معاريف - بقلم: أوريت لفي – نسيئيل "يلوح وزير العدل، آفي نسنكورن، كمن ستحسم على رأسه مسـألة ما إذا ستجري عما قريب انتخابات. فنتنياهو لم يكن يريده من اليوم الأول، وفضل حيلي تروبر. وبخلاف كل ما تبقى من تعييناتأزرق وأبيض”، فإن نسنكورن هو وزير ناجع ونشط، مستقل وذو أجندة، كمن تربى في حضن الهستدروت ويعرف كيف يعقد التحالفات ويخوض الصراعات. ومع ذلك، يخيل أن شيئاً لم يعده لمنصب الحارس الشخصي لمنظومة إنفاذ القانون في دولة إسرائيل.
في جل جهده، يضطر إلى أن يوظفه في صد هجمات رفاقه في الائتلاف على جهاز القضاء. فكفاح منتخبي الجمهور ضد الموظفية المهنية العليا لم يسبق أن كان فظاً وعاطفياً هكذا. رئيس الوزراء نتنياهو المنشغل في معركة البقاء القضائي، يجري نزعاً للشرعية عن النيابة العامة وعن القضاة، بينما يغسل دماغ مؤيده ويزرع في الوعي اصطلاحات مثل “الدولة العميقة” و”النيابة العامة داخل النيابة العامة”.
ولهذا السبب بالذات، فإن على “أزرق أبيض” أن يتصرف بشكل موضوعي وألا يشترط تعيين كوبي شفتاي مفتشاً عاماً للشرطة بتعيين عميت آيسمن كنائب عام للدولة، بالضبط مثلما يطلب الميزانية، والتناوب، والتعيينات السلمة والحكومة المؤيدة لمهامها، أو بتعابير أخرى: تنفيذ الاتفاق الائتلافي. فالواقع الفوضوي يدل على أن شيئاً من كل هذا لن يحصل، سواء تطوع نسنكورن بإخلاء كرسيه لصلاح الدين أم أجبروه على ذلك. هذا زواج لن يصمد وسيكون طلاقاً بشعاً. مع ستة مقاعد في الاستطلاعات، “أزرق أبيض”، أو ما يتبقى منه، في الطريق إلى الفناء.
يقرأ نسنكورن الخريطة ويفهم مثل كثيرين آخرين بأن ما يريده نتنياهو لا ينسجم مع ما يحتاجه الجمهور. فكلما ضعف صمود “أزرق أبيض”، يصبح الصراع الذي يديره أشد. فهذا الأسبوع رفضت محكمة العدل العليا التماس الوزيرة ميري ريغف والنائبة اوسنات مارك من الليكود، اللتين قاطعتا جلسة لجنة تعيين القضاة وطلبتا إلغاء القرارات التي اتخذت بتشكيلة ناقصة. ويحاول نسنكورن استنفاد صلاحياته حتى اللحظة الأخيرة، ونتنياهو يخرج عن طوره. من ناحيته، فإن الموظف البسيط من الهستدروت علم أحمر في الساحة السياسية.
إن عملية المناورات التي يقوم بها نتنياهو لا تنتهي هكذا؛ فهو يعمل بلا انقطاع من خلف ظهر مسؤولي “أزرق أبيض”. وهذا ما حدث عندما وقع على اتفاقات التطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب، وهكذا كان هذا الأسبوع عندما اختار رئيس الموساد التالي. نتنياهو لا يأبه بهم. أما نسنكورن فالقصة معه مختلفة، ولهذا يريد رأسه.
“أزرق أبيض” مشروع سياسي فاشل، إن شئتم “البعد السادس” لبيني غانتس. فهو حاضر – غائب في الساحة السياسية، ناهيك عن وزير الخارجية غابي أشكنازي. والآن أيضاً يبرران دخولهما إلى حكومة نتنياهو ويعددان قائمة الإنجازات: منع خطة الضم (ليس مؤكداً على الإطلاق إذا كان نتنياهو أرادها أو كان بوسعه أن يحققها)، الصراع من أجل سلطة القانون ومنع انتخابات للمرة الرابعة، ولكن في ضوء الوضع السياسي يبدو أن تضحيتهما كانت عبثاً.
ومع ذلك، فإن الانسحاب المدوي لجدعون ساعر سرق الأوراق. نتنياهو وغانتس أقل دافعية للتوجه إلى الانتخابات. والسؤال: كيف سيواصلان هذه الزواج تحت سقف واحد؟ وهل سيضحيان بزعيم العمال كي يكسبوا بضعة أشهر أخرى حتى الأزمة التالية؟
ومع أن شيئاً طيباً لا يهدد أياً من نواب “أزرق أبيض”، مثلما درج أفيغدور ليبرمان على القول، فإن نسنكورن يعيش معضلة قاسية للغاية. إذا ما استقال فسيخدم نتنياهو، وإذا بقي فسيمنع خيار مواصلة ولاية الحكومة، ويحبط الفرصة لاستقرار الساحة السياسية. أما الخيار الثالث فهو أن يستسلم غانتس لنتنياهو ويعمل من خلف ظهر نسنكورن كي يبعده عن وزارة العدل. نسنكورن في هذه الحالة هو مجرد مثال.