صحيفة إسرائيلية: جدول أعمال بايدن.. الصين فإيران ثم “المسألة الفلسطينية”

الجمعة 22 يناير 2021 10:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة إسرائيلية: جدول أعمال بايدن.. الصين فإيران ثم “المسألة الفلسطينية”



القدس المحتلة / سما /

يديعوت - بقلم: ناحوم برنياع   "لم تُرافق ضحكات الفرح مراسم التنصيب لجو بايدن على مدرج الكابيتول، بل تنفس للصعداء. فسيناريوهات الرعب لم تتحقق: فلم يوجه أي جندي من الحرس الوطني سلاحه نحو المنصة، ولم تنفجر أي عبوة ناسفة تحت منصة الخطابة، ولم ينقطع التيار الكهربائي ، ولم تخرب مباني الحكم. عفا ترامب في اللحظة الأخيرة عن سلسلة من المقربين ممن أدينوا أو اشتبه بهم بالفساد، ولكنه لم يعف عن نفسه، وأبناء عائلته أو عن مؤيديه ممن اعتقلوا في أعقاب اقتحام الكونغرس. وقال بايدن في خطابه: “انتصرت الديمقراطية – حالياً”.

فضل ترامب المغادرة بالطريقة التي جاء فيها: حول نفسه. عندما شقت طائرة الجامبو الرئاسية الطريق باتجاه مسار الإقلاع أطلقت مكبرات الصوت أغنية “طريقي” لفرانك سيناترة. ووعد الجمهور: “سنعود، بطريقة أو بأخرى”. دعا البيت الأبيض الآلاف بمن فيهم بعض المسؤولين الكبار الذين أقالهم ترامب وأهانهم. وصل 400 فقط. وانتظره عدد مشابه في الجادة الجنوبية من فلوريدا في طريقه إلى عزبة الغولف خاصته. بعضهم ارتدى قميص ترامب – بينيس من عهد الانتخابات بعد أن شقوا اسم بينيس بالسكين. انتهى الاحتفال بعد إقلاع ترامب. وترامب سيعود ولكن ليس بالضرورة بالطريقه التي أمل بها. فمحاكمة العزل في مجلس الشيوخ ستبدأ في موعد ما. وبخلاف محاولة العزل السابقة التي عنيت بالاتصالات بين ترامب وروسيا وانتهت بالتبرئة، فإن هذه المحاولة تعد بأكثر من ذلك.

ترامب متهم بالمسؤولية عن اقتحام الكونغرس، ويقف أمام مجلس شيوخ فيه أغلبية ديمقراطية وأمام سناتورات جمهوريين يسعون إلى إزاحته عن الطريق. كما أن الأدلة هذه المرة تعمل ضده. والإدانة حتى بأغلبية عادية ستمنعه من العودة للتنافس مرة أخرى لمنصب جماهيري، وستسحب منه راتبه، 220 ألف دولار في السنة، وتسحب مساعديه وحراسه.

مؤيدو ترامب الأكثر تزمتاً، من محبي نظريات المؤامرة، يبدون هم أيضا مؤشرات التمرد. فقد بُلّغ مراسلو موقع بوليتيكو ممن تعمقوا في الشبكات الاجتماعية عن غضب وخيبة أمل. فتوقع المؤيدون أن يروا ناراً تهبط من السماء وتحرق واشنطن، مدينة الخطيئة. أما على المستوى العملي فقد توقعوا من ترامب أن يعفو في اللحظة الأخيرة عن رجالهم ويأمر باعتقال آلاف مؤيدي اليسار ويعلن عن نظام عسكري. في النهاية، كما اشتكى واحد منهم، منح العفو لكل أصدقائه وحتى لليهود (افيئام سيلع، أحد الإسرائيليين في قضية بولارد، كان بين الحاصلين على العفو). ترامب خائن.

أمام هذه البشائر القاسية، يقف ترامب شبه صامت. فإغلاق حساباته على “تويتر” و”فيسبوك” قطع لسانه. عندما نتبين التأثير الهائل لهذا الإغلاق على جدول الأعمال في أمريكا يتعاظم الغضب على أرباب المال وعلى عائلة مردوك، مالكة “فوكس نيوز” أحد الدروس من عهد ترامب هو أن وجود الشبكات الاجتماعية وقنوات الأخبار يستوجب إعادة فحص التوازن بين حرية التعبير وحماية النظام الديمقراطي.

إن فحصاً كهذا يجب أن يتم عندنا أيضاً. فعندما يتوجه الحكم إلى التحريض والأكاذيب ونظريات المؤامرة يجب أن يتوفر طريق قانوني للجمه. وينطبق هذا على أصحاب المليارات الذين يبنون وسائل دعاية لحرث الحقيقة. الاهتمام بترامب لا بد سينخفض، ولكن الانكسار الداخلي، وانعدام الثقة، والخطر المحدق من جهات تآمرية، عنيفة، سيواصل الإثقال على أمريكا. والتحدي الذي يقف أمامه بايدن ابن الـ 78 هائل، ويمكنه أن يواسي نفسه بأن ترامب ترك له مجتمعاً في وضع سيئ. وهو يعرف أن أمريكا مريضة، ومهمته أن يهدئها. ويعرف من جهة أخرى بأن الأضرار التي ألحقتها فترة ترامب ملزم بإصلاحها وبسرعة. كما أنه ملزم بمعالجة الأمراض العميقة التي لم يخترعها ترامب ولكنه كشف عنها. والحكمة هي المناورة بين القطبين، بحساسية وبتصميم. وفي هذه الأثناء، سيفعل هذا بحكمة عظيمة.

       بقلق كبير

تركز أمريكا في هذه اللحظة على المواضيع الداخلية: الوباء، والأزمة الاقتصادية، والتغييرات والتعيينات التي جلبتها الإدارة الجديدة. أما العالم فينتحر عن جدول الأعمال، ولكنه لا يتوقف وسيطالب الرئيس الجديد، شاء أم أبى. الصين هي الموضوع الأول أو الثاني على جدول الأعمال. إيران هي الموضوع الثالث أو الرابع. والفلسطينيون التاسع أو العاشر. في موضوعي إيران والفلسطينيين، يعتزم بايدن السير في طريق مختلف عن طريق ترامب. قبل أن ندخل إلى بحث مفصل في هذه المسألة يجدر بنا أن نسجل لأنفسنا نقطتين أساسيتين: بايدن ليس ترامب؛ بايدن ليس أوباما.

ونقطة ثالثة: في كل ما يتعلق بالنووي الإيراني، فشلت الدبلوماسية الإسرائيلية فشلاً ذريعاً.

حاول أوباما كبح مشروع النووي من خلال اتفاق دولي. رد نتنياهو بظهور دراماتيكي في الكونغرس من خلف ظهر الرئيس. وكان الخطاب مبهراً – وكذا النتيجة. وشدد الخوف من عملية عسكرية إسرائيلية الضغط على أوباما للوصول إلى اتفاق مهما يكن. ولم يستجب الاتفاق لكثير من المطالب الأمنية العادلة لإسرائيل. ومع ذلك، فقد كبح استمرار التخصيب.

جاء ترامب فانسحب من الاتفاق النووي، كما طلبت إسرائيل، وشدد العقوبات على إيران. أضعفت العقوبات إيران اقتصادياً، ولكنها رغم التقديرات المتفائلة في القدس، لم تسقط النظام. وسمح الانسحاب الأمريكي من الاتفاق للإيرانيين استئناف العمل على المشروع النووي. جاء بايدن فقرر إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق. وأوضح نيته في محادثات علنية وعلنية أقل. فهو يعتزم العودة إلى الاتفاق، وإلغاء أو تقليص العقوبات، ومن ثم الشروع في مفاوضات مع الإيرانيين بهدف تحسينه وتمديده. ما يوجهه هو القلق من تقدم إيران نحو القنبلة. تتابع إسرائيل العملية بقلق كبير. ويقول مصدر مطلع إن “اتفاقاً جيداً هو اتفاق سيئ”. تسأل إسرائيل ماذا سيحصل في اليوم الذين ينتهي فيه مفعول الاتفاق ولا يكون الإيرانيون ملزمين بشيء للعالم وتكون القنبلة على مسافة لمسة.

ثلاثة مشاكل تشغل بال إسرائيل: ثقوب الرقابة على المشروع؛ وتقدم الإيرانيين في نصب أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً (IR9 و IR8)، والتقدم في إنتاج الصواريخ والرؤوس المتفجرة.

تفترض إسرائيل أن للإيرانيين مصلحة عليا للعودة إلى الاتفاق. فوضعهم جيد أقل مما كان في 2015، عند التوقيع على الاتفاق. يمكن السماح لهم بأن ينضجوا أكثر قليلاً.

طاقم الأمن والخارجية الذي عينه بايدن يمتلئ بأشخاص كانوا مشاركين في المفاوضات مع إيران. وتقدر إسرائيل بأن هؤلاء الأشخاص غارقون في الاتفاق مع إيران، ويريدون شطب أي ذكر لخطوات ترامب. وسيسارعون للعودة والتوقيع. ويقول المصدر إنه “محظور أن يكون الاتفاق هو الاتفاق السابق رقم 2”.

لقد فضل أوباما التجلد على حملة نتنياهو. أما بايدن ففي وضع آخر. الأغلبية في مجلسي النواب انتقلت من الجمهوريين إلى الديمقراطيين. وإمكانيات نتنياهو محدودة. وذاكرة بايدن طويلة.

ثمة محافل في إسرائيل تحلم بصفقة رباعية: دول الخليج توافق على تمويل إعادة بناء سوريا، مقابل أن تبعد سوريا إيران عن حدودها؛ الأمريكيون يرفعون العقوبات التي فرضوها على روسيا، وروسيا بالمقابل تخرج من سوريا.

لكن هذا لن يحصل، يقول لي مصدر أمريكي. فقد سبق للفكرة أن طرحت ورفضت. الإيرانيون لا يبدون اهتماماً، ولا السوريون؛ والعقوبات على روسيا فرضت في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، أرض سيادية أوكرانية. بايدن لا يؤيد الاحتلال.

أما الموضوع الفلسطيني فملحّ أقل، ولكن ليس أقل تعقيداً. فحسب القرار الذي مرره كيري عندما كان وزير خارجية في إدارة أوباما، يجري مجلس الأمن كل شهر بحثاً في الموضوع الفلسطيني. وجاء ترامب إلى البيت الأبيض فعطل هذه المداولات، لفرحة حكومة إسرائيل. ولن تتعهد إدارة بايدن مسبقاً بأن تؤيد كل خطوة إسرائيلية في الضفة. فعندما ترغب الحكومة في شرعنة بؤر استيطانية غير قانونية، تبني أو تضم، فسيتعين عليها أن تقنع البيت الأبيض مسبقاً. حكومة الـ 61 اليمينية التي يتحدث عنها نتنياهو ستولد مع يدين مكبلتين. وكما سبق أن قلنا، فقد انتهى الاحتفال.