أوباما في كتاب أرض الميعاد : نتنياهو ماكر ومناور وعباس قليل الكلام

الأحد 13 ديسمبر 2020 07:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT
أوباما في كتاب أرض الميعاد : نتنياهو ماكر ومناور وعباس قليل الكلام



القدس المحتلة / سما /

بعد مرور بضعة أيام على انتهاء سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، التي انعقدت يوم 3 تشرين الثاني 2020، والتي لم تعلن نتائجها رسميا بعد، أصدر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ، كتابًا حقَّق مبيعات ضخمة، يحمل عنوان :"أرض الميعاد"، وهو عبارة عن مذكرات رئاسية للرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة تتناول حياته السياسية حتى الفترة الأولى التي قضاها في البيت الأبيض، ومن بينها مواقف إدارته إزاء قضايا الشرق الأوسط وتعاملاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والانقسامات العرقية داخل المجتمع الأميركي، ويختتم بالعملية الناجحة لقتل "أسامة بن لادن" في ايار 2011 في غارة "أبوت آباد".

صورة قاتمة ....

وفي سياق تناوله للمنطقة، عرض أوباما صورة قاتمة عن حكام الشرق الأوسط، وتناول "الطبيعة الاستبدادية والقمعية للأنظمة العربية الحاكمة"، وعدم خضوع كبار مسئولي تلك الأنظمة للمساءلة والمحاسبة، مشيرًا إلى أن معظم القادة العرب اعتمدوا على الأساليب "القمعية" نفسها للحفاظ على بقائهم في السلطة لعقود، ومن بينها: تقييد المشاركة السياسية وحرية التعبير والصحافة، وممارسة قوات الشرطة لأساليب القمع والتخويف ومراقبة المواطنين، إلى جانب عدم فعالية الأنظمة القضائية وانتشار الفساد.

شعارات قومية ومعتقدات دينية ...

ويلفت أوباما إلى أن تلك الأنظمة اعتمدت على الشعارات القومية، والمعتقدات الدينية المشتركة، وشبكات المحسوبية والروابط القبلية والعائلية. كما عبر عن أسفه إزاء القيود المفروضة على النساء والفتيات، وارتفاع معدلات البطالة في الدول العربية، على الرغم من أن الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عامًا يُشكلون أكثر من 60% من سكان تلك الدول.

وقد تحدث أوباما عن زيارته الأولى للسعودية في حزيران 2009، وقد وصف المملكة بصورة قاتمة، حيث تحدث عن الفصل الصارم بين الجنسين، والقوانين والحدود الدينية التي يتم تطبيقها في المملكة.

مبادرة نحو اسرائيل ...

ويوضح الرئيس السابق أنه لم يكن هناك توافقا مع الملك عبدالله حيال موضوعين، قائلا :" لم يقدم الملك عبدالله التزامًا، وكان حذرًا من الجدل المحتمل عندما تعلق الأمر باثنين من طلباتي المحددة، وهما أن تدرس المملكة وأعضاء آخرون في جامعة الدول العربية اتخاذ بادرة نحو إسرائيل قد تساعد في إطلاق محادثات السلام مع الفلسطينيين، وأن تتم مناقشة إمكانية نقل بعض السجناء من غوانتانامو إلى مراكز إعادة التأهيل السعودية".

هدايا ثمينة ...

وتحدث أوباما عن الهدايا الثمينة التي قُدمت له ولفريقه أثناء زيارتهم للرياض، وذكر أن تلك الهدايا جعلته يفكر في الأوضاع الصعبة التي يعيش فيها العديد من الشباب بالمنطقة، حيث قال: " لقد فكرت مرة أخرى في القراصنة الصوماليين الذين أمرت بقتلهم، فهم جميعهم مسلمون، كما فكرت في العديد من الشباب مثلهم في اليمن والعراق والأردن وأفغانستان وباكستان، والذين لن تقترب أبدًا قيمة الأرباح التي قد يحققونها طوال أعمارهم من ثمن تلك القلادة في يدي.. وإذا أصبح 1% فقط من هؤلاء الشباب متطرفًا فسيكون هناك جيش من نصف مليون شخص مستعدين للموت من أجل المجد الأبدي أو من أجل تحسين وضعهم إلى الأفضل".

ثورة اسلامية ...

وعن رؤية أوباما للنظام السعودي قال إنه من أجل تجنب حدوث ثورة إسلامية مثل تلك التي وقعت في إيران، فإن "النظام الملكي السعودي عقد صفقة مع رجال الدين الأكثر تشددًا، في مقابل إضفاء الشرعية على سيطرة آل سعود المطلقة على اقتصاد الدولة وحكومتها. ومن ثم فقد مُنح رجال الدين والشرطة الدينية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) سلطة تنظيم الحياة الاجتماعية والتفاعلات اليومية، وتحديد ما يتم تدريسه في المدارس، وفرض عقوبات على أولئك الذين انتهكوا المراسم الدينية، من الجلد العلني إلى قطع اليدين وعمليات الصلب الفعلية ."

الزيارة الاولى لمصر ...

وتحدث أوباما عن أول زيارة له إلى مصر لإلقاء خطابه بجامعة القاهرة لإصلاح العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي التي تدهورت في أعقاب أحداث 11 أيلول 2001. وأكد أنه يعلم بالانتقادات التي وُجهت له حتى من قبل بعض مؤيديه بسبب اللهجة المتفائلة التي اعتمدها في الخطاب، خاصة إذا ما قورنت بما شهدته منطقة الشرق الاوسط خلال الفترة الأولى من حكمه.

وأكد أوباما أنه "لا يوجد خطاب واحد يمكن أن يحل تحديات المنطقة التي طال أمدها".

الربيع العربي ...

وفيما يتعلق بالانتفاضات العربية "الربيع العربي"، أشار أوباما إلى أن سياسة الولايات المتحدة خلال تلك الفترة ربما تبدو متناقضة لغير المطلعين على حقيقة الأمور، لا سيما بعد فشل الإدارة الأميركية في احتواء الأوضاع في سوريا والبحرين. وأرجع ذلك إلى قلة النفوذ الأميركي في سوريا مقارنة بنفوذها في مصر، موضحًا أن الأمر اعتمد على الموازنة بين المصالح، "لأن سوريا خصمٌ قديم للولايات المتحدة في المنطقة ومتحالفة مع إيران وروسيا، فلم يكن للإدانة الأميركية لنظام بشار الأسد وفرض الحظر الأميركي أي تأثير حقيقي على أرض الواقع، لاعتماد سوريا على النفوذ الروسي لتجنب فرض عقوبات دولية في مجلس الأمن".

علاقات وثيقة ...

وقد جادل أوباما بأن العلاقة الوثيقة مع الحكومة البحرينية كانت لتسمح للولايات المتحدة بممارسة بعض الضغوط على المنامة، حيث قال: "بالنسبة للبحرين كان الوضع على النقيض من سوريا، إذ إن البحرين حليف للولايات المتحدة منذ أمد طويل، وتستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، مما يسمح لنا بالضغط على "حمد" ووزرائه بشكل خاص، للاستجابة جزئيًّا لمطالب المحتجين وكبح جماح عنف الشرطة".

تجدر الإشارة هنا إلى أن أوباما صوَّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كحاكم مقاطعة وكرئيس قوة إقليمية، ولكن لديه أسلحته النووية وحق الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مشيرًا إلى أنه يذكّره ببعض من كانوا يديرون شيكاغو، وكانوا يعتبرون المحسوبية والرشوة والابتزاز والاحتيال وأحداث العنف المتفرقة أدوات شرعية للتجارة.

من ناحية أخرى، لفت أوباما إلى أنه كان على دراية بحجم المخاطر عندما دفع "مبارك" علنًا للتنازل عن السلطة، موضحًا أن نظام الرئيس المصري الراحل ، تلقى مليارات الدولارات من دافعي الضرائب الأميركيين؛ فضلًا عن تزويده بالأسلحة وتبادل المعلومات وتدريب الضباط العسكريين. بينما تساهل مع البحرين، التي مارست أعمال قمع ضد الاحتجاجات لأنها قاعدة رئيسية للقوات الأميركية.

الثورة المصرية ...

وفي خضم أحداث الثورة المصرية، ذكر "أوباما" أنه تلقى اتصالًا هاتفيًّا من رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، الذي أكد خلاله أنه يجب المحافظة على استقرار مصر. وأضاف أن العاهل السعودي "عبدالله بن عبدالعزيز" قال له: "إن هناك أربعة أطراف تقف خلف ما يحدث في مصر هم: الإخوان المسلمون، وإيران، وحزب الله، وحماس"، لكن "أوباما" اعتبر أن ذلك غير صحيح.

ويذكر أوباما أيضًا، أنه بالنسبة للعديد من الحكام العرب، كان الدرس الرئيس المستفاد من مصر هو الحاجة إلى سحق الاحتجاجات بشكل منهجي وبلا رحمة، بغض النظر عن مقدار العنف الذي قد يتطلبه ذلك، وبغض النظر عن حجم الانتقادات الدولية التي قد تولدها مثل هذه الحملات.

اذكى زعيم في الخليج ...

وعلى هامش حديثه عن حكام المنطقة، تحدث أوباما عن ولي عهد إمارة أبو ظبي "محمد بن زايد"، ووصفه بأنه أذكى زعيم في الخليج العربي. وكتب أن الشيخ بن زايد قال: "إن التصريحات الأميركية بشأن مصر تُراقب عن كثب في دول الخليج العربي، بقلق متزايد. ماذا سيحدث إذا دعا المتظاهرون في البحرين الملك "حمد" إلى التنحي؟ هل ستطرح الولايات المتحدة مثل هذا البيان الذي تم إصداره عن مصر؟" وهنا أجاب أوباما بأنه "يتمنى العمل معه ومع آخرين لتجنب الاضطرار إلى الاختيار بين الإخوان المسلمين والاشتباكات العنيفة المحتملة بين الحكومات وشعوبها".

التدخل في ليبيا ...

وعن التدخل الأميركي في ليبيا قال أوباما في كتابه، إن الولايات المتحدة دعت الرئيس "معمر القذافي" إلى التنحي عن السلطة، عندما بدأت الأحداث تشتد في ليبيا، لأنه فقد الشرعية بسبب ارتكابه جرائم كثيرة في حق المدنيين، واصفًا "القذافي" بالشخص الغريب الأطوار وغير المتوازن. وأكد أوباما أن خيار بلاده الأول لم يكن التدخل العسكري في ليبيا، حيث تم الاكتفاء بفرض عقوبات اقتصادية، إضافةً إلى تجميد "مليارات الدولارات" التابعة للقذافي وعائلته في عدة بنوك، مؤكدًا وجود تردد كبير بشأن التدخل العسكري في هذا البلد (الولايات المتحدة). وقد أرجع أوباما هذا التردد إلى سببين؛ أولهما أن الوضع في ليبيا لم يكن يمثل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة الأميركية، وثانيهما هو تورط أميركا في الحرب في أفغانستان وفي العراق، وبالتالي فإن الدخول في حرب جديدة هو أمر غير ممكن.

وشرح أوباما في كتابه سبب اتخاذه قرارًا بشن غارات جوية ضد ليبيا، حيث كان يخشى أنه إذا فرض "القذافي" حصارًا على بنغازي، فإن ذلك كان سيؤدي إلى صراع طويل الأمد، وربما حتى إلى حرب أهلية شاملة. ويقول الرئيس الأميركي السابق بهذا الخصوص : "في أسوأ الأحوال، سيكون عشرات الآلاف أو أكثر، عرضة للجوع أو التعذيب أو القتل. وفي ذلك الوقت على الأقل، كنت على الأرجح الشخص الوحيد في العالم الذي يمكنه منع حدوث ذلك".

ايران ،، التحدي الاقل خطورة ...

وعن إيران، يقول أوباما "إن إيران شكّلت التحدي الأقل خطورة لمصالح أميركا طويلة المدى، لكنها كانت الأكثر عدائية". ويضيف:" إن إيران لسنوات عديدة كانت بالكاد تشغل أذهان صانعي السياسة الأميركيين، وذلك بسبب وجود تركيا والعراق على حدودها الغربية وأفغانستان وباكستان إلى الشرق، ومن ثم كان يُنظر إليها عمومًا على أنها مجرد بلد شرق أوسطي فقير".

ويؤكد الرئيس السابق أوباما أن "الغزو الأميركي للعراق قد عزز بشكل كبير موقع إيران الاستراتيجي في المنطقة من خلال استبدال عدوها اللدود صدام حسين، بحكومة يقودها الشيعة تخضع للنفوذ الإيراني، كما برز "حزب الله" كأقوى فصيل في لبنان، حيث زودته إيران بصواريخ يمكن أن تصل إلى تل أبيب". لذا يرى أوباما أن "السعوديين والإسرائيليين تحدثوا بنبرة مقلقة عن توسع الهلال الشيعي الإيراني، ولم يخفوا اهتمامهم بإمكانية تغيير النظام بمبادرة أميركية" مؤكدا أنه هو (أوباما) وفريقه أمضيا معظم الفترة الانتقالية في مناقشة كيفية منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وأشار إلى تفضيله -من الناحية المثالية- "إلى العمل الدبلوماسي بدلًا من بدء حرب أخرى".

وأكد أوباما، أنه تم الاتفاق على إستراتيجية من خطوتين، ونظرًا لعدم وجود أي اتصال رفيع المستوى تقريبًا بين الولايات المتحدة وإيران منذ عام 1980، فقد تضمنت الخطوة الأولى التواصل المباشر، حيث أرسل "أوباما"، في غضون أسابيع من توليه الرئاسة، رسالة سرية إلى "آية الله خامنئي" من خلال دبلوماسيين إيرانيين في الأمم المتحدة، احتوت على مقترح لفتح حوار بين البلدين حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك برنامج إيران النووي. إلا أن رد "خامنئي" كان صريحًا وهو أن "إيران ليست لديها مصلحة في محادثات مباشرة، ومع ذلك، فقد انتهز الفرصة لاقتراح طرق يمكن للولايات المتحدة أن تتوقف بها عن كونها إمبريالية متنمرة".

ويُشير أوباما في مذكراته إلى معارضة نائبه انذاك "جو بايدن"، الرئيس المنتخب حاليًّا، للعملية العسكرية التي شنتها قوات خاصة أميركية عام 2011 في باكستان وأدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن". ويقول أوباما عن هذه النقطة : "لقد عارض بايدن شن الغارة بسبب العواقب الكبيرة في حال فشلها؛ مشيرًا إلى أنه ينبغي تأجيل اتخاذ القرار حتى تتأكد الاستخبارات تمامًا من وجود بن لادن في المكان".

الدعم الثابت لاسرائيل ....

وبالنسبة لإسرائيل، ينتقد أوباما " لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "أيباك"، والتي تعمل على ضمان تقديم الدعم الأميركي الثابت لإسرائيل، والمعروف عنها سيطرتها على أعضاء الكونغرس، مشيرًا إلى أن نفوذ "أيباك" يمكن أن يطال كل سياسي في واشنطن حتى هو نفسه.

وفي الوقت الذي اتخذت فيه الدولة الإسرائيلية إجراءات تتعارض مع السياسات الأميركية، وأصبحت سياساتها أكثر يمينية، ضمن اللوبي الصهيوني في واشنطن بشكل عام، و"أيباك" بشكل خاص، استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل ومعارضة الجهود المبذولة لإدانة أو عزل إسرائيل في الأمم المتحدة. واتهام الذين انتقدوا السياسة الإسرائيلية علنًا بـ"معاداة السامية". وفي هذا الإطار، أشار إلى أن البعض اتهمه بتعدد الولاءات نظرًا لتعاطفه مع الفلسطينيين، والصداقة التي جمعته بأشخاص معادين للسياسة الإسرائيلية، إلى جانب كونه مواطنًا أسود البشرة باسم مسلم. وهنا تجدر الإشارة إلى التحديات التي واجهته أثناء حملته الانتخابية، لافتًا إلى أن اسمه وتاريخ عائلته وكونه أسود، فضلًا عن حمله أفكارًا اشتراكية، جميعها كانت بمثابة التحدي الأكبر لإثبات الولاء للولايات المتحدة.

تباين في وجهات النظر ....

ويسلَّط أوباما الضوء في كتابه على التباين الحاد في وجهات النظر بينه وبين رئيس وزراء إسرائيل "بنيامين نتنياهو" فيما يتعلق بسبل التوصل إلى عملية السلام؛ مشيرًا إلى أن "نتنياهو" كان مترددًا بشأن محادثات السلام في الشرق الأوسط، وكان يؤكد على أن السلام يجب أن يحدث وفقًا لما يخدم مصالح إسرائيل الأمنية، وأن الفلسطينيين هم من يُعيقون عملية السلام. كما رفض "نتنياهو" تمامًا مقترح "أوباما" بتجميد بناء المستوطنات في الأراضي المحتلّة، كخطوة أولى للسلام، واتهمه البعض بمحاولة إضعاف التحالف الأمريكي الإسرائيلي، وذلك بالتركيز على المستوطنات بدلًا من التركيز على أعمال العنف الفلسطينية.

سياسي ذكي ...

ويصف أوباما في كتابه نتنياهو بأنه "سياسي ذكي ومخادع ويتقن التواصل بالعبرية والانجليزية وصاحب قدرات اتصال استثنائية"، وحمله المسؤولية عن فشل الجهود الهادفة إلى "حلّ الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي".

وأضاف أوباما أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها من أجل حلّ الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي، إلا أن نتنياهو واجه هذه الجهود بالرفض مما حال دون حدوث تقدم في مسار المفاوضات، معتبرا أن نتنياهو رأى في نفسه "حائطا للدفاع عن الشعب اليهودي، وهو ما جعله يضفي صدقية على كل خطوة يقدم عليها وتضمن بقاءه في الحكم".

ولفت أوباما إلى استغلال نتنياهو علاقته ومعرفته الكبيرة بالنخبة السياسية والإعلامية الأميركية، في سبيل التصدي لجهود الإدارة الهادفة إلى دفع عملية تسوية الصراع مع الفلسطينيين قدماً.

وأوضح أن كبير موظفي البيت الأبيض في عهده رام عماونئيل (الإسرائيلي الأصل) حذره بعيد انتخابه رئيساً، من أنه لا فرص للتعاون بينه وبين نتنياهو في كل ما يتعلق بحلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بسبب الاختلاف في التوجهات السياسية لكل منهما، منوها بأنه أدرك صحة حكم عماونئيل عندما التقى نتنياهو وعباس.

ويصف الرئيس الأميركي السابق أوباما الرئيس محمود عباس قائلا :"إنه رجل بشعر أبيض لا يعبر إلى حد كبير ويكتفي بالإيماءات .. لقد فضلت أميركا وإسرائيل تولي عباس القيادة لأنه يعترف بصراحة في إسرائيل، وينبذ "العنف"، وأبدي استعدادا وحماسة كبيرة من أجل ستئناف المفاوضات، لكن هذه المفاوضات ظلت عقيمة ولم تصل إلى نتيجة.

ويعبر الرئيس الأميركي عن إحباطه بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالقول "كنت أحياناً أتساءل: هل كانت الأمور (في ما يتعلق بالمفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل) ستكون أفضل لو كان رئيساً غيري في المكتب البيضاوي، ولو كان شخص آخر غير نتنياهو يمثل إسرائيل ولو كان محمود عباس أكثر شباباً".

وأضاف أوباما أنه ظل يعتقد أن إسرائيل كالطرف الأقوى، مطالبة بأن تقوم بالخطوة الأولى تجاه الفلسطينيين وتقدم على تجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية، وهذا ما عارضه نتنياهو، الذي لم يكتفِ بالرفض، بل عمد إلى توظيف أصدقاء إسرائيل في واشنطن للضغط على إدارته.

وتطرق أوباما أيضًا إلى الانقسامات القائمة داخل المجتمع الأميركي، مشيرًا إلى أنه منقسم للغاية في الوقت الراهن أكثر مما كان الوضع عليه عند عندما انتخب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية عام 2008، وملقيًا باللوم في ذلك على دور الرئيس "ترامب" في تأجيج نيران الانقسامات الداخلية من أجل تحقيق مكاسب سياسية. وأرجع أوباما بعض أسباب الانقسام هذا إلى عوامل اجتماعية واقتصادية، مثل: تزايد عدم المساواة، والانقسامات بين الريف والحضر داخل المجتمع الأميركي.

وفي خاتمة كتابه، يذكر أوباما أن قضية العرق في الولايات المتحدة تُعد أحد خطوط الصدع المركزية في التاريخ الأميركي. فخلال العام الجاري، برز الأمر جليًّا في ظل الاحتجاجات واسعة النطاق التي شهدتها معظم المدن الأميركية، وتجددت المطالبات بالمساواة العرقية والعدالة عقب مقتل المواطن الأميركي الأسود "جورج فلويد" على يد رجل شرطة أبيض. وعلى الرغم من ذلك، أبدى أوباما تفاؤله الحذر على المدى البعيد بمستقبل العالم، داعيًا إلى إعادة رسم العالم من جديد، والنهوض بالأمة الأميركية عبر العمل الجاد والإرادة للحفاظ على الديمقراطية الأميركية والمكانة القيادية للولايات المتحدة على مستوى العالم أجمع.