كلمتين بعيد عن فانتازيا الخيال، والحوارات الطريفة في الإعلام ، حكاية الانتخابات و الوحدة والاستراتيجية، وبناء الشراكة وإنهاء الانقسام، وتجسيد وحدة الوطن والشعب والقيادة والقرار من خلال عملية ديموقراطية حرة ونزيهة؛ كلمات كبيرة جدا لكن بعضها لحقه الاجهاد من كثرة الاستعمال اللغوي ، وانعدام الاستعمال الفعلي ، هذه الكلمات فقدت السمة، بسب نوع من الممارسة الرديئة. الامر الذي هو كفيل - وحده - بأن يكفر الراي العام بهذه الكلمات ، او يضعها في غير موضعها الصحيح من القاموس الحق. لكن أهمس في أذنك - حتى الآن - مفيش وحدة .ولا استراتيجية ولا يحزنون.
الانقسام الاسود مازال يستمد قوته من صنّاعه، وأيضًا من مساندة بعض الدول له. الانقسام الاسود ، مخطط قائما وحقيقي ومستمرا ، لانهم عارفين ان وجود حريات و حقوق حقيقية، وانتخابات تعني انتهاء وجودهم على راس شبه / السلطة، و انا بتكلم على اي استحقاقات انتخابية حقيقية. وبدون الاتفاق على رؤية شاملة واستراتيجية جديدة وشراكة حقيقية، تحت مظلة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في والوطن والشتات. بدون ذلك، فإن من سيعاني هو شعبنا.
فإذا كان الشعب لا يرغب، طبقا لحقوقه الدستورية، في استمرار هذا الوباء، في شبه حكم، فالسؤال هو كيف يحقق رغبته هذه وهو لا يملك أي تعبير سياسي مادي؟ لا معارضة حقيقية ولا حزبية؛ ولا طريق لتداول سلمي للسلطة (صناديق انتخابات)؟ لتحقيق هذا ؛ ونظام ضفة – غزة ، تملك وتحكم من خلال التفرقة بين الشعب والفئات وخلق حاله مزمنة من الانقسام المجتمعي ، وتغييب للقامات الفكرية والسياسية والقيادية ، وأحياء قامات مزيفه تشوش على الصورة العامة للشعب وتنفر الناس عنها، وعن المصالحة الحقيقية ، وعن القامات الحقيقية فكريا او اقتصاديا وسياسيا، وعليه اى تجربه للحل ستكون ضعيفة، و تفتقد القوه ، لضعف اعدادها .. تفتقد البصيرة لخلوها من الخطط القيادية الفكرية والسياسية؛ فالوطن أنا وأنت، وليس الوطن ..يا أنا - يا أنت.
فهل .. المطلوب من الناس الان . ترديد هذه الشعارات دون الذهاب الى ابعد من ذلك؟! ولابد من شغلها عما حولها ، وعن القضية الاساسية، بالزعيق والصراخ ، فهي لا تفرح او لا تصلح الا لهذه الالعاب النارية الملونة؟! ومشاهدة باقي فقرات هذا السرك السياسي الرديء . وترى الناس في مثل هذا الوضع تتلقى هذه الكلمات بالسخرية، واما السلبية المطلقة ، او قد لا تقاومها عن سلبية وعدم اقناع ، ولكنها ليست بالنسبة لهم مشروعة ؛ وليست لها في ضمائرهم اية مرتكزات فنحن نلاحظ اننا لو اخذنا مثلا سياسة أي بلد ، له نظم سياسية ، سنجد ان البلد تتغير مجالسه النيابية والتشريعية ، و احزابه الحاكمة ، وقد تتبدل وزارته ولكن سياساته العامة ثابتة، وعناصرها واضحة وتوجهاتها معروفة مقدما ، وردود فعله يمكن التنبؤ بها الى حد كبير.
لكننا ما نجده هنا سياسات عرضة للتقلبات الحادة. ومعرضة دائما للهزات ، واحينا للأمزجة حتى دون تغير الوجوه والاشخاص ، اهدافها مغلفة بالغموض ، دوافعها اما الخوف من المجهول. واما هذه الدوافع لا توجد معلومات كافية عنها لدي المواطنين؛ والاعتبارات الشخصية لها قدر كبير في توجيه هذه السياسات، بسبب المزاجية واعتبارات المجاملة ، والعلاقات الفردية بين هؤلاء ، وبالتالي فإننا نجد رد فعل الراي العام ازاء هذا هو المناهضة والحالة هنا تكون واضحة، هي السلبية المطلقة ، وعدم استبعاد ان تنقلب هذه الاتجاهات فجأة بين يوم وليلة .
حتى هذه اللحظة فإن الزعامات الثابتة والغير متغيرة ، ولا المتعاقبة يمكنها أن تفعل أي شيء لصرف الأنظار عن الوحدة الحقيقية، وإعادة رص وتوحيد صفوف مواطنيها خلف العدو الحقيقي، و اشباه الحكومات استخدمت موضوع الانقسام الأسود ؛ بمهارة شديدة لاستمرار مؤامرة الانقسام ، وعدم توحيد الشعب على هدف وطني ، وعدم توفر المبررات والاسباب والمعلومات الكافية لدى المواطن. فمن الصعب للغاية فهم توجهات مجموعة من الناس ، كل منهم يعتقد أنه أكثر عبقرية من الآخرين، وأنه يستحق أكثر مما يحصل عليه الاخر. لذلك فإن من سيعاني هو شعبنا.