نيويورك تايمز: فريدمان يتحدث بفرح عن تخفيض سقف التوقعات الفلسطينية وفرض حقائق دائمة على الأرض

الأحد 10 يناير 2021 10:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
نيويورك تايمز: فريدمان يتحدث بفرح عن تخفيض سقف التوقعات الفلسطينية وفرض حقائق دائمة على الأرض



واشنطن /سما/

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا عن نهاية عمل السفير الأمريكي ديفيد فريدمان، محامي الإفلاسات الذي عينه دونالد ترامب سفيرا له في إسرائيل.

وقال مراسلها ديفيد هالبفينغر إن فريدمان قام وعلى مدى أربعة أعوام بتغيير جذري للموقف الأمريكي من إسرائيل والفلسطينيين. وقال: “سواء أحببته أم كرهته ومن اهتم بالأمر أو اتخذ موقفا أو آخر منه إلا أن السفير ديفيد فريدمان الذي ينهي عمله هذا الشهر حفر اسمه في التاريخ كواحد من أهم السفراء الأمريكيين المؤثرين”.

 وقال إن فريدمان، 62 عاما، كان الشخص الذي دفع لإعادة تشكيل المواقف الأمريكية من الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني من خلال قائمة لا تنتهي من التنازلات التي منحها الرئيس دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأنصاره من اليمين في إسرائيل.

وقال مستشار الرئيس وصهره جارد كوشنر عن فريدمان: “وضع سياسة طموحة” و”بصراحة لم يعد لنا في النهاية ما يمكن تنفيذه لأن السفير فعل الكثير من الأشياء التي كانت خارج التفكير”.

وبالمقابل رفض الناقدون له مثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقابلته ووصفه بـ “ابن الكلب” فيما اتهمه الليبراليون اليهود بقتل حل الدولتين.

وقالت إدارة ترامب إنها تريد تحقيق السلام وستترك البيت الأبيض هذا الشهر والسلام أبعد ما يكون. وتخلي الإدارة عن فكرة الإنصاف في التعامل مع المسألة جعلها تتحرك لتنفيذ سياسات حاولت الإدارات السابقة تجنبها. وكانت البداية في 2017 باعتراف ترامب بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها بدون الحصول على أية تنازلات من إسرائيل.

وقلب فريدمان السياسة الأمريكية التي تتعامل مع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية كعقبة للسلام وغير قانونية واعتبرها جزءا من إسرائيل وأكد للمستوطنين أنه لن يتم إجلاؤهم عنها وأن الولايات المتحدة لا تنظر إليهم كلصوص يعيشون على أراض مسروقة.

وكان من المتبرعين للمستوطنات قبل دخوله الدبلوماسية وزارها بعد ذلك وكان الدافع وراء إلغاء كلمة “احتلال” من وثائق الخارجية الأمريكية المتعلقة بالاستيطان. ويقول كوشنر: “لقد طبع الكثير من السلوك والكثير من التصريحات التي غيرت السياسة الأمريكية”. وأوقف البيت الأبيض المساعدات الفلسطينية إلى الصفر وحاول وقف وكالة دعم اللاجئين الفلسطينيين وشجب قيادتهم وأغلق بعثتهم في واشنطن. وتبنت خطة السلام الأمريكية التي أعلن عنها قبل عام كل نقطة وموقف دعت إليه إسرائيل. وكان عليها القبول بكيان فلسطيني أقل من دولة وعلى الفلسطينيين القبول بكل شيء آخر.

وبالنظر للسنوات الأربع التي قضاها بالمنصب عبر فريدمان عن ابتهاجه بالطريقة السياسية والموقف الذي لا رجعة فيه الذي تبنته الإدارة وتغييرها لمسار النزاع.

وفي مقابلة مع الصحيفة قال: “لن تكون هناك رجعة عن الكثير الذي قمنا به”. وتابع: “بصراحة أنا مدمن وفرح جدا بما قمت به”. وقال: “لقد غيرنا السرد بطريقة درامية”. ولا أحد يناقش في هذا، لكن لارا فريدمان (لا علاقة بينهما) والتي تعد من أشد الناقدين للسفير المنتهي عمله وتدير مؤسسة الشرق الأوسط للسلام ترى أن بعض مسؤولي إدارة باراك أوباما السابقين والذين يريدون تفكيك بعض سياسات ترامب اقترحوا على إدارة جوزيف بايدن التسامح مع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية بل وحتى منحه الضوء الأخضر. وقالت: “لدى ديفيد فريدمان كل الأسباب التي تجعله يتفاخر بنفسه”.

 ولم يحقق فريدمان كل ما يريد، فهو لم ينجح بإقناع ترامب بالموافقة على ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية بل وخاض في المفاوضات بين رئيس الوزراء نتنياهو وحلفائه أو حسبما قال “تلقيت الدعوة”. ولكنه عبر عن “جذله” حول الكيفية التي تحولت فيها الأمور فبدلا من الضم حصلت إسرائيل على اتفاقيات تطبيع مع الدول العربية، وتم تعليق الضم لا التخلي عنه. ويعتقد أن إسرائيل “ستواصل العمل ونأمل أن نكون قد ساعدنا على تحديد الأمر داخليا وشكل الحدود الشرقية، وانس بقية العالم”، وعندما سئل إن كانت هناك ضرورة للتفاوض حول الحدود هذه قال إن هذا محبذ لكن ليس إلزاميا و”يمكنهم التصرف من طرف واحد”.

وقالت الصحيفة إن فريدمان ابن الحاخام في نورث وودمير بنيويورك ينسب نجاحه لـ “معرفته العميقة” و”آرائه القوية” وفوق كل هذا فـ “أنا قريب من الرئيس”. وفي الوقت الذي استقال فيه عدد من المقربين من ترامب بسبب أحداث الكونغرس لم يمدح فريدمان أو يشجب أحدا بل وأصدر بيانا يوم الجمعة تحدث فيه عن “الصمود في وجه الضغوط غير المسبوقة”.

وعمل فريدمان كمحام في إفلاسات لترامب هو ما جرأه على تجاوز الإجراءات العادية والضرورية. وبعد وصوله إلى إسرائيل عام 2017 أعلن عن تلقيه دعوة لحضور حفلة توحيد القدس. وبعد ذلك اتصل به مسؤول من وزارة الخارجية قال إنه لا يستطيع الحضور حتى لا يُغضب الفلسطينيين.

 ورد فريدمان: “خذ هذا الرقم” ولو قال الشخص الذي يرد إن فريدمان لا يمكنه الحضور فلن يحضر. وعندما سأل المسؤول في الخارجية “رقم من هذا؟” أجاب “هذا رقم الرئيس الخاص” و”كانت هذه آخر مرة سمعت منه” يعلق فريدمان.

وأدت علاقاته القريبة وحديثه الأسبوعي مع الرئيس واللقاءات الشهرية للمضي في أجندته التي قامت على دفع الفلسطينيين لتخفيض سقف مطالبهم. وقال فريدمان إن الإدارات السابقة كافحت من أجل جلب الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات وانتظار موافقتهم على المحادثات قبل التحرك أماما، مما أعطاهم “فيتو” على العملية وتقدموا بمطالب غير منطقية.

وقال: “تدفق للاجئين إلى إسرائيل لن يحدث أبدا” و”تقسيم القدس؟ لن يحدث أبدا. تخلي إسرائيل عن أجزاء من أرضها التوراتية؟ لن يحدث أبدا”. وقال إن البيت الأبيض “وفر الحقنة الضرورية من الواقعية في النفسية الفلسطينية حول ما هو متوفر وغير متوفر”.

لكن الفلسطينيين يختلفون معه. فبحسب حسام زملط، المبعوث الفلسطيني في واشنطن حتى إغلاق البعثة، فإن حديث فريدمان عن إنجازاته تعبير عن الوهم. وبدلا من زيادة التأثير الأمريكي على النزاع فقد خفضه إلى الصفر وقضى على كل آمال حل الدولتين. و”كان الغوغاء الأمريكي في عاصمتنا” في إشارة لهجوم الغوغاء المؤيدين لترامب يوم الأربعاء على مقر الكونغرس و”نفس المنطق والسلوك، ومثلما فعل الكونغرس فيجب على إدارة بايدن تنظيف العلاقات الأمريكية- الفلسطينية والعملية السلمية بشكل كامل”.

وفي الحقيقة يرى فريدمان أن خطة السلام التي قدمها ترامب التي وضعت متطلبات مالية وشفافية وحقوق الإنسان هي “هدية للشعب الفلسطيني” والتي “ستجعل من مستوى حياتهم أحسن بكثير”. وقال إن تحسن العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية “سيفتح خيال الفلسطينيين لما يمكن تحقيقه”. ونفى أن تكون إدارة ترامب حاولت المساعدة في إعادة انتخاب نتنياهو من خلال الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان: “ربما بدت بهذه الطريقة لكنني أحترم الديمقراطية الإسرائيلية”.

 وانتقد شكوى الإدارات الأمريكية السابقة من التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. وبالنسبة للولايات المتحدة فالتأكيد على هذا الموضوع “هو بمثابة الإشارة على ضرورة منح الفلسطينيين شيئا أكثر، وهذا لا معنى له” وربما أدى إلى الإضرار بالتحالف الأمريكي- الإسرائيلي. وقال إن ما تفعله إسرائيل في داخل وخارج المستوطنات هو “قرار داخلي”. وعبر فريدمان عن مخاوفه من عودة إدارة بايدن إلى الموقف الدولي المقبول بشأن عدم شرعية المستوطنات، مضيفا أن المعارضة لسياسات ترامب لأنها مرتبطة به.

وزعم أن خطة السلام تقدم رؤية واقعية لحل الدولتين ودعمها الرأي العام الإسرائيلي و”لماذا تريد رميها”. وقال إنه سيخرج من منزل السفير الراقي في هرزيليا في 20 كانون الثاني/يناير والذي اشتراه داعم ترامب شيلدون إديلسون وسيوزع وقته بين منازله في القدس ونيويورك وفلوريدا. وقال إنه لا يخطط للحصول على الجنسية الإسرائيلية في الوقت الحالي “وسأظل أمريكيا فقط لمدة أربعة أعوام على الأقل” و”أريد منح نفسي الفرصة للعودة إلى الحكومة”.