صحيفة "جيروزاليم بوست" - بقلم: حيرب كينون:
قبل ستة عشر عامًا فاز محمود عباس في الانتخابات الرئاسية الثانية للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي أبقاه 17 عامًا في ولايته التي من المفترض أن تبلغ أربع سنوات.
كثيرًا ما يستخدم المتحدثون الرسميون والدعاة الإسرائيليون للتأكيد على هذه النقطة التي مفادها أن شريك إسرائيل الظاهري هو استبدادي، وأن إسرائيل لا يمكن أن تعقد صفقة مع رجل فاقد لشرعيته ولم يجري انتخابات منذ 16 عامًا.
لكن هل هذا صحيح؟ هل تريد إسرائيل حقًا أن يُجري عباس انتخابات؟ وماذا سيحدث في حال فازت حماس؟ هل تريد إسرائيل حقًا أن يجلس إسماعيل هنية أو يحيى السنوار في المقاطعة في رام الله بدلًا من عباس؟
من الواضح أنه لا. على العكس من ذلك، سيكون ذلك كارثة، وهي كارثة يجب أخذها في عين الاعتبار وسط تزايد الحديث عن اتفاق حماس وفتح لإجراء انتخابات منفصلة لرئاسة السلطة الفلسطينية، والمجلس التشريعي الفلسطيني، والمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.
في حين كان هناك محادثات منذ سنوات عن انتخابات وشيكة، وهي خطوة من شأنها أن تدل على مصالحة بين فتح وحماس، إلا أنها لم تؤدِ دائمًا إلى شيء.
لكن هذه المرة، هناك تطوران قد يجعلان مثل هذا الحديث أكثر جدية. الأول هو اتفاقيات التطبيع، وكذلك التقارب الأخير بين قطر والسعودية والإمارات، والثاني هو بزوغ إدارة جديدة في أمريكا.
نبّهت الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان، ومؤخرًا المغرب، الفلسطينيين إلى انتهاء "الفيتو" على العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وأن الدول العربية لم تعد تنتظرهم بعد الآن لإجراء المفاوضات مع إسرائيل. قد يكون هذا بحد ذاته بمثابة حافز للفلسطينيين للعمل معًا.
علاوة على ذلك، إذا كان بإمكان السعوديين والإماراتيين -الذين لعبوا على مر السنين دور فعالًا في دعم فتح- التصالح مع قطر، أحد الداعمين الرئيسيين لحماس، فيجب أن تكون فتح وحماس قادرتين على القيام بذلك. قد تؤدي المصالحة بين قطر ودول الخليج الأخرى إلى حمل فتح وحماس على المصالحة فيما بينهما.
والعامل الآخر الذي يجب أخذه في الاعتبار هو الإدارة الجديدة القادمة في واشنطن عند السؤال عما إذا كان الحديث عن انتخابات السلطة الفلسطينية هذه المرة أكثر جدية مما كان عليه في الماضي.
منذ انتخاب جو بايدن في نوفمبر، اتخذ عباس عددًا من الخطوات التي تهدف إلى وضع علاقة السلطة الفلسطينية مع الإدارة الجديدة على أسس صحيحة، ويشمل ذلك تجديد التعاون مع إسرائيل، وقبول مرة أخرى تحويلات الضرائب من إسرائيل، حتى مع خصم الأموال التي تدفع للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وعائلاتهم.
عندما يتسلم بايدن منصبه، من المتوقع أن تكون القضية الإسرائيلية الفلسطينية متدنية في قائمة أولوياته، وهو تناقض صارخ مع الوقت الذي تولى فيه باراك أوباما منصبه في 20 يناير 2009.
لن يحتل الفلسطينيون مكانة عالية في قائمة مهامه، خاصة إذا كانوا منقسمين ومقسمين كما كانوا دائمًا، وغير قادرين على التحدث بصوت واحد حتى في حال استئناف المفاوضات مع إسرائيل.
ومع ذلك، فإن الإعلان عن الانتخابات في السلطة الفلسطينية يمكن أن يعيد القضية إلى قائمة أولويات بايدن.
إذا اتضح بعد ذلك أن الأمور مختلفة هذه المرة حقًا، وأن الفلسطينيين هذه المرة يتجهون ببطء نحو المصالحة ويتجهون نحو الانتخابات، يجب على إسرائيل أن تقول بصوت عالٍ إنه لا ينبغي السماح لحماس بالمشاركة ما لم يتم نزع سلاحها.
كان السماح لحماس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة لعام 2006، في ظل أن التنظيم لم يُلقِ سلاحه، خطأ فادحًا، وحدث بسبب ضغوط شديدة من الرئيس آنذاك جورج دبليو بوش ووزيرته كونداليزا رايس، التي اعتقدت - خطأ - أن الديمقراطية والانتخابات ستكون الدواء الشافي لمشاكل المنطقة. فكانت النتيجة: فازت حماس في الانتخابات التشريعية ثم سيطرت بعنف على غزة بعد عام.
في وقت متأخر فقط، اعترفت رايس بأن الضغط من أجل الدفع بالانتخابات قد يكون خطأً وأنها أخطأت في قراءة الخريطة السياسية الفلسطينية. كانت إدارة بوش مقتنعة بفكرة جلب الديمقراطية إلى المنطقة لدرجة أنها فشلت في تقدير حقيقة أن حماس كانت ذات شعبية، وفتح كان يُنظر إليها على أنها فاسدة بشكل لا يمكن إصلاحها، وأن المؤسسات الديمقراطية في السلطة الفلسطينية كانت ضعيفة وهشة وغير قادرة على تحمل أي هجوم.
إذا أجريت انتخابات جديدة الآن، ولم تُجبر حماس مرة أخرى على نزع سلاحها كبطاقة دخول إلى تلك الانتخابات، فلا داعي للاعتقاد بأن الأمور ستتحسن هذه المرة بشكل أفضل من المرة السابقة.
أظهرت أحداث الأسبوع الماضي في واشنطن ما يمكن أن يحدث حتى في أقوى ديمقراطية في العالم عندما لا يقبل الناس، وفي هذه الحالة العزل، نتائج الانتخابات. إذًا ماذا يمكن أن يحدث إذا لم تقبل مجموعة من الناس نتائج الانتخابات في منطقة لا توجد فيها مؤسسات ديمقراطية قوية؟.