يعكف حزب الليكود، بعد الدعاية الانتخابية التي افتعلها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لنفسه في مدينة الناصرة، أول من أمس، على إعداد حملة انتخابية واسعة موجهة إلى المجتمع العربي. وذكرت صحيفة "معاريف" اليومن الجمعة، أن استطلاعات داخلية في الليكود دلت على أن بإمكان حزب اليمين الأكبر في إسرائيل أن يحصل على قرابة 60 ألف صوت في المجتمع العربي، أو ما يعادل مقعدين في الكنيست لأول مرة في تاريخه.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الليكود قولها إن "أي صوت يمنحه ناخب عربي لنا، هو صوت لا يذهب إلى المعسكر المضاد أيضا، وسننأخذه منن معسكر ’فقط ليس بيبي’. وهكذا يمكن أن يكون المكسب مضاعفا، في حال نجحنا في هذه المهمة".
ووفقا للصحيفة، فإن حملة الليكود في المجتمع العربي ستركز على مهاجمة القائمة المشتركة ونوابها "كسياسيين فاشلين لا يساعدو ناخبيهم". ويتوقع بدءا من الشهر المقبل، بعد تقديم القوائم الانتخابية، أن تنتشر لافتات الليكود الانتخابية باللغة العربية في الشوارع، كما يتوقع أن يحضر نتنياهو إلى بلدات عربية أخرى قبيل يوم الانتخابات.
وقال بيان صادر عن الليكود، إنه "لن نشكل حكومة مع (رئيس الإسلامية الجنوبية النائب) منصور عباس أو القائمة المشتركة ولن نستند عليهم، بعد معارضتهم لاتفاقيات السلام التي تقرب اليهود من العرب. ومواطنو إسرائيل العرب يؤيدون الليكود بقيادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لأنهم سئموا إهدار أصوات على المشتركة التي تجلس في المعارضة ولا تفعل شيئا من أجلهم".
ووصف محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، حملة نتنياهو في المجتمع العربي بأنها "قدوة لسخرية عارية". وأضاف: "واضح أنه لولا المقاعد التي تنقصه من أجل الحصول على حصانة برلمانية أو تشريع القانون الفرنسي (لمنع محاكمته)، لما اكتشف ننتنياهو أنه يوجد في إسرائيل بلدات عربية".
فقد اعتاد نتنياهو على إظهار عدائه العنصري تجاه العرب في إسرائيل، وعدم اعترافه بهم كأقلية قومية أصلانية. ووصف فيرتر نتنياهو بأنه "العنصري الأكبر بين رؤساء الحكومة. وبالمناسبة، حتى عندما لم يكن رئيس حكومة، أطلق تفوهات يحاول محوها الآن". وقال نتنياهو، خلال مؤتمر هرتسيليا عام 2003، إن "الفلسطينيين لا يشكلون تهديدا، لكن عرب إسرائيل هم التهديد الديمغرافي الحقيقي على الدولة"، ولاحقا اتهم الأقلية العربية بأنها "دولة داخل دولة".
وأشار فيرتر إلى أن نتنياهو اتهم كتلة "كاحول لافان"،ن خلال الانتخابات الماضية بـ"الخيانة" إثر تردد ادعاءات عنن احتمال دعم القائمة المشتركة لحكومة يشكلها "كاحول لافان" دون المشاركة فيها. وفيما لم يطرح المعسكر المعارض لنتنياهو والذي يوصف بـ"اليسار" أي بديل سياسي وتخوف من الاقتراب من المجتمع العربي، لفت فيرتر إلى أن "ما تخوف السياسيون اليساريون من فعله دائما كي لا يوصموا بمحبة العرب وكراهية اليهود من جانب آلة النتانة الليكودية، سيفعله نتنياهو".
وشدد فيرتر على أن إستراتيجية نتنياهو "لا تهدف فقط إلى الحصول على مقعد أو اثنين من المجتمع العربي. فهذه ستكون مكافأة. والغاية الأساسية بالنسبة له، هي أن يشرعن، بنظر ناخبيه، التسوس الذي فعله بيديه،، كي يتمكن بعد الاننتخابات من تجنيد عدد من أعضاء الكنيست العرب دعمه بالحصانة أو القانون الفرنسي. ولا توجد أغلبية لاحتمال كهذا في أي خريطة حزبية واقعية، وعلى ما يبدو أن هؤلاء سيكونوا أصدقاءه الجدد، منصور عباس ونواب القائمة العربية الموحدة".
نتنياهو لا يحب العرب
كتبت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أن "لا أحد يشتبه بنتنياهو أنه أحب العرب فجأة. وأنه فجأة، قبل الانتخابات الرابعة، اكتشف الجمهور الذي سعى طوال سنين إلى إقصائه، التحريض عليه، تشريع قوانينن ضده وهاجم نوابه في الكنيست. ولا حاجة إلى ذاكرة طويلة لاستعادة كيف حارب بضراوة عندما سنحت لبينني غانتس فرصة تشكيل حكومة تستند إلى ’مؤيدي الإرهاب’" كما وصف نتنياهو نواب القائمة المشتركة.
ورأت كدمون أنه "بجولاته الطارئة إلى البلدات العربية، يحاول نتنياهو تحقيق عدة أهداف: أولا، إحضار أكبر عدد ممكن من الأصوات إلى الليكود، وكان سيسافر إلى القمر من أجل ذلك، وليس إلى الناصرة وأم الفحم فقط. وهو يريد تبريد الطاقة في المجتمع العربي كي يجعل القائمة المشتركة أصغر، وخلال ذلك يقول للسكان: لا تخافوا مني، أن معكم. وخلال ذلك، إدخال الفوضى داخل المشتركة، لأنه يبني على التعاون مع الحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس".
نتنياهو في الناصرة، أول من أمس (أ.ب.)
وأشارت كدمون إلى أنه خلال جولاته في البلدات العربية "يتنكر ننتنياهو كمعتدل، ويخفي عن بيئته جميع الوجوه المنفلتة مثل الوزراء ميري ريغف ودافيد أمساليم وشاي زوهار، وذلك من أجل أن يمهد لتعاونه مع رئيس الإسلامية الجنوبية، لاحتمال ألا يكو لديه 61 صوتا (في الكنيست) ويحتاج إلى امتناعهم عن التصويت بعد الانتخابات" مثلما فعلت الإسلامية الجنوبية قبل حل الكنيست.
وأشارت المحللة السياسية في موقع "واللا" الإلكتروني، طال شاليف، إلى ممارسات نتنياهو ضد المواطنين العرب، بدءا من مقولته العنصرية في انتخابات العام 2019، بأن "العرب يمضون نحو صناديق الاقتراع" والكاميرات في صناديق الاقتراع، إلى سن "قانون القومية" العنصري.
ووفقا لشاليف، فإن الليكود يعتبر أن يوجد شرخ بين الرأي العام في المجتمع العربي ونواب القائمة المشتركة حول اتفاقية التحالف والتطبيع بين إسرائيل ودول الخليج، وهذه تقديرات لا أساس لها. وبناء عليهن تشير تقديرات الليكود إلى أنه سيحصل على 2 – 4 مقاعد في الكنيست من أصوات ناخبين عرب. "وحتى لو لم تثمر حملة الليكود عن قيمة انتخابية مباشرة، فإن غايتها إضعاف القائمة المشتركة وتليين مفعول التصويت الاحتجاجي".
وتوقعت شاليف أن يكون لحملة نتنياهو في المجتمع العربي تأثير عكسي، مثلما حدث في الانتخابات الماضية وعزز قوة القائمة المشتركة. وأشارت إلى أن استقبال رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، لنتنياهو بحفاوة بالغة، كانت الشرطة تقمع بوحشية المتظاهرين ضد نتنياهو خارج دار البلدية. "والهجوم المشترك، لنتنياهو وسلام في الداخل، والشرطة في الخارج، من شأنه أن يعزز القائمة المشتركة في ساعة حاسمة جدا".
ورأت شاليف أن "تودد نتنياهو هو جزء من تحول متدحرج يتعزز فيه الصوت العربي ويحتل مكانا بارزا على المسرح. ومنذ تشكيل القائمة الموحدة، قي العام 2015، تحول أعضاء الكنيست العرب إلى لاعبين نشطين وشرعيين في اللعبة السياسية، والقضايا التي تشغلهم تحتل مكانا في الخطاب العام والإعلامي. وينبغي الإشارة هنا إلى أنه خلافا للأسطورة اليمينية، الغالبية العظمى من العمل البرلماني للقائمة المشتركة ليس مرتبطا بالقضية الفلسطينية وإنما يتركز على الأمن الشخصي، التشغيل، الصحة، الرفاه والمساواة للجمهور الذي يمثلونه".