خالد يدعو لتمتين الجبهة الداخلية والاستعداد للتطورات السياسية المقبلة

الثلاثاء 22 ديسمبر 2020 11:12 ص / بتوقيت القدس +2GMT



رام الله / سما /

دعا تيسير خالد ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الى إجراء مراجعة سياسية واسعة ، تفضي الى إصلاح شامل للأوضاع في منظمة التحرير الفلسطينية وتمتين الجبهة الداخلية استعدادا للتطورات السياسية القادمة.

جاء ذلك في حوار مع وسائل الاعلام أجاب فيه على عدد من الاسئلة التي تحتل أهمية وأولوية في أوساط الرأي العام الفلسطيني ، حيث أكد أن أحد المداخل الرئيسية لذلك هو تصويب العلاقة بين منظمة التحرير الفلفسطينية والسلطة الفلسطينية واحترام دور المنظمة باعتبارها المرجعية الوطنية وباعتبارها كذلك جبهة وطنية موحدة تدار الامور فيها على قاعدة العمل الجماعي والقيادة الجماعية والديمقراطية التوافقية وأكد على أهمية العودة إلى الممارسة الديمقراطية التي تعيد الحالة الفلسطينية إلى طبيعتها ، أما أن يبقى هذا الوضع على ما هو عليه ، فمن شأنه أن يعمق أزمة النظام السياسي الفلسطيني ويبقى المستفيد الوحيد منه على كل حال أعداء الشعب الفلسطيني وخاصة الاحتلال الإسرائيلي . وقد استعرض الحوار عددا من المحاور السياسية أوضح  فيها تيسير خالد الموقف على النحو التالي :

1 - لنبدأ هذا الحوار بالاستفسار عن الاوضاع في منظمة التحرير الفلسطينية وهيئاتها ومؤسساتها . عقدتم مؤخرا اجتماعا للجنة التنفيذية ، وهو الاجتماع الاول بعد إعلان قرار عودة العلاقات مع اسرائيل الى ما كانت عليه قبل التاسع عشر من أيار الماضي . هل كان ذلك الاعلان مدروسا وهل كانت اللجنة التنفيذية قد ناقشت ذلك القرار قبل إعلانه أم أن اللجنة التنفيذية باتت مغيبة كما تفيد تصريحات ومواقف عدد من أعضائها وما هي تصوراتكم لإصلاح الاوضاع في منظمة التحرير الفلسطينية في ضوء القرار الأخير للجنة التنفيذية بدعوة المجلس المركزي للإنعقاد في دورة جديدة وتشكيل لجنة لهذا الغرض .

قرار عودة العلاقات الى ما كانت عليه قبل التاسع عشر من أيار الماضي لم يصدر عن اللجنة التنفيذية أو أي من الهيئات القيادية الفلسطينية المعنية ، التي اتخذته او صادقت عليه . من المعروف أن ذلك القرار قد صدر عن اجتماع قيادي فلسطيني على أعلى المستويات ، وفي ذلك الاجتماع أعلن الرئيس محمود عباس / أبو مازن أمام الملأ بأن منظمة التحرير الفلسطينية في حل من جميع الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع دولة الاحتلال الاسرائيلي وما يترتب عليها من التزامات ، وهو لم يكن على أية حال القرار الأول فقد سبق أن أكدنا على ذلك في المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده في رام الله نهاية نيسان مطلع أيار 2018 وأكدنا عليه في اكثر من دورة للمجلس المركزي قبل ذلك التاريخ وبعده . جديد ذلك القرار أنه جاء ردا على إعلان حكومة نتنياهو – بيني غانتس برنامجها في السابع عشر من نفس الشهر والذي أكدت فيه اتفاق كل من حزب الليكود وحزب ازرق أبيض على ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية الى دولة الاحتلال في التسوية السياسية التي كانت الادارة الاميركية الراحلة تدعو لها في سياق السعي لتصفية القضية الفلسطينية . في ذلك الاجتماع القيادي تم اتخاذ القرار وقد تم تعزيزه في اجتماع القيادة الفلسطينية ، الذي ضم الأمناء العامين للفصائل الوطنية والاسلامية بما فيها حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي . وجاء صادما للجميع الاعلان في تشرين ثاني / نوفمبر الماضي عن عودة العلاقات مع اسرائيل الى ما كانت عليه قبل التاسع عشر من أيار وتصوير ذلك على انه انتصار للسياسة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية .

ذلك الاعلان تم من وراء ظهر الهيئات القيادية الفلسطينية ، التي اتخذت القرار والتي عززته لاحقا بقرارات شكلت محطة اجماع وطني اشاع نوعا من التفاؤل في اوساط الرأي العام الفلسطيني بأننا أمام مرحلة جديدة تفتح على انها الانقسام المدمر وعلى مواجهة واسعة شاملة مع صفقة القرن الصهيو – أميركية على طريق إحباطها في سياق مقاومة شعبية عارمة تحت قيادة وطنية موحدة وعصيان وطني يأتي تتويجا لمثل هذه المقاومة الشعبية . وبصراحة فقد الحق التراجع عن قرار التاسع عشر من أيار ضررا فادحا بالأوضاع الفلسطينية والعلاقات بين فصائل العمل الوطني انعكس بشكل مباشر على الرأي العام ، الذي كان متشككا في الأساس وكانت تفصله فجوة واسعة من ضعف الثقة بقرارات القيادة .

هذا كان محل نقاش معمق ومسئول في الاجتماع الأخير الذي عقدته اللجنة التنفيذية برئاسة رئيسها الأخ ابو مازن حيث عبرنا عن رفضنا لإعلان التراجع عن قرار التاسع عشر من ايار ودعونا للعودة الى الهيئات التي اتخذت ذلك القرار والى احترامها واحترام ما يصدر عنها من مواقف وقرارات ، ورفضنا في الوقت نفسه ربط التراجع عن القرار بالمشكلة التي ترتبت على رفض استلام أموال المقاصة ، فالقرار كان سابقا لذلك وأموال الماصة لم تشكل ولا يجب ان تشكل حجر الاساس في الموقف السياسي الفلسطيني .

أما بِشأن الاوضاع في منظمة التحرير الفلسطينية ، أوضاع هيئاتها ومؤسساتها ، فالأمر بات مكشوفا للجميع ، فقد باتت هذه الهيئات والمؤسسات معطلة ومشلولة وخاصة الاوضاع في اللجنة التنفيذية ، التي تحولت على غير تقاليد العمل في منظمة التحرير الفلسطينية الى هيئة استشارية لا تملك من أمرها شيئا . على خلفية هذه الاوضاع التي تعيشها هيئات ومؤسسات العمل في منظمة التحرير الفلسطينية تداولت اللجنة التنفيذية أهمية دعوة المجلس المركزي الفلسطيني الى عقد دورة جديدة ، هي في الاساس استحقاق طال انتظاره ، للبحث في ملفين هما الملف السياسي بتشعباته الواسعة بدءا بما ترتب على انتخابات الرئاسة الاميركية من نتائج برحيل إدارة معادية تماما وصعود إدارة جديدة مرورا بالأزمة التي تعصف بالوضع السياسي والحكومي في اسرائيل وانتهاء باندفاع بعض الدول العربية نحو التطبيع مع دولة الاحتلال والثاني الملف التنظيمي الاداري والمالي وملف هيئات المنظمة ، ليس اللجنة التنفيذية ودوائرها ومسؤولياتها ودورها واستكمال عضويتها باعتبارها القيادة السياسية التنفيذية العليا واليومية أو انتخاب لجنة تنفيذية جديدة تتسع للجميع ،  وهيئة رئاسة المجلس الوطني والصندوق القومي الفلسطيني وكل ما من شأنه أن يعيد للمنظمة دورها القيادي في هذه الظروف . وقد تشكلت لهذا الغرض لجنة من بين أعضاء تنفيذية المنظمة ، وربما يكون من الأنسب أن تكون هذه اللجنة اوسع في عضويتها بحيث يصبح ممكنا إدارة حوار وطني أوسع وأشمل نحن في أمس الحاجة له في هذه الظروف الاستثنائية .

2 - هل حلم إنشاء الدولة الفلسطينية لا يزال ممكنا بالرغم من كافة التحديات ؟ وهل تحتاج السلطة الفلسطينية لاتخاذ قرارات إستراتيجية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ؟ وما هي شكل هذه القرارات.

الدولة الفلسطينية ليست موضوع حلم فقط بل هي مشروع سياسي قابل للتطبيق والحياة ، إذا ما توفرت له الروافع المطلوبة . يجب الا ننسى هنا وثيقة الاستقلال التي اقرها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشرة في الجزائر عام 1988 ، فقد أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل في تلك الدورة إعلان قيام دولة فلسطين على الاراضي المحتلة بعدوان حزيران 1967 ، بما فيها القدس ، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1515 لعام 2003 ، والذي أكد فيه المجلس على رؤيته التي تتوخى منطقة تعيش فيها دولتان ، إسرائيل وفلسطين ، جنباً إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها ، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19 لعام 2012 الذي أقر منح فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة المراقب في الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 لعام 2016 ، الذي أكد على ما يسمى حل الدولتين ، هذا الى جانب قرار التقسيم رقم 181 . هذه جميعها تصلح ان تكون اساسا سياسيا وقانونيا نعتمد عليه في النضال من أجل تحويل الحلم الى مشروع سياسي قابل للحياة والتطبيق . لا يوجد أمامنا خيارات بديلة ، فالخيارات البديلة هي في المحصلة تسليم بالوقائع التي تفرضها اسرائيل على الارض والقبول بالعيش تحت نظام حكم اسرائيلي بحقوق مدنية في نظام فصل عنصري .

أما الروافع المطلوبة فتبدأ بطي صفحة الانقسام الاسود ، الذي افسد الحياة السياسية الفلسطينية وعطل الحياة الدستورية واستخدمته القوى المعادية للادعاء بعدم وجود شريك فلسطيني ، وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني سواء في منظمة التحرير الفلسطينية او السلطة الوطنية من خلال انتخابات عامة تشريعية ورئاسية ، حرة ونزيهة وديمقراطية نجدد من خلالها شرعية الهيئات القيادية وتتواصل بالعودة الى قرارات الاجماع الوطني وقواعد العمل الجبهوي والقيادة الجماعية بحيث تحترم قرارات المجالس الوطنية وقرارات المجالس المركزية ومؤخرا قرارات الاجتماع القيادي ، الذي انعقد في التاسع من أيار هذا العام وأعلن فيه الرئيس محمود عباس ان منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين في حل من جميع الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع دولة الاحتلال وما ترتب عليها من التزامات ، هذا الى جانب مخرجات اجتماع الأمناء العامين في الثالث عشر من تشرين اول الماضي ، والتي اعلنت بوضوح أن التوجه العام يجب ان ينصب على تنظيم اوسع مقاومة شعبية للاحتلال وانتهاكاته ومشاريعه الاستيطانية تحت قيادة وطنية موحدة تشارك فيها جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي والاتفاق كذلك في هذا السياق على استراتيجية وطنية للصمود توفر متطلبات الإنفكاك السياسي والأمني والاقتصادي عن الاحتلال ، على طريق التحضير لعصيان وطني شامل يدفع المجتمع الدولي الى التدخل والبحث عن تسوية سياسية في اطار مؤتمر دولي ورعاية دولية وعلى قاعدة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وبما يوفر الامن والاستقرار لحميع شعوب ودول المنطقة بما فيها دولة فلسطين ويصون حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم التي هجروا منها بالقوة العسكرية الغاشمة .

3 - هل يتمكن بايدن من إنقاذ حل الدولتين بعدما القي ترامب بثقله السياسي خلف المطالب الصهيونية وترك ما لا يتماشي مع المصالح الإسرائيلية؟

ليس من المناسب رفع سقف التوقعات من إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن ، بل رفع سقف المطالب من هذه الإدراة ودعوتها الى مراجعة سياسة الادارة الراحلة والتراجع عنها وجبر الضرر الذي الحقته بمصالح وحقوق الشعب الفلسطيني . فأجندة بايدن السياسية مثقلة بأولويات ليس من بينها موضوع الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ، فأولوياته معالجة تداعيات الانقسامات الحادة في المجتمع الاميركي والتي برزت بوضوح في انتخابات الرئاسة الاميركية ومعالجة تداعيات جائحة كورونا ، التي تلقي بظلالها على الحياة وعلى الاقتصاد في الولايات المتحدة الأميركية ، هذا الى جانب ترميم علاقات الولايات المتحدة التي تدهورت مع الحلفاء في الاتحاد الاوروبي وفي حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) والملف النووي الايراني والعلاقات مع كل من روسيا الاتحادية والصين وضبطها لتبقى تحت السيطرة وعد انزلاقها نحو حرب باردة . هذه هي اولويات السياسة الاميركية ، ملفات ساخنة داخلية وخارجية تتقدم على ملف الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ، ومن هنا فالتوقعات تشير الى أن ادارة الرئيس جو بايدن ستواصل سياسة إدارة العملية السياسية بطرق وأساليب مختلفة عن سياسة الرئيس الراحل ترامب ، انحياز لصالح اسرائيل دون مواقف عدائية من الفلسطينيين . ليس من المتوقع ان تراجع ادارة بايدن الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي أو تراجع مسألة نقل السفارة من تل أبيب الى القدس ، لكن في مقابل ذلك يمكن ان تقدم الادارة الجديدة ما يمكن تسميته أثمان ترضية للجانب الفلسطيني ، إعادة فتح القنصلية الاميركية في القدس ، إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ، العودة الى الموقف من الاستيطان باعتباره عقبة في طريق السلام والضغط لتنظميه ، إعادة المساعدات الاميركية الى الجانب الفلسطيني ومساهمة الولايات المتحدة في موازنة اللاجئين ( ليس بالضرورة موازنة الاوروا ) وهكذا . هذا كله يمكن ان يندرج تحت عنوان إدارة الازمة او تعبئة الفراغ وإبقاء الاوضاع تحت السيطرة ، إلا إذا فرض الجانب الفلسطيني معادلة جديدة في العلاقة مع الادارة الاميركية الجديدة تقوم على دعوتها لمراجعة السياسة العدوانية والمعادية التي سارت عليها الادارة السابقة في الموقف من الحقوق الفلسطينية واعلنت بوضوح احترامها للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية كأساس لتسوية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي ورفعت الغطاء عن السياسة العدوانية الاستيطانية التوسعية لحكومة اسرائيل ومعادلة جديدة في إدارة الصراع مع الاحتلال وفق الروافع التي اشرنا اليها وعلى اساسها ، معادلة تغير في ميزان القوى مع الاحتلال وتدفع الادارة الاميركية الجديدة الى التفكير بمقاربة مختلفة تقوم على احترام القانون الدولي والشرعية الدولية كأساس للتسوية السياسية.

4 - في ظل عدم رغبة الاحتلال إقامة دولة فلسطينية في الضفة وكذلك عدم رغبة الادارة الأمريكية واوروبا التخلي عن السلطة.. هل يمكن القول ان مستقبل الحل الفلسطيني الإسرائيلي إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية ذات قيم ليبرالية ؟

هذا يعني القبول بدولة واحدة بديلا لما يسمى حل الدولتين . قبل الدخول في هذا الموضوع اود توضيح امر هام يتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية . الحقوق الوطنية الفلسطينية تتجاوز حق الفلسطينيين في العيش في دولة مستقلة على اراضيهم المحتلة بعدوان 1967 ، فهي بوضوح حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بعناصره الثلاث : الحق في العيش في دولة مستقلة ذات سيادة كفلتها قرارات الشرعية الدولية وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم ، التس هجروا منها بالقوة العسكرية الغاشمة والحقوق القومية الجماعية لأبناء الشعب الفلسطيني في اراضي 1948 بما فيها حقوق المواطنة والمساواة في الحقوق المدنية . كل من هذه العناصر في حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني غير قابل للمساومة ولا يخضع لرغبات الاحتلال او الرغبات الاميركية او غيرها ، هي حقوق ثابتة غير قابلة للتصرف . وعليه فإن الترويج لإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية ذات قيم ليبرالية هو دعوة صريحة للتنازل عن حق تقرير المصير والموافقة على العيش في دولة ليست فلسطينية وليست ديمقراطية وغير ذات قيم ليبرالية . الظروف وموازين القوى الراهنة لم تنضج بعد لمثل هذه الدعوات ، هي دعوات تفضي فقط الى القبول بالعيش في دولة أبارتهايد صهيونية يتمتع فيها الفلسطينيون بحقوق مدنية . حجر الأساس لبناء دولة ديمقراطية ذات قيم ليبرالية في فلسطين هو دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على جميع الاراضي المحتلة بعدوان حزيران 1967 والعمل مع القوى الديمقراطية والليبرالية اليهودية انطلاقا من ذلك على إعادة توحيد البلاد في دولة تنبذ التفرقة العنصرية والتعصب القومي وتنبذ قبل هذا وذاك الايدولوجية الصهيونية وروايتها الكاذبة حول تاريخ هذه البلاد .

5 - في حال فشلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ووصلت لطريق مسدود بسبب الانحياز الغربي والتعنت الأمريكي وعجز الامم المتحدة عن تنفيذ قراراتها.. فما الذي يتوجب علي السلطة الفلسطينية فعله حينها؟

المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية غير قائمة منذ العام 2014 ، وحتى قبل العام 2014 لم يكن هناك مفاوضات بالمعنى الحقيقي للكلمة بقدر ما كان هناك مشاغلة للوقت ولم تحكم العملية في حينه أسس واضحة ، كانت دائما مفاوضات دون شروط مسبقة استخدمتها اسرائيل غطاء لسياستها العدوانية الاستيطانية التوسعية . لم يسبق ان ابدت اسرائيل الاستعداد للدخول في مفاوضات مع الجانب الفلسطيني على اساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، بل هي كانت دائما تصر على مفاوضات دون شروط مسبقة ، أي مفاوضات لا تقيدها بشيء ولا تلزمها بشيء ، ولهذا لم تفض كل اللقاءات التي كانت تجري مع حكومة الاحتلال الى نتيجة ولا حتى الى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق الاطار ، اتفاقية المرحلة الانتقالية وما تلاها او اتفاقية باريس الاقتصادية . وعليه يحظر على الجانب الفلسطيني العودة الى المفاوضات ، إلا إذا كانت قائمة على اساس استعداد دولة الاحتلال للالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وبشرط ان تجري في اطار وسياق مؤتمر دولي ورعاية دولية بديلة للرعاية الاميركية الحصرية ، التي دمرت كل الجهود للتوصل الى تسوية سياسية شاملة ومتوازنة على اساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية . العودة الى المفاوضات في نفس سياق ما سبقها وبنفس أدواتها عملية عبثية ونتائجها حتما كارثية ، العودة الى المفاوضات في ظل استرار سياسة الاستيطان وسياسة هدم البيوت وسياسة الترانسفير والتطهير العرقي الصامت ، التي تمارسها اسرائيل في القدس وفي الاغوار الفلسطينية وفي مناطق جنوب الخليل وغيرها من مناطق الضفة الغربية عملية عبثية ، وعليه يجب بناء أية مفاوضات مستقبلية على اسس جديدة تماما وبأدوات جديدة ورعاية دولية مختلفة ، غير الرعاية الاميركية وحتى غير رعاية الرباعية الدولية ، التي كانت الادارات الاميركية تتلاعب فيها كالدمية . وحتى نصل الى ذلك لا بد من تغيير ميزان القوى مع الاحتلال ليس على الارض فقط بل وميزان القوى السياسي ، خاصة بعد مسلسل التطبيع العربي المخجل مع دولة الاحتلال .