هآرتس - بقلم: سامي بيرتس "“في أيام عادية، يكون 70 في المئة من اتخاذ القرارات على أساس مهني، و30 في المئة على أساس سياسي. ومنذ أزمة كورونا كان 95 في المئة سياسياً”، هذا ما قاله موظف رفيع في الحكومة، مشارك في إدارة الأزمة.
في كل العالم ينفقون تريليونات الدولارات في محاولة لمواجهة الوباء، ويطبقون برامج كثيرة ومختلفة لإعطاء رد على تفشي الفيروس وعلى الأضرار الاقتصادية الضخمة التي يزرعها. كل ذلك يتم بمباركة المؤسسات الاقتصادية الدولية وشركات التصنيف التي تعرف خطورة الأزمة ومعنى انزلاق العالم إلى ركود كبير وطويل. إسرائيل ليست مختلفة في هذا الشأن. فهي تطبق برامج مساعدة كثيرة، لكنها مختلفة في ثلاثة أمور: أزمة سياسية شديدة تقودها إلى حملة انتخابات رابعة خلال سنتين، وضعف تاريخي لحراس العتبة وأجهزة التوازن والرقابة للموظفين المهنيين، وعدم ثقة عميق داخل الزعامة السياسية، وبين الجمهور والمستوى السياسي، وبين تجمعات سكانية مختلفة، وهذه إحدى أسباب معاناتنا الآن من موجة اعتلال ثالثة.
لقد اعترف الجنرال (احتياط) روني نوما، مسؤول كورونا في القطاع الأصولي، بالعلاقة بين الانتخابات القريبة وارتفاع نسبة الإصابة في الوسط الديني وغياب إنفاذ القانون من جانب الدولة: “هذه الأمور مرتبطة ببعضها. جميعنا داخل حملة انتخابية. وكل من يقول إن هذا لا يؤثر فهو مخطئ”. حتى المدير العام السابق لوزارة الصحة، البروفيسور غابي بربش، قال في مقابلة مع “كان ب” إن “مجموعة القرارات الحكومية تتراوح بين الشلل والشعبوية. اسمها هدف. ومن الواضح ما يجب القيام به، والحكومة مشلولة. مستحيل تقليص نسبة الإصابة عندما يكون الإغلاق شبه إغلاق”.
السلوك في الإغلاق الحالي هو أخطر مما كان في الإغلاقات السابقة؛ لأنه تم اتخاذ قرار يؤدي إلى ضرر ضخم للمصالح التجارية وعمال كثيرين، لكنه لا ينفذ. هكذا، ندفع ثمناً اقتصادياً باهظاً، ثم نحصل على نتيجة صحية سيئة. يمكن تسمية ذلك “اعتلال انتخابات”. هذا متعلق بشكل مباشر بجولة الانتخابات القريبة، والخوف من مواجهة الأصوليين. وهناك خوف من أن يشتد السلوك الحالي وينعكس على المجال الاقتصادي.
رئيس الحكومة نتنياهو في مكان يحلم السياسيون بأن يكونوا فيه: له سلطات حكومية استثنائية استناداً إلى تعليمات الطوارئ لمعالجة الأزمة. ولكن بدلاً من استخدامها في وقتها، ينتظر اللحظة التي ينعدم فيها الخيار؛ ويدير ظهره للحائط، وعندما ترتفع نسبة الإصابة بشدة يقوم بالعمل فعلاً. عندها يكون الخوف العام كبير، ومن السهل سياسياً تطبيق الإغلاق.
هكذا أيضاً في الجانب الاقتصادي؛ فإن إغلاقاً تلو إغلاق، سيضعف المصالح التجارية في قلب الأزمة، وهذا يستدعي المزيد من برامج المساعدة. نتنياهو، ووزير المالية إسرائيل كاتس، هما الآن في المرحلة الأكثر متعة من الأزمة: يوزعان الأموال، ويمنحان القروض وبدل البطالة. ولهما صناديق مخصصات لمعالجة كورونا، وجزء منها ينزلق إلى أمور غير مرتبطة بالوباء. لا يواجهان أي جسم، ولا يدفعان قدماً بأي اصلاح، لا ينشغلان حتى بسلم أولويات. اقتصاد انتخابات؟ بالتأكيد.
لإسرائيل أفضليات كثيرة في معالجة أزمة كورونا: فسكانها من الشباب نسبياً، الذين نتجت عنهم نسبة وفيات منخفضة، وهي مدينة جزيرة، الأمر الذي يمكن من السيطرة على حركة الداخلين، وجهاز صحة يقود عملية تطعيمات رائعة، واقتصاد يستند إلى الهايتيك لم يتضرر بدرجة كبيرة من الأزمة. ولكننا بسبب الأزمة السياسية نفقد وقتاً ثميناً. عندما تنتهي الإغلاقات ويتم استكمال عملية التطعيمات، سنشهد صحوة اقتصادية طبيعية. سيخرج الأشخاص من البيوت وسيشترون وسيستجمون. ولكن من أجل ضمان نمو مرتفع في السنوات القادمة، مطلوب حكومة قادرة على القيام بدورها ولديها أفق، وليس حكومة أخرى مؤقتة وجميلة، يقف على رأسها شخص ذو اعتبارات شخصية تملي الاعتبارات الوطنية.