قليل من الفكاهة يصلح المعدة ،،، محمد سالم

الأحد 24 يناير 2021 02:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
قليل من الفكاهة يصلح المعدة ،،، محمد سالم



الاصدقاء الذين تبادلت معهم الحوار بشأن المقال السابق.. و طلبوا مني النكتة في المقال الجديد ؛ هناك نكتة أعتقد أنها تناسب ما أتناوله اليوم وهي قديمة بالطبع غير أن قدمها لا ينال من أصالتها وقدرتها على اضافة ابتسامة جميلة.

فالنكته من وظائف الفكاهة، ونقد الواقع ،والسعي إلى تصحيح مساره، فإذا استمر هذا الواقع كما هو ، أصاب الفكر بالتكرار الذى قد يمله المتابعون من القراء، والجميل ان الفكاهة هي حكمة الشعوب صاحبة التاريخ الطويل و العريق، وسبب خارجي- لمن مُنِعَ  الإفصاح عن همومه المعيشية، فإنه يعبر عنها من خلال الفكاهة... ولذلك مهما بلغت ثقافة المرء يحلو له الاستشهاد بها حيث لا يجد ابلغ منها في التعبير عن واقع الحال. عندما لا يجد للنقد المباشر مُتَّسَعًا في الحياة العامة.

والله يا .. أصدقاء لقد أدركتُ ان سماع  الأنباء الكئيبة  تشعر المرء بالاكتئاب ؛ فلا نأخذ الحياة على محمل الجد ، فعلى كل حال لم يعيش احد للأبد، و انها.. على كل حال انتخابات.. حرة من النوع الذي يستخدم مرة واحدة، كي يعودوا تحت ستار المظلومية والبكائية لجلب متعاطفين جدد مع غبائهم واستعلائهم الذي قادنا لهذا المصير، ونعود مرة أخرى للدائرة الجهنمية.. طين و ..تراب .. ووحل ؛ كما  ونامل ان لا. تتحول إلى تعويذة  لطرد الأرواح الشريرة ؛ او كما قال عمنا جلال عامر: يتم توزيع المجلس مثل  «الخروف» ثلثان لصاحبه ، والثلث للمعارف والأصدقاء ، ويحصل الشعب على «الفروة»‼.

المهم قلت: فين النكته هنا .. يا صديقي .. نفسي اضحك. فقال : حكى الاستاذ هيكل حكاية طريفة ؛ عبد الناصر نفسه حِسُّه فكاهي ،و قبل أيام قليلة من رحيله، كانت فكاهاته  على الملأ هذه المرة، فقد بدا الصعيدي القوي كأنما أدركه التَّعبُ أخيرًا، وأدرك الرجل أن الحياة لا تستحقُّ التَّجَهُّمَ. وفي أثناء حوار جانبي على هامش مؤتمر القمة العربية الطارئ الذي عقد بالقاهرة في 23 سبتمبر 1970 ؛ لإيقاف القتال المندلع في "أيلول الأسود" بين الفلسطينيين والأردنيين، وهو آخر مؤتمر قمة حضره الزعيم الراحل، وتوفي بعده ب 5 أيام فقط.

قال العقيد معمر القذافي: إذا كنتَ تواجه مجنونًا مثل الملك "حسين" يريد أن يقتل شعبه، فلا بُدَّ من إرسال مَن يقبض عليه، ويضع الأغلال في يديه، ويرسله إلى مستشفى المجانين. ردَّ عليه الملك "فيصل" الذي كان أكثر الحاضرين حِكْمَةً وتعقلا : لا أظن أن من اللائق أن تصف ملكًا عربيًّا بأنه "مجنون". قال القذافي: لكن أسرته كلها مجانين، المسألة مسألة "سِجِل وراثي". وهنا قال عبد الناصر ضاحِكًا: ربما كُنَّا كلُّنا مجانين بشكل ما؛ لذلك أقترح أن نعين طبيبًا يقوم بمناظرتنا جميعًا بصورة منتظمة؛ ليتبين في النهاية مَن هم المجانين فينا!
(محمد حسنين هيكل، مؤتمر القاهرة ايلول سبتمبر 1970 الطريق الى رمضان).

ثم اضاف.. الجدع – القوى لا ينضحك عليه.  واكبر مثل على ذلك؛ الفنان سليمان بك نجيب ، فقد  كان .. بلطف النجوم اللوامع .. رجلا قديرا نزيها ذكيا وسياسيا بارعا وخبيرا بشؤن السياسة من أخف الناس ظلا واكثرهم ذكاء ، استطاع هذا الفنان أن يبدع لنفسه أسلوباً خاصاً يميزه عن غيره من الفنانين و الأدباء، وانفرد بينهم بروح الفكاهة الساخرة وبالتهكم الشديد اللاذع الذي لا يضارعه أحد في هذا الفن  حتى يومنا هذا.

كان الفنان سليمان نجيب ، عائدا من اوروبا وعلى رأسه قبعته ، فما كانت السفينة ترخي حبالها حتى تسلق اليه كالقرد .. صبي شيال، ووقف أمامه وتناول حقيبته وقال له : وان باوند .. يا خواجة .. فالتفت اليه وشخر له شخره عالية وصرخ :  بتقول كام يا ضلالي ؟! جري الصبي الى حافة الباخرة ، واطل على المعلم الوقف على  الرصيف ،  وهتف اليه بصوت مجلجل: ( يا معلم ده بيشخر!! اخد منه كام ؟)