صحيفة اسرائيلية: لماذا تعارض إسرائيل ترسيم الحدود بين مصر وفلسطين؟

الخميس 24 ديسمبر 2020 05:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة اسرائيلية: لماذا تعارض إسرائيل ترسيم الحدود بين مصر وفلسطين؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: تسفي برئيل   "تغيير الاتجاه الذي قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس القيام به عندما استأنف التنسيق الأمني مع إسرائيل في 17 تشرين الثاني وأعاد السفرين الفلسطينيين إلى البحرين والإمارات، هو جزء من استعداد السلطة الفلسطينية قبيل دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض. ليس لأن عباس يعلق الآمال على نجاح المفاوضات مع إسرائيل إذا استؤنفت، وليس من الواضح إذا كان هذا النزاع سيقف على رأس أولويات بايدن، ولكن من الأفضل تهيئة الاستقبال.

للدول العربية، خاصة التي انضمت مؤخراً إلى دائرة التطبيع مع إسرائيل، من المهم أن تطرح المشكلة الفلسطينية وكأنها ما زالت على الأجندة. كل ذلك من أجل ألا تسجل في التاريخ كمن تخلت عن الفلسطينيين، ولا يقل عن ذلك أهمية… من أجل تبديد الانتقاد العام الذي أثارته عمليات التطبيع في الفضاء العربي.

اجتمع في القاهرة السبت الماضي وزراء خارجية مصر والأردن والسلطة لمناقشة طرق العمل وطرح خطة عمل سياسية على الإدارة الجديدة. حدث هذا بعد حوالي أسبوعين من إعلان وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عن تمسكهما بالمبادرة العربية التي تتضمن إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس. اتفق عباس في 30 تشرين الثاني والرئيس المصري، على ضرورة استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، وعلى تنفيذ المصالحة الفلسطينية الداخلية بين فتح وحماس. ومن اعتقد أن الموضوع الفلسطيني قد أزيح عن جدول الأعمال عند رفع علم إسرائيل في الإمارات سيضطر كما يبدو إلى تجميد الاحتفال.

ثمة نقطة انطلاق محتملة لاستئناف المفاوضات، وبالتحديد في مجال الغاز. إسرائيل والسلطة عضوتان في منتدى الغاز لشرق البحر المتوسط الذي بادرت إليه مصر، ثم أصبح منظمة دولية، تشارك فيها مصر الأردن وفلسطين وإسرائيل واليونان وقبرص، وجميعها في مكانة دولة. في نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت مصر بأن الإمارات انضمت إلى هذا المنتدى بصفة مرافق. الهدف الأول لهذه المنظمة كان وضع سور دفاعي ضد تركيا، التي بدأت بتنفيذ عمليات تنقيب عن الغاز والنفط في شرق البحر المتوسط في مناطق تدعي اليونان وقبرص سيادتهما عليها، ومحاربة اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقع بين تركيا وليبيا والذي يفصل رسمياً حقول النفط المصرية عن إمكانية الوصول المباشر إلى السوق الأوروبية.

المشكلة هي أن فلسطين ليست دولة سيادية مع حدود معترف بها، رغم أنها وقعت على ميثاق الأمم المتحدة بشأن القانون البحري الذي ينص على أن كل دولة لها شواطئ يمكنها ادعاء الملكية على الموارد الطبيعية الموجودة على طول 200 ميل من خط شاطئها. ولأن إسرائيل لا تعترف بفلسطين، فهي تعترف بحقها في استغلال مواردها الطبيعية ومنها النفط والغاز الموجودة في أعمال البحر المتوسط. وتحاول مصر التغلب على هذا التعقيد عن طريق اتفاق ترسيم حدود بحرية بينها وبين السلطة، وهو موضوع نوقش بينها وبين السلطة في العام 2016 لكنه لم ينضج ليصبح اتفاقاً، بسبب معارضة إسرائيل. منذ الانتفاضة الثانية وإسرائيل تمنع التنقيب عن النفط في حقل “مارين 1” وحقل “مارين 2” على بعد حوالي 36 كم عن خط شاطئ غزة.

عند إقامة منتدى غاز شرق البحر المتوسط حصل ترسيم الحدود بين غزة ومصر على قوة داعمة، ومنذ ذلك الحين عقدت عدة لقاءات بين خبراء فلسطينيين ومصريين لمناقشة عملية في هذا الشأن. تقول مصر إن إسرائيل لا تملك سبباً لمعارضة ترسيم الحدود، وإذا كانت مستعدة للجلوس مع ممثلي حكومة لبنان، التي في عضويتها ممثلون عن حزب الله، فبإمكانها أن تتفاوض أيضاً مع السلطة الفلسطينية، وحتى مع حماس، التي تؤيد اتفاق ترسيم الحدود.

إذا تحقق ترسيم الحدود بين مصر وفلسطين فستكون هذه الحدود المعترف بها الأولى التي تحدد فلسطين، وذلك كما يبدو هو أيضاً السبب الرئيسي لمعارضة إسرائيل. وثمة مسألة أخرى تتعلق باستكمال أنبوب الغاز من إسرائيل إلى غزة، وهو مشروع قد يوفر لغزة حوالي مليار متر مكعب في السنة، ويمكن أن يلبي معظم احتياجات الكهرباء للقطاع وتمكين السلطة من التحرر من جزء كبير من شراء الكهرباء من إسرائيل، التي تزود القطاع الآن بحوالي 60 في المئة من احتياجاتها. موضوع الأنبوب طرح في العام 2014 في المباحثات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والرباعية. تكلفته التي تقدر بنحو 100 مليون دولار كانت تنوي تمويلها الدول الأوروبية وقطر. ولكن مثل مشاريع أخرى، وجد موضوع الأنبوب مكانه في الدرج. تجري مؤخراً مباحثات بين إسرائيل والسلطة وقطر حول بناء الأنبوب، الذي يتوقع أن ينتهي استكماله، إذا لم تظهر مرة أخرى عقبات، في نهاية العام 2022. وحماس تشارك في هذه المباحثات أيضاً، بصورة غير مباشرة مع إسرائيل. وحسب مصادر فلسطينية، تحاول إسرائيل ربط مشروع أنبوب الغاز بصفقة تبادل الأسرى والمفقودين الإسرائيليين. كل ذلك بالإضافة إلى نيتها دمج المشروع كجزء من خطة التهدئة طويلة المدى بينها وبين حماس. في المقابل، تطالب حماس بالحصول على ضمانات بأن لا يتحول الأنبوب إلى أداة ضغط إسرائيلية عليها، مثلما تتعامل إسرائيل مع السولار الذي تبيعه للقطاع لمحطة الطاقة القائمة. وإقامة الأنبوب والتفاهمات التي سيتم التوصل إليها بين الطرفين غير منفصلة عن شبكة المصالح الإقليمية الأوسع التي تربط بين إسرائيل ومصر والأردن والإمارات واليونان وقبرص، والتي أصبحت حماس والسلطة الفلسطينية شريكتين مهمتين فيها.