دد وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام يمكن أن يشكل نقطة تحول في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما فعل مؤتمر مدريد قبل ثلاثة عقود، وإطلاق مفاوضات الوضع النهائي على أساس المرجعيات والمعايير الدولية.
ودعا المالكي في كلمة فلسطين أمام مجلس الامن الدولي، مساء اليوم الثلاثاء، إلى إحياء اللجنة الرباعية وتعاونها مع الشركاء والأطراف، كذلك إلى استمرار الحراك في مجلس الأمن.
وأكد أن دعوة فلسطين للمشاركة المتعددة الأطراف ليست محاولة للتهرب من المفاوضات الثنائية، بل هي محاولة لضمان نجاحها.
وقال المالكي إن مسؤوليتنا الجماعية تتطلب انقاذ حل الدولتين على حدود ما قبل الـ1967، قبل فوات الأوان، مشددا على أن الوضع الراهن على الأرض وانعدام الثقة والإجراءات الأحادية غير القانونية التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال، هي الأسباب المعيقة في تحقيق السلام، إلا أنها يجب أن تكون حافزاً للمجتمع الدولي في التدخل في عملية سلمية ذات جدوى.
وأشار إلى أن الوضع الراهن يقود إلى دولة واحدة واحتلال دائم، مؤكدا ضرورة التحرك نحو إنقاذ حل الدولتين بعد أربع سنوات رسخت فيها إدارة ترمب قوة ونفوذ الولايات المتحدة لدعم أنشطة إسرائيل المخالفة للقانون وشجعتها على ترسيخ احتلالها وسيطرتها.
وقال المالكي: لا نطلب أكثر مما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة، ولن نقبل بأقل من ذلك، لا يمكننا قبول مستقبل من الجدران والحصار والإذلال والقهر.
وأضاف: لن ندخر جهداً في النهوض بدولة فلسطين المستقلة الديمقراطية ذات السيادة والقابلة للحياة والمتصلة جغرافياً على حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وسنفعل ذلك من خلال اللجوء إلى الوسائل السلمية فقط.
وشدد على ضرورة توفير الحماية الفورية لشعبنا، الذي يستحق الحق في الأمن كباقي الشوب الأخرى، إلى أن يحين الوقت الذي يمكننا فيه ضمان حمايتهم كدولة ذات سيادة.
وفيما يلي نص الكلمة:
سيدي الرئيس،
اسمحوا لي بداية أن أهنئ جمهورية تونس على رئاستها لمجلس الأمن، وأعرب عن تقديرنا لعقد هذا النقاش الرفيع المستوى، كما أتمنى لأخي وزير خارجية تونس، عثمان الجرندي ورئيس المكسيك السيد أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الشفاء العاجل، آملاً أن يشهد هذا العام نهاية للوباء. وفي هذا السياق، اسمحوا لي أن أشير بأن القوة القائمة بالاحتلال لم توفر للشعب الفلسطيني اللقاحات المضادة لفايروس كورونا حتى الآن، منكرة التزامها بواجبها كقوة قائمة بالاحتلال.
وأتوجه بالشكر لمعالي وزير خارجية روسيا السيد سيرغي لافروف، لمشاركته في الجلسة، وفي ظل الظروف الصعبة التي واجهتنا، اغتنم هذ الفرصة للإشادة بدور روسيا الرائد في اللجنة الرباعية الدولية وجهود الرئيس بوتين المتكررة لجمع الأطراف كافة. إضافة إلى ذلك أود أن أشكر كل من وزير خارجية ايرلندا والمكسيك والنرويج، زملائي الذين عملت معهم عن كثب لتعزيز السلام، كما أتشكر نائب وزير خارجية استونيا للمشاركة في هذا الاجتماع.
كما أهنئ السيد تور وينسلاد لاستلامه مهام المبعوث الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط. وأؤكد أننا نتطلع للعمل معه في مهمته الجديدة لتعزيز السلام العادل. كما أرحب بأخي أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، المناصر الدائم لعملية السلام.
كما أعرب عن تقديرنا للدول التي اختتمت فترة عضويتها في مجلس الأمن، وهي بلجيكا والجمهورية الدومينيكية وألمانيا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا، شاكراً إياها على التزامها بالقانون الدولي وإحلال السلام، وعلى دعمها الدائم لحقوق الشعب الفلسطيني. ونهنئ كلاً من: الهند وإيرلندا وكينيا والمكسيك والنرويج، ونتمنى لهم كل التوفيق أثناء توليهم مهامهم في هذا المجلس.
سيدي الرئيس،
بدأ العد التنازلي لانتهاء حل الدولتين، وقد يقول البعض أن الوقت قد انقضى، إلا أن مسؤوليتنا الجماعية تتطلب انقاذ حل الدولتين على حدود ما قبل ال 1967، قبل فوات الأوان.
يتساءل البعض عما إذا كان هذا الوقت المناسب لتحقيق السلام، لكن الوضع الراهن على الأرض وانعدام الثقة والإجراءات الأحادية غير القانونية التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال، هي الأسباب المعيقة في تحقيق السلام. إلا أنها يجب أن تكون حافزاً للمجتمع الدولي في التدخل في عملية سلمية ذات جدوى، خاصة وأننا نتفق جميعاً أن الوقت أوشك على النفاذ.
ما مقدار الثقة التي كانت موجودة عندما اجتمعت أطراف النزاع في مدريد قبل ثلاثين عامًا؟ ما مدى استعدادهم للتفاوض؟ ما مدى استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق شامير لصنع السلام؟ ما مدى رضا الفلسطينيين بعدم تمكن منظمة التحرير الفلسطينية من إرسال وفد خاص يمثلها؟ كيف كان شكل الوضع على الأرض؟ قرر العالم أن الوقت قد حان لحل هذا الصراع ولن يقبل "لا" كإجابة. أستطيع أن أقول لكم على وجه اليقين، لولا مؤتمر مدريد، لما كنا لنصل إلى أوسلو.
الإرادة من أجل السلام هو شيء نخلقه وليس شيئًا ننتظره، وأنا أعلم أنه لا يوجد نقص في الاستعداد حول هذه الطاولة وما وراءها لنشهد السلام يسود.
لذلك نكرر دعوتنا إلى حراك جماعي يعبئ المجتمع الدولي ويظهر عزمه على تحقيق السلام. وفي هذا السياق، ندعو إلى إحياء اللجنة الرباعية وتعاونها مع الشركاء والأطراف، وكذلك إلى استمرار الحراك في مجلس الأمن. كما نكرر دعوتنا إلى عقد مؤتمر دولي للسلام يمكن أن يشكل نقطة تحول في هذا الصراع، كما فعل مؤتمر مدريد قبل ثلاثة عقود، وإطلاق مفاوضات الوضع النهائي على أساس المرجعيات والمعايير الدولية. إن دعوتنا للمشاركة المتعددة الأطراف ليست محاولة للتهرب من المفاوضات الثنائية، بل هي محاولة لضمان نجاحها.
سيدي الرئيس،
هل يعتقد أحد هنا أن إسرائيل قد أسقطت بالفعل خططها للضم؟ أم أن الحقيقة هي أنها تضع اللمسات الأخيرة على تلك الخطط على الأرض ريثما نتحدث، وتقدم أكثر من 3000 وحدة استيطانية جديدة في الأسابيع القليلة الماضية وحدها، وتسرع في هدم منازل الفلسطينيين وتُهجر شعبنا، وتدعم عنف المستوطنين المتواصل على استفزازاته المتكررة لمشاعرنا باقتحامه للأماكن المقدسة وخاصة الحرم الشريف؟
لطالما كان هدف إسرائيل واحد: انتزاع أكبر مساحة جغرافية ممكنة من الأرض الفلسطينية بأقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين. نتيجة هذه السياسة المعروفة، يعاني ملايين الفلسطينيين من القمع والتمييز والعزل، ويحرمون من أبسط حقوقهم ومن السيادة على أراضيهم ومواردهم وحدودهم. من يقبل بذلك؟ نحن لا نستطيع. هل من الممكن أن تقبلوا بذلك؟ يبقى السؤال كيف يمكن إقناع إسرائيل باختيار السلام وليس الضم، أو على حد تعبير الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، السلام وليس الفصل العنصري.
في العام 2016، شددت الرباعية الدولية على الحاجة الملحة لخطوات تعكس التوجهات السلبية على أرض الواقع وهي: (منع ترسيخ واقع الدولة الواحدة، احتلال ونزاع دائم لا يتوافق مع تحقيق التطلعات الوطنية) للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. واستجابة لهذا التدهور السريع على الأرض، أصدر مجلس الأمن قرار 2334، كخارطة طريق لإنقاذ حل الدولتين وتحقيق السلام.
وأوضح الوزير كيري في خطابه أن سبب عدم لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض الفيتو، أن حل الدولتين هو مصلحة فلسطينية- إسرائيلية، ومصلحة إقليمية- دولية، وعلاوة على ذلك فأنه مصلحة أمريكية.
وشدد على أن "القرار الحاسم بشأن المستقبل -دولة واحدة أو دولتان- يتم فرضه على الأرض يومياً"، مشيرًا إلى أن "الوضع الراهن يقود إلى دولة واحدة واحتلال دائم، لكن معظم الجمهور إما يتجاهله أو فقد الأمل في إمكانية فعل أي شيء لتغييره"، مضيفًا أنه " ومع ردة الفعل السلبية هذه، تزداد المشكلة سوءًا، وتزداد المخاطر وتضيق الخيارات."
يأتي هذا التقييم لإبراز ضرورة التحرك نحو إنقاذ حل الدولتين بعد أربع سنوات رسخت فيها إدارة ترامب قوة ونفوذ الولايات المتحدة لدعم أنشطة إسرائيل المخالفة للقانون وشجعتها على ترسيخ احتلالها وسيطرتها، متجاوزة عقودًا من الدبلوماسية الأمريكية.
حتى أن ملايين اللاجئين الفلسطينيين، أكثر الفئات ضعفاً، لم يسلموا من إدارة ترامب، وذلك بعد سحبه التمويل الأمريكي عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، في سعيه إلى تدمير عمل الوكالة على الرغم من الإجماع الدولي على أهميتها، في كونها حجر أساس لا غنى عنه في انتظار حل عادل وشامل. ونتساءل اليوم، ماذا لو تم استخدام هذه الموارد الهائلة لتعزيز الحرية والعدالة والسلام وليس دعم الضم والفصل العنصري؟
سيدي الرئيس،
لقد كانت السنوات الأربع الماضية بمثابة اختبار لعزيمتنا جميعاً، وطغى التوافق الدولي. لقد وقف أعضاء هذا المجلس واللجنة الرباعية ومجموعة ميونيخ والمجتمع الدولي ككل ضد خطة الضم، وأكدوا من جديد دعمهم لحقوق الفلسطينيين، ودعم الأونروا، واستمروا في العمل من أجل سلام عادل ودائم. حان الوقت للشفاء وإصلاح الضرر الذي خلفته الإدارة الأمريكية السابقة.
هنأ سيادة الرئيس محمود عباس الرئيس جو بايدن على انتخابه وأعرب عن أمل الفلسطينيين في استئناف العلاقات والمشاركة الإيجابية. إننا نتطلع إلى عكس الإجراءات غير القانونية والعدائية التي اتخذتها إدارة ترامب والعمل معًا من أجل السلام. نرحب بقرار الإدارة الجديد بالانضمام إلى النظام الدولي القائم على القانون ونأمل أن تلعب الولايات المتحدة دورًا مهمًا في الجهود المتعددة الأطراف من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
سيدي الرئيس،
لسنا في وقت يستدعي الاستسلام بل وقت العمل الحازم. بدون مثل هذا الإجراء، لن يكون من الممكن عكس المسارات السلبية على أرض الواقع، مثل الاستيطان غير القانوني، ولا استئناف مفاوضات الوضع النهائي. حيث يرتبط تدهور الوضع على الأرض ارتباطًا مباشرًا بمحاولات طرف واحد للحكم المسبق على نتيجة المفاوضات وإملاءها، وتنفيذ الضم الذي من شأنه أن يقضي على أي احتمال لقيام دولة فلسطين ذات سيادة ومتصلة جغرافياً، بينما يتظاهر بقبول حل الدولتين.
هنالك العديد من الأسئلة الموجهة من الكثيرين: ما الذي يمكن عمله ولم يتم تجربته بعد؟ وهل استخدم العالم حقًا الأدوات المتاحة لإنهاء هذا الاحتلال والصراع؟
كيف يتعامل العالم مع الصراعات الأخرى؟ هل ينتظرون الطرفين للتفاوض لحين استعدادهم وموافقتهم؟ أم أنها تجد الموارد اللازمة لدفع الأطراف نحو المفاوضات والابتعاد عن الإجراءات الأحادية غير القانونية، بما في ذلك الوفاء بالتزامات الطرف الثالث؟ هل تدين الانتهاكات فقط أو تتأكد من أن تكلفتها تفوق بكثير فوائدها من خلال خلق حوافز للامتثال للالتزامات ومثبطات لخرقها؟ هل هذا المجلس في تبنيه لقرارات يرافقها بالوسائل التي تضمن تنفيذها حسب واجبات ميثاقه، أم أنه يقدم قراراته كنصيحة للأطراف لتقرير ما إذا كانوا يتخذونها أم لا؟
بما أن كلا الطرفان يؤكدان التزامهمها بالسلام، فلماذا يتم إرسال مراقبين دوليين يتمتعون بصلاحيات حقيقية لتقييم الامتثال للقانون الدولي؟ لماذا الخوف من العواقب لمن ينتهك التزاماته القانونية؟ لماذا لا تجري مفاوضات الوضع النهائي برعاية دولية؟ لماذا رفض فكرة الأطر الزمنية الملزمة؟ هذا هو الطريق نحو تغيير الواقع الدراماتيكي الجاري في فلسطين. نحن على استعداد للقيام بدورنا وسنواصل الوفاء بالتزاماتنا.
سيدي الرئيس،
هنالك أمة بأكملها تتوق إلى الحرية ويجب الاستجابة لدعواتها. نحن لا نطلب أكثر مما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة لجميع الشعوب، ولن نقبل بأقل من ذلك. لا يمكننا قبول مستقبل من الجدران والحصار والإذلال والقهر. ولن ندخر جهداً في النهوض بدولة فلسطين المستقلة الديمقراطية ذات السيادة والقابلة للحياة والمتصلة جغرافياً على حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. سنفعل ذلك من خلال اللجوء إلى الوسائل السلمية فقط، حتى في أصعب الظروف.
وبينما نواصل رحلتنا الطويلة نحو الحرية والسلام، ندعو إلى توفير الحماية الفورية لشعبنا، الذي يستحق الحق في الأمن كباقي الشوب الأخرى، إلى أن يحين الوقت الذي يمكننا فيه ضمان حمايتهم كدولة ذات سيادة.
أصدر سيادة الرئيس عباس مرسوماً دعا فيه إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية فلسطينية، وكذلك انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني. وهذا جزء لا يتجزأ من جهود استئناف حياتنا الديمقراطية وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية. نشكر كل من يساند هذه الجهود ونطلب الدعم والمساعدة الدولية لضمان نزاهة هذه الانتخابات، بما في إزالة أي عقبات إسرائيلية، لا سيما في القدس الشرقية، وكذلك احترام نتيجة الصندوق.
في هذه الفترة من الحملات الانتخابية، هناك من يحاولون الحصول على أصوات، ويلتزمون بالقانون الدولي، وحل الدولتين، والوسائل السلمية، وفي المقابل هناك من يعلنون بناء وحدات استيطانية، ويدفعون نحو الضم ويواصلون استفزازهم. آمل ألا ينخدع الناس بأمراض الديماغوجية والسيادة والهيمنة، بل يختاروا طريق الحقوق المتساوية والاحترام المتبادل والكرامة المشتركة. بمساعدتكم، عسى أن يكون مستقبلنا مليئا بالحرية والأمان والازدهار للجميع.