أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الاثنين، عن قلقه البالغ إزاء فرض السلطات القضائية في قطاع غزة قيودًا على السفر تستهدف النساء والذكور غير المتزوجين.
وأكد المركز في بيان له، أن القرار يشكّل مخالفة صريحة للقانون الأساسي الفلسطيني والمواثيق الدولية ذات الصلة، وانتهاكًا واضحًا للحق في السفر.
وذكر المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف، أنّ المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في قطاع غزة أصدر أمس الأحد 14 فبراير/شباط 2021، تعميمًا قضائيًا يحمل رقم (01/2021) بخصوص المنع من السفر، إذ تضمن أربعة بنود لحالاتٍ مختلفة فُرضت عليها قيود تتعلق بالحق بالسفر طالت الذكور والإناث على حدٍ سواء.
وعبّر الأورومتوسطي عن تفهّمه للقيود الواردة في المادة الأولى من التعميم التي نصّت على "يُمنع الأب من السفر بأولاده القاصرين والمشمولين بحضانة النساء بلا رضا حاضنتهم وفي حال رضاها يتم عمل حجة عدم ممانعة من سفر لدى محكمة أول درجة حسب الأصول"، كونها تتعلق بالأطفال القاصرين وتراعي حماية الأطفال وحضانة أمهم لهم، ومنع أحد الآباء من التصرف في سفرهم منفردًا.
وانتقد الأورومتوسطي المادة الثانية من التعميم والتي نصّت على "إذا انتقلت حضانة القاصرين والمشمولين بحضانة النساء إلى الأب الذي طلق زوجته وتزوجت بأجنبي ولم يوجد من ينتقل إليها حق الحضانة جاز للأب أن يسافر بأولاده إلى أن يعود حق أمهم أو من يقوم مقامها في الحضانة بشرط حصوله على إذن من محكمة أول درجة على أن تتبع الإجراءات المنصوص عليها في التعميم القضائي رقم 1/2020 م الصادر بتاريخ 30-1-2020"، إذ إنّها تُسقط حق الأم باستضافة ومشاهدة أطفالها بسبب عدم حضانتها لهم، وهو ما يتعارض مع التعميم السابق الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي رقم (22/2010) والذي أقرّ بحق الأم بمشاهدة واستضافة أطفالها الذين ليسوا في حضانتها، فضلاً عن أنّ المنع الوارد في المادتين الثالثة والرابعة، يتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني المعدّل، كونها تنطوي على الحرمان والتمييز.
وبيّن أن المادة الثالثة، والتي تنص على "جواز منع الولد الذي تجاوز الثمانية عشر سنة ميلادية من السفر من قبل أحد الأبوين والجد للأب إذا كان يترتب على سفره ضرر محض بإقامة دعوى قضائية لدى المحكمة المختصة"، تخالف القانون الأساسي الفلسطيني، والمواثيق الدولية التي نصت على أنّ الأشخاص الذين تجاوزوا هذا السن (18 عامًا) أشخاص راشدون يتمتعون بالأهلية الكاملة، وبالتالي لا يجوز تقييد حريتهم وحقوقهم بما في ذلك الحق في السفر، مشيرًا إلى أنّ المادة تضمنت مصطلحًا فضفاضًا ومبهمًا كـ"الضرر المحض"، ما يمكن تفسيره لمصلحة تقييد هذا الحق.
وقال: إنّ المادة الرابعة من التعميم والتي نصّت على "منع سفر الأنثى غير المتزوجة بكرًا أو ثيبًا دون الحصول على إذن وليها العاصب، ولوليها أن يمنعها من السفر إذا كان في سفرها ضرر محض أو وجدت دعوى قضائية بينهما تستلزم المنع من السفر على أن تتبع الإجراءات المنصوص عليها في التعميم القضائي رقم (1/2020) الصادر بتاريخ 30/1/2020"، تنطوي على تمييز واضح ضد المرأة، إذ يُفرض عليها الحصول على إذن وليها قبل السفر، وهو ما يعني تقييد حقها المكفول قانونًا في حرية السفر.
وأكد الأورومتوسطي أن القانون الأساسي يسمو على التعميمات القضائية، فلا يجوز إصدار تعميم قضائي يحمل في طياته مخالفات صريحة للقانون الأعلى في البلاد، فضلاً عن أن التعميم يقيد الحق في التنقل، وهو من الحقوق الأصيلة المكفولة في القانون الأساسي والقوانين الدولية على حدٍ سواء.
ولفت إلى أنّ القانون الأساسي الفلسطيني كفل حق المواطنين في التنقل والسفر، حيث نصت المادة (11) منه على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس. كما لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقًا لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون". أما المادة (20) منه فقد أكدت على "حرية الإقامة والتنقل في حدود القانون".
وجاء العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ليؤكد على حرية الأفراد في التنقل والسفر دون تقيد أو منع، إذ نصت المادة (12) منه على "1- لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته. 2- كل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده".
وطالب المرصد الأورومتوسطي المجلس الأعلى للقضاء الشرعي بالعدول عن التعميم القضائي الأخير، كون بنوده تتعارض مع أصول القانون والحق المكفول للأشخاص في التنقل والسفر، كما دعاها إلى ضرورة مراعاة سمو القوانين والالتزام بالنصوص الواردة في القانون الأعلى في البلاد.
وحثّ السلطات الحاكمة في قطاع غزة على ضمان تطبيق واحترام مبادئ حقوق الإنسان، والابتعاد عن إصدار توجيهات أو تعميمات تمييزية تخالف القوانين المحلية والدولية ذات الصلة.