يصادف الثامن من اذار اليوم العالمي للمرأة، والذي يجسد منبرا حرا لدعم ومساندة قضايا النساء والتي تشكل في مجملها أعباء مثقلة بالهموم والمسئوليات والواجبات، التي تحتاج لوقفة حقيقية ومحاولات لفهمها والتدخل لعلاجها فهي تحمل في مضامينها تهديدات ومخاطر قد تمس بالمجتمع وتوازنه واستقراره، فلا أحد يستطيع أن ينكر المرأة بما تشكل من حضور ومكانة اجتماعية ومركز للتأثير في كل مناحي الحياة، وبما تحمل من أدوار ومهام وقوة تأثير، وإن أخفتها العقلية الذكرية وبعض الموروثات والعادات والتقاليد البالية، التي ما زالت تنظر بدونية وتقزيم للنساء، برغم ما حققته من إنجازات ومساهمات عملية واجتماعية، وهنا لا بد ان نقف بمسئولية أمامها، فالمرأة ذلك الكائن العجب والمذهل بعطائها وتضحياتها وإخلاصها لمن حولها، فهي كالشمعة التي تحترق من أجل الاخرين وبطيب الخاطر، مواقفها بطولية بمساندة الرجل في المحن ومواجهة التحديات والمعيقات، فاجتهدت لتحولها لفرص تصنع منها سبل جديدة قابلة الحياة بتفاؤل وأمل، فهذه المرأة تستحق منا التقدير وأن ترفع لها القبعة وننحني احتراما واجلالا لها، وليس بالقول فقط وإنما بالعمل، فلو نظرنا للأدوار الفعلية للنساء لوجدنها الأساس في بنية المجتمع وتنشئة الاسرة، بالإضافة لأدوارها الاقتصادية والتنموية، وما نحن بصدد تسليط الضوء عليه في هذا المقال هو ارتباط الحرية والكرامة التي يناضل من أجلها شعبنا بكل مكوناته بهدف الوصول وهو يخوض معركة التحرر والبناء الوطني، وبناء الانسان والمجتمع بوعي وقيم نبيلة ومبادئ العدالة والأخلاق الحميدة وهي الأساس في تحقيق الكرامة والحرية.
كيف يمكن أن نتحدث عن الحرية والكرامة بدون المرأة، فهي من تربي الجيل وتساند الرجل في كل مراحل الحياة، قد نخدع أنفسنا ان أنكرناها وتركناها لمصيرها ولأعبائها بدون تدخل أو مساندة، فلحظة صدق نحوها تحمي المجتمع وتحفظ توازنه واستقراره، وأكاد أجزم ان معظم المشاكل المتعلقة بالنساء سببها سلوك الرجل أو ثقافة المجتمع المتخلفة والذكورية المستبدة التي تتجاهل حاجاتها ووجودها والتنكر لحقوقها، والذي ساهم بمزيد من الأعباء والضغوط عليها، وبالتالي انعكس على سلوكها وانفعالاتها وزاد من ردة الفعل السلبية لديها في التعامل مع بعض الأدوار، فانتج خلل في التوازن الاجتماعي، وأثقل عليها القيام بمسئولياتها ووظيفتها كأم وزوجة وعاملة وأخت .....الخ، ببساطة حولها ذلك لعصبية وحادة في تعاملاتها مع الاضعف منها ووضعها في حالة من التوتر والقلق والعجز من القيام بكل مهامها، لذا فهي تحتاج لدعم ومساندة من شريك الحياة حتى تستطيع اكمال رسالتها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية بانسيابية وبدون عوائق وتدمير لطاقاتها الإيجابية.....
افكر وأنا اكتب هذا المقال بإيجاز من أجل النساء باعتبارهن جوهر الكرامة الحرية، وأن على كل انسان عاقل أن يتقي شر سوء التصرف والتجاهل للحقوق، من خلال دعم المرأة ونصرتها وانصافها بالتعاون والمشاركة، فالزوج الذي يساعد زوجته ويخفف عنها ويشاركها أعبائها بصدق وبمسئولية، ينعكس ذلك إيجابيا على علاقته بها وبأسرته وأبنائه، وتكون علاقاتهم حميمية ودافئة، وهذا يؤسس لأسرة صالحة وسوية تمنح الحب لكل أفرادها بمصداقية وثقة مما يؤسس لمجتمع صحي وقوي ومتماسك بنسيجه الاجتماعي ...
لا أريد الاطالة فالفكرة تتلخص بأن المرأة عمود الخيمة، ومركز النضال والبناء للمجتمع، فهي محور عملية التنشئة الاجتماعية، فإن صلحت انتجت أبناء صالحين، وجيل قادر على حمل الأمانة ومؤمن بالحرية والعدالة والكرامة، وبأنها الأساس في تكوين الهوية والثقافة الوطنية، هكذا تبني الأمم والشعوب، وقد اثبتت التجارب ان المجتمعات التي تحترم النساء وتحافظ علي كرامتهن، مجتمعات متحرر ومتقدمة، وحققت الكثير من النجاحات والتقدم في كل مناحي الحياة، وصنعت أمجادها بإرادة وتعاون كل فرد في المجتمع بدون تمييز على أساس النوع الاجتماعي والجنس....
أخيرا مشاركة المرأة والتقاسم معها أعبائها هي الأولى من مشاركتها في راتبها وتجاهل همومها، والرجولة أن تدعمها وتخفف عنها بالمساعدة والتعاون، وتتحمل بعض مسئولياتها لتحصين المجتمع، من الامراض التي تنتجها العقلية الذكورية المتخلفة، والتي تقيد حرية المرأة وتمس بكرامتها، فلا تنتظر أن تتحقق الحرية والكرامة، والمرأة التي تشكل نصف المجتمع وهي المسئول عن النصف الاخر مقيدة الحرية ومسلوب الكرامة والإرادة، وتعيش كالماكنة بدون مشاعر أو عواطف تضبط انفعالاتها وسلوكها، فلا حرية ولا كرامة بدون المرأة .....
الي كل النساء في العالم والماجدات في فلسطين، والامهات والاخوات والشريكات والزميلات والمناضلات ولكل المسميات التي تحملها النساء في العالم وفلسطين، عاش الثامن من آذار، عاشت نضالات الحركات النسوية، فكل عام وأنتن والوطن بألف خير ...