ضمن خطوة في غاية الأهمية، صادقت الحكومة الأسبوع الماضي على دمج والحاق وإلغاء 30 مؤسسة رسمية غير وزارية، بهدف ترشيق الجهاز الحكومي وحوكمته، انسجاما مع المصلحة الوطنية العليا لدولة فلسطين، ولبناء مؤسسات دولة على أسس ومعايير وطنية واقليمية ودولية سليمة.
ويأتي القرار في إطار توجه الحكومة للإصلاح الاداري، خاصة أن الحكومات الآن وتحديدًا بعد جائحة كورونا بدأت تتجه نحو ترشيق نسقها، وتصبح أكثر ملائمة للظروف المحيطة بها، لذلك لجأت الحكومة لهذا القرار لتستطيع أن تقوم بمهامها وتستجيب للاحتياجات والخدمات المقدمة للمواطنين بطريقة فعالة أكثر، ولتصل للناس في أماكنهم أكثر.
وبناء على ذلك، تم تشكيل لجنة لحوكمة المؤسسات والهيئات الحكومية غير الوزارية بموجب قرار من مجلس الوزراء، برئاسة وزير العدل محمد الشلالدة، وعضوية كلٍ من: المستشار القانوني للرئيس علي مهنا، ووزير المالية شكري بشارة، والأمين العام لمجلس الوزراء أمجد غانم، تكون مهمتها دراسة واقع هذه المؤسسات من الناحية الوظيفية والقانونية والمالية، وعلاقتها مع وزارات الاختصاص.
وقال أمين عام مجلس الوزراء أمجد غانم وفق الوكالة الرسمية: إن القرار يأتي من أجل ترشيق الحكومة وتقليل النفقات، ضمن خطة الحكومة من اليوم الأول، لافتا الى أن مستجدات فيروس كورونا أكدت أن هذا نهج عالمي، وباتت المؤسسات رقمية والعمل فيها الكتروني، ما استدعى اعادة النظر بأساليب عملنا، وبطرق تواصلنا مع بعضنا.
وأكد أن هناك ضرورة لهذا القرار لتكون المؤسسات تحت إطار ومظلة واحدة، لتسهيل التواصل وتحسين تقديم الخدمة، إضافة الى أن هناك ازدواجية في عمل بعض المؤسسات، رغم أنها نفس طبيعة العمل ولكنها في أكثر من موقع، بالتالي يصبح لدينا نافذة موحدة للناس لتستطيع أن تأخذ المعلومات بسرعة، ويكون التواصل فعال أكثر، دون أي إحباط.
وأضاف غانم: "هذا كله يأتي في إطار عملية الإصلاح الاداري وتحسين جودة الخدمات، لأن الهدف من الإصلاح هو أن تعمل دوائر حكومية قادرة على الاستجابة بشكل أسرع لتوفير الخدمات المطلوبة منها لتقديمها للمواطنين، وفي النهاية تعزيز ثقة الناس بالحكومة والنظام السياسي، وتعزيز صمود الناس".
وقال: سيتم في كل المؤسسات التي تمت حوكمتها اجراء تحديثات على تشريعاتها أولا، ومن ثم على هياكلها التنظيمية، وعلى تراتبية أعمالها الداخلية، ونظام الاتصال الداخلي، لأن الهدف هو تحسين جودة العمل ولتكون العملية سلسة أكثر، وخدماتها بجودة أعلى.
القرار سيوفر ملايين الدولارات سنويًا
وبين غانم أن القرار سيوفر ملايين الدولارات سنويًا، ويقلل ويرشد النفقات، ولكن سنحافظ على حقوق الموظفين ولن يتم المس بمكتسباتهم، ولكن يمكن توجيههم للعمل في مؤسسات أخرى.
وقال: إن هناك عملية حوكمة داخلية لا تقل أهمية عن هذه التي قمنا بها، كتسهيل العمليات داخل كل مؤسسة وتنسيقها، وتحسين تدفق المعلومات والبيانات والوثائق، ومن إدارة الى أخرى، ومن مقر الى آخر، وتحويل كل ذلك الى عمليات الكترونية تسهل الوصول للمعلومة في الوقت المناسب، من خلال قنوات الكترونية، وقواعد بيانات مركزية تعكس حقيقة واحدة للعمل في المؤسسة.
وأضاف: نحتاج أن نُحدث فلسطين وأن ندخل عصر الرقمنة، وهذا ينسجم مع توجهات الحكومة في تحويل فلسطين الى اقتصاد رقمي، وهذا لن يتم الا إذا كان هناك نظرة شاملة لعملية حوكمة المؤسسات.
الشلالدة: تحديد سقف رؤساء المؤسسات ولن يُمس بحقوق الموظفين
بدوره، قال رئيس اللجنة، وزير العدل محمد الشلالدة: إن اللجنة أخذت مجموعة من التوصيات، والتي تمثلت بعدم انشاء أي مؤسسة جديدة لحين انهاء دراسة توصيات اللجنة الوزارية لحوكمة المؤسسات، وتحديد سقف بقاء رؤساء الدوائر الحكومية غير الوزارية لمدة 4 سنوات قابلة للتمديد لسنة واحدة أخرى بحسب ضرورات العمل، بناء على تنسيب من مجلس الوزراء للرئيس، وإخضاع كافة المؤسسات المستقلة للرقابة المالية، كون أموالها تعتبر مالًا عاما، أي أن كل هذه المؤسسات ستكون خاضعة للرقابة المالية في هذا الجانب، وتنظيم رواتب رؤساء تلك المؤسسات وكوادر عملها.
وبخصوص الموظفين في تلك المؤسسات، قال الشلالدة: إنه لن يُمس بحقوق الموظفين، ومراكزهم القانونية والوظيفية ستبقى كما هي، ولكن يمكن أن يكون هناك تدوير أو نقل، ولكن دون المساس بحقوقهم، لأن هذه مسؤولية عامة تقع على عاتق الدولة بالحماية القانونية لحقوقهم.
وأوضح الشلالدة أن هناك مؤسسات منشأة بموجب قانون سواء صادر من المجلس التشريعي أو من قرار بقانون من الرئيس، أو بموجب مجلس الوزراء، وهناك مؤسسات بموجب مراسيم رئاسية، ونحن درسنا كل المؤسسات، وكانت أول دراسة لـ 30 مؤسسة سواء بالإلحاق أو الدمج والغاء، مشيرًا الى أن قرار مجلس الوزراء سيرفع الى الرئيس للنظر في التعديلات التشريعية والقانونية للمؤسسات التي تم اتخاذ القرار بها.
ولفت الى أن هذا القرار جاء كخطوة مهمة نحو ترشيق الجهاز الحكومي، وحكومته انسجاما من المصلحة الوطنية العليا لدولة فلسطين، ولتخفيف النفقات على خزينة الدولة، ولكن الأهم هو الا تمس الخدمات التي تقدمها تلك المؤسسات للمواطن، مشيرًا الى أن دولة فلسطين انضمت الى العديد من الاتفاقيات الدولية وملزمة باحترام وتطبيق هذه المعايير، انسجاما ومراعاة لهذه الاتفاقيات الدولية.
وقال وزير العدل: إن هذه هي المرحلة الأولية في حوكمة المؤسسات، وسيكون هناك اجتماع آخر للجنة (بعد الانتهاء من هذه المرحلة) للنظر في مؤسسات أخرى بنفس المعايير التي درجت عليها اللجنة، لتحقيق الهدف العام وهو الحوكمة والترشيق وانسجامها مع أهداف التنمية الشاملة لمؤسسات دولة فلسطين.