كشف دور سليماني في غزة هل يعني بداية استراتيجية ردع جديدة؟ د. محمد بكر

السبت 02 يناير 2021 04:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
كشف دور سليماني في غزة هل يعني بداية استراتيجية ردع جديدة؟ د. محمد بكر



مُهماً جاء توقيت مناورة الركن الشديد التي نفذتها الأجنحة العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، الرسائل العسكرية كانت حاضرة ومدلولات الحدث وأبعاده كانت حديث الساعة لوسائل الإعلام الإسرائيلية ، أهمية التوقيت كان منطلقه حساسية المرحلة ومفرزاتها وجديدها السياسي والعسكري لجهة التحالف الأمني والعسكري التي تهندسه اليد الإسرائيلية لتفصيل مقاسات المواجهة المحتملة ، رقْصُ نتنياهو على إيقاع التطبيع والتغني بالعلاقات مع الدول العربية وصفو الإنجاز لم يدم طويلاً ، فرسائل الوحدة الفلسطينية- الفلسطينية، وحديث الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة مع الميادين، والأيادي التي تسعى لعودة العلاقة بين حماس والدولة السورية إلى سابق عهدها، والرسائل القطرية لطهران التي قيل أن الولايات المتحدة قد بعثت بها على قاعدة ” تطرية الأجواء “، وإصدار الدفاع الأميركية قراراً بسحب حاملة طائراتها يو إس إس من الخليج ، كان كفيلاً بتعكير فرحة نتنياهو، ومحدداً مقيتاً لطموحاته ونياته في إكمال ممهدات المواجهة.

 الكشف عن دور قاسم سليماني والرئيس الأسد في إيصال الأسلحة وصواريخ الكورنيت إلى غزة، وكذلك مخططات تصنيع الأسلحة ووصولها للضفة هو يترك بطبيعة الحال تساؤلين اثنين :
الأول هو أن مفاعيل حالة الردع التي تصوغها المقاومة الفلسطينية سواء بالعقول الفلسطينية أو بمساعدة الأصدقاء، لم تغير كثيراً في خارطة وشكل الصراع مع الإسرائيلي، فالاحتلال باقٍ والاستيطان يزيد، والأرض المحتلة هي ذاتها، وردع المقاومة لم يتطاول فوق حدود التهدئة التي تكون الناتج الأوحد في كل المواجهات ، وآخرها المواجهة الأخيرة للاحتلال مع حركة الجهاد الإسلامي التي استمرت يومين قبل أن تصوغ الوساطة المصرية التهدئة ويبقى الحال على ماهو عليه ، وإن كان الإسرائيلي هو الذي سارع لتلك التهدئة ، بمعنى الحديث عن القدرات وإرسال الرسائل ليس ذو قيمة استراتيجية مالم يصنع تحريراً أو يفرض شروطاً على الاحتلال ليتنازل عن أرضٍ أو يوقف استيطان .
الثاني : إنْ كانت الأسلحة أو مخططات تصنيعها قد وصلت للضفة الغربية ، فلماذا لم ينفجر البارود في جبهة الضفة؟؟ وإيران هي التي كانت تتحدث عن ضرورة تسليح الضفة ، ولماذا لم نسمع عن عملية نوعية تؤلم العدو؟؟فكل العمليات التي تجري في الضفة , هي في إطار اليسير المحدود التي لم ترقى إلى مستوى انفجار الضفة.
التغني بالإنجازات وأدوار لشخصيات ودول في زمن قد فات ، هو لا يُفيد كثيراً، والأهم أن يُتبع ذلك بخطوات تتطلبها المرحلة على طريق أن يكون هذا الاحتلال مردوعاً،  وتغييراً لشكل الصراع معه ، ولا نعلم إنْ كانت مناورة الركن الشديد هي البداية لمرحلة جديدة, وربما لتضع إيران والداعمين على المحك ، ولاسيما مع توقع وصول الصقور إلى سدة الرئاسة في طهران، وما تكاثره القيادات الإيرانية هذه الأيام من سقف مرتفع للخطاب حول الانتقام من قتلة سليماني .
المؤكد أن الإسرائيلي سيستمر بذات الاستراتيجية لجهة الدفع نحو إكمال مابدأه ، مع وصول بايدن الذي سيصادق ربما على تفعيل المواجهة وإنفاذ مايرسمه الإسرائيلي، بخلاف كل التوقعات التي تحدثت عن تهدئة محتملة مع طهران بمجيء بايدن .
الأيام المتبقية في ولاية الرئيس ترامب قد تحمل معها المفاجآت, وبقاء إيران في سورية تحديداً، هو  العامل الأوحد الذي سيُثبّت أكثر ، فرضية المواجهة مع طهران وفي عهد بايدن .
كاتب صحفي ومحلل سياسي فلسطيني
روستوك – ألمانيا