينهم 28 حالة في العناية المركزة على أجهزة التنفس و14 حالة في العناية المتوسطة وباقي الحالات في الأقسام".
ويشير إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمستشفى إلى ثمانين سريرا بدلا من ستين. ويؤكد ربعي على ضرورة "أن نجد حلولا أخرى (...) استقبلنا مؤخرا أكثر من خمسين مريضا، منهم من بقي ومنهم من استكمل العلاج في البيت".
وبحسب ربعي فإن المستشفى يعاني أيضاً من نقص في الكادر الطبي الذي يعمل ومنذ عام تحت الضغط ويعاني أفراده من الإرهاق وعدم الحصول على إجازات.
يبلغ عدد المستشفيات في الأراضي الفلسطينية 84 مستشفى ما بين عام وخاص، في حين تبلغ نسبة الأسرة إلى عدد السكان حوالي سرير ونصف لكل 1000 شخص، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء.
دفع الاكتظاظ الذي تشهده المستشفيات الفلسطينية والخوف من الموت نتيجة لذلك، المصابين بالفيروس إلى الامتناع عن التوجه إلى المستشفيات.
وشهدت عدة قرى ومدن فلسطينية حملات جمع تبرعات من الأهالي لصالح شراء أجهزة تنفس.
وفي بلدة سلواد الواقعة شمال رام الله، تبرع أهالي القرية الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية بأكثر من 50 جهاز أكسجين يصل ثمن الواحد منها 1000 دولار، في خطوة تهدف إلى بقاء المصابين داخل بلداتهم وتجنب توجههم إلى المستشفيات الرئيسية المزدحمة في المدن.
يقول رئيس بلدية سلواد أسامة حماد لوكالة فرانس برس " توفي نحو عشرة أشخاص من البلدة في مستشفي رام الله وشافيز (مستشفى هوغو تشافيز شمال شرق رام الله)، وبات المصابون الجدد بالفيروس يرفضون التوجه إلى هذه المستشفيات".
ويضيف حماد "أعلنا عن التبرع بأجهزة أكسجين للإبقاء على المصابين في البلدة وعلاجهم في العيادة المحلية بدلا من التوجه إلى المستشفيات الرئيسية والموت".
وقال "في البداية أعلنا عن حاجتنا إلى سبعة أجهزة، غير أن أهالي القرية تبرعوا بأكثر من خمسين جهازًا".
وأعلن الثلاثاء عن إغلاق البلدة التي يسكن فيها نحو عشرة آلاف نسمة، لمدة 48 ساعة، بسبب ارتفاع أعداد الإصابات إذ وصل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية إلى 75 إصابة.
وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت عن تعاقدها مع أربع شركات لتوفير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وحصلت السلطة الفلسطينية في وقت سابق على 12 ألف جرعة من اللقاحات المضادة لكورونا، عشرة آلاف منها أرسلتها روسيا بينما نقلت إسرائيل التي بدأت الأسبوع الماضي حملة لتلقيح 100 ألف عامل فلسطيني ممن يحملون تراخيص للعمل فيها أو في مستوطناتها بالضفّة الغربية المحتلّة، بتخصيص ألفي جرعة من لقاح موديرنا لهم.
وواجهت السلطة الفلسطينية الانتقادات داخليا حول آلية توزيع تلك اللقاحات.
يقول أحد العاملين في وزارة الصحة الفلسطينية - فضل عدم الكشف عن اسمه - لفرانس برس "لو بدأنا التطعيم في الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل لما كان لدينا أي مشكلة".
ويضيف: "الآن بعد أن قامت إسرائيل بتطعيم الفلسطينيين المقيمين فيها، والعمال الفلسطينيين، لم يعد هناك إمكانية لنقل العدوى لنا، بالتالي سيتركز الفيروس عندنا، لذلك فالشهور الثلاثة المقبلة مهمة جدا بالنسبة لنا".