قالت مصادر مطلعة في العاصمة الأميركية إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ليست متحمسة لانعقاد الانتخابات الفلسطينية، وتنظر إلى احتمال انعقادها بفتور، فيما أكدت مصادر رسمية أن الإدارة الجديدة تتمسك بالموقف الأميركي التقليدي الذي ينص على ان الخيار الديمقراطي هو شأن فلسطيني وضرورة " قبول المشاركين في العملية الديمقراطية للاتفاقات السابقة - أوسلو - ونبذ العنف والإرهاب والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود".
وقال مصدر مطلع لـ"القدس" "إن هناك تردداً بشأن الانتخابات، خاصة أن التجربة السابقة أظهرت قوة التيارات "المتشددة" مثل "حماس"، وتراجع شعبية القوى العلمانية مثل "فتح" التي خسرت الانتخابات" على حد تعبيره.
وبحسب المصدر نفسه، فإن إدارة بايدن تنظر إلى تحليلات عدد من الخبراء في واشنطن الذين يعتقدون أن "القوى الوطنية والعلمانية تتجه نحو خسارة أكيدة في حال انعقاد انتخابات حرة ونزيهة".
ويقول المصدر إن هؤلاء الخبراء يعتقدون أن "أصوات فتح ستتقسم بين المسار العام الذي يمثله الرئيس محمود عباس، ومسار محمد دحلان، والآن، التيار الثوري في حركة "فتح" الذي يمثله القيادي الفلسطيني المعتقل مروان البرغوثي الذي أعلن أنه سيخوض الانتخابات، والحقيقة –بحسب كل التقييمات- أن البرغوثي قادر على جمع أصوات قاعدة متحمسة وقوية في حركة فتح".
ويعتقد المصدر أنه في حال فوز البرغوثي سيشكل ذلك حرجاً كبيراً للولايات المتحدة والأوروبيين ومعظم الدول العربية التي ترى في الرئيس محمود عباس "قوة مألوفة ومعروفة في نهجها الذي لا يختلف كثيراً عن نهج الدول الأعضاء في الجامعة العربية".
ويضيف: "حركة حماس تريد أن تخوض الانتخابات مقتنعة أنها ستفوز، ولها الكثير من التأييد بما يسمح لها توقع ذلك، وفي حال فوزها، فإنها ستسيطر على المؤسسات الفلسطينية، بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية، وقد تتراجع عن الاتفاقات المبرمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ودول أُخرى، ما يشكل مأزقاً يعرقل العودة إلى مفاوضات فلسطينية إسرائيلية مباشرة، أو تحت الرعاية الأميركية."
وقال المصدر "ان هناك ايضا تساؤلات جوهرية لدى الخبراء، ومن أهمها ما يتعلق بحالة فوز فتح والرئيس عباس بهذه الانتخابات فهل ستتخلى حماس عن سيطرتها على قطاع غزة؟ وهل ستتخلى عن السيطرة على الأمن فيها لصالح السلطة الفلسطينية؟ وماذا بشأن باقي التنظيمات المتحالفة مع حماس؟"
ولذلك، يقول المصدر: "عندما تسنح الفرصة سوف تعلن إدارة بايدن توقعها أن القوى السياسية الفلسطينية التي تخوض الانتخابات، وقد تفوز بها، ملزمة بإعلان تمسكها بالاتفاقات الثنائية (بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل)، والاتفاقات المتعددة الأطراف، مثل اتفاقات أوسلو وما لحقها من اتفاقات".
ورد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية على أسئلة "ے" بهذا الشأن امس، شريطة عدم ذكر اسمه، بالقول: "ندرك أن الرئيس عباس أصدر في 15 كانون الثاني مرسوماً انتخابياً لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية في أيار وتموز على التوالي. وبحسب ما نفهمه الآن، فإن المناقشات جارية حول عدد من القضايا المتعلقة بإجراء الانتخابات مع تقدم الاستعدادات".
وأوضح المسؤول: "إن إجراء انتخابات ديمقراطية أمر يقرره الشعب الفلسطيني. ونسجل أن الولايات المتحدة والشركاء الرئيسيين الآخرين في المجتمع الدولي كانوا منذ فترة طويلة واضحين بشأن أهمية قبول المشاركين في العملية الديمقراطية للاتفاقات السابقة ونبذ العنف والإرهاب والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود".
يشار إلى أن عدداً من الخبراء في واشنطن يفسرون قرار الرئيس محمود عباس بشأن الانتخابات بأنه "إيماءة حسن نية للإدارة الأميركية الجديدة، التي من المحتمل أن يكون لديها وقت أسهل في التعامل مع القيادة الفلسطينية التي تتمتع بشرعية أكبر في الداخل بعد عقد ونصف من دون انتخابات". لكن رد البيت الأبيض على المبادرة كان باردًا، وبصمت شبه تام - يختلف اختلافًا جذريًا عن الفترة التي سبقت آخر مرة أجريت فيها الانتخابات الوطنية في 2005-2006، عندما كانت إدارة بوش واحدة من أكبر المشجعين للمبادرة رغم معارضتها في البداية.
يشار إلى أن إدارة بايدن في الأسابيع الثلاثة الأولى من وجودها في البيت الأبيض لم تُعر اهتماماً علنيّاً لما يحدث بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كما أن بايدن لم يتصل بعد بالرئيس محمود عباس أو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.