بمناسبة مرور 40 سنة على تحرير رهائن السفارة الأمريكية بإيران، بعث السفير جون ليمبرت أحد الدبلوماسيين المحررين، برسالة إلى الجزائر شكر فيها “الجزائريين حكومة وشعبا على لطفهم”، نظير الوساطة التي قامت بها الجزائر آنذاك ومكنت من إطلاق سراحهم بعد 444 يوما من الاحتجاز في مبنى السفارة.
وجاء في مقطع الفيديو للسفير جون ليمبرت الذي بثه على حساب السفارة الأمريكية في الجزائر بموقع فايسبوك “السلام عليكم، في البداية بمناسبة مرور 40 سنة على تحرير الرهائن الدبلوماسيين الأمريكيين في إيران، أريد أن أشكر شعب وحكومة الجزائر على عملهم الإنساني والدبلوماسي في ذلك الوقت”.
وأضاف قائلا “كواحد من الرهائن في إيران، لن أنسى أبدًا الخدمة التي قدمها زملاؤنا الجزائريون، مثل السفير الراحل رضا مالك في واشنطن والسفير عبد الكريم غريب في طهران. ولا يمكنني أن أنسى الأطباء الجزائريين في طهران وطواقم طائرات الخطوط الجوية الجزائرية التي نقلتنا من إيران والاستقبال الحار على الساعة 3:00 صباحًا في يوم بارد من شهر يناير في مطار هواري بومدين”.
وقال أيضا “بعد خمس سنوات من تلك الأحداث، كان لي شرف العمل كسكرتير أول في السفارة الأمريكية في الجزائر. لن ننسى أنا وعائلتي أبدًا اللطف والضيافة التي لمسناها من الشعب الجزائري”. وختم رسالته بالقول “حتى أربعين سنة بعد ذلك اليوم المصيري، ما زلت أتذكر جيدا لطف واحترافية الأصدقاء الجزائريين. أنا شخصياً، لن أنسى أبدًا خدمتكم وصداقتكم. مع أطيب التمنيات للشعب الفخور في هذا البلد الجميل”.
وكان السفير ليمبرت التحق بمنصبه كدبلوماسي في السفارة الأمريكية في إيران 12 أسبوعا قبل اقتحام السفارة في عام 1979، من طرف محتجين إيرانيين، واحتُجز السفير ليمبرت و51 أمريكيا آخرين كرهائن لمدة 444 يومًا، وأطلق سراحهم في 20 كانون الأول/ يناير 1981 بعد وساطة قادتها الجزائر آنذاك.
وبعد خمس سنوات من الحادثة عاد الدبلوماسي الأمريكي إلى الجزائر حيث عمل بسفارة بلاده كسكرتير أول ما بين من 1986 إلى 1988، ثم عين سفيراً للولايات المتحدة في موريتانيا من 2000 إلى 2003.
ووقعت اتفاقية تحرير الرهائن الأمريكيين بين الجزائر وواشنطن في 19 كانون الأول/ يناير الذين احتجزهم طلبة من أنصار الثورة الإيرانية التي قادها الخميني وأطاحت بنظام الشاه محمد رضا بهلوي، وكانت العملية ردا على استقبال الولايات المتحدة لشاه إيران من أجل العلاج، واستمر احتجاز طاقم السفارة داخل المبنى لمدة 444 يوما، وفشلت حينها عملية عسكرية أمريكية لتحرير الرهائن.
وخلال تلك المدة قادت الجزائر وساطة بين إيران والولايات المتحدة وكان على رأس الخارجية الجزائرية وقتها الوزير الراحل محمد الصديق بن يحيى، وشهدت رحلات مكوكية لوزير الخارجية الأمريكي واران كريستوفر بين واشنطن والجزائر، أفضت إلى توقيع اتفاق يقضي بتحرير الرهائن مقابل تجميد العقوبات على إيران، ووقع على الاتفاق كل من وران كريستوفر ومحمد الصديق بن يحيى.
وكتب كريستوفر لنظيره الجزائري بن يحيى رسالة عبر له فيها عن عميق امتنانه واحترامه للرئيس والحكومة والشعب الجزائريين إثر الوصول إلى اتفاق تحرير الدبلوماسيين وعائلاتهم، وقال فيها إن الجهود الجزائرية “عبرّت عن التزام ملهم بالقيم الإنسانية، وقدمت للعالم مثالا متفردا لفن الدبلوماسية”.
وكانت قد صنفت الولايات المتحدة فيلا “مونفيلد” مقر السفارة الأمريكية بالجزائر، سنة 2017، في سجل كتابة الدولة للأملاك باعتبارها “قيمة ثقافية وتاريخية”، حيث احتضنت لقاء سريا سنة 1979 بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين ضمن المفاوضات التي كانت تقودها الجزائر، ويحتوي سجل كتابة الخارجية “26 ملكية أمريكية معروفة بقيمتها الثقافية والتاريخية عبر العالم”.
للإشارة فإن وزير الخارجية الجزائري محمد الصديق بن يحيى كان قد قتل في تفجير طائرته على الحدود العراقية الإيرانية، وكان في مهمة دبلوماسية للوساطة في الحرب بين البلدين، واتهم خالد نزار وزير الدفاع الجزائري الأسبق صدام حسين بالوقوف وراء تفجير طائرة رئيس الدبلوماسية الجزائرية.