معاريف تتساءل: ما شكل التعاون الذي ستتبعه السلطة الفلسطينية مع إدارة بايدن؟

الجمعة 11 ديسمبر 2020 07:55 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف تتساءل: ما شكل التعاون الذي ستتبعه السلطة الفلسطينية مع إدارة بايدن؟



القدس المحتلة / سما /

معاريف - بقلم: عاموس جلبوع   "ماذا يحصل في السلطة الفلسطينية؟ من قاع قِدر فترة صمت حكم أبو مازن وعصبته، وأمام المرارات السياسية والاقتصادية التي أطعمتها إدارة ترامب للسلطة، طل الأمل بتغيير إيجابي. فترامب ينصرف، وتصعد إدارة ديمقراطية. ولما كان هكذا، فقد قررت السلطة أن تستغل الفرصة على الفور لترميم علاقاتها مع الإدارة الأمريكية ولتظهر نية طيبة نحوها. نحن الآن في هجمة ابتسامات فلسطينية تجاه الإدارة الوافدة، وقد تزداد مع حلول العشرين من كانون الثاني 2021.

الخطوات المركزية للسلطة هي كالتالي: أولاً، أعلنت السلطة رسمياً عن استئنافها التعاون الأمني والمدني مع إسرائيل، والذي تجمد في أيام من هذا العام على خلفية أجواء الضم، وخطوات السلطة ضد خطة القرن. وقد أثار هذا في حينه ضجيجاً كبيراً، وحذر محللو السواد من أن سيؤدي تجميد التعاون الأمني إلى التصعيد. أما عملياً، فهذا لم يحصل، والأضرار الكبرى لحقت بالحياة اليومية للسكان الفلسطينيين كنتيجة لتجميد التعاون المدني.

ثانياً، ثمة استعداد من جانب السلطة لأن تتلقى أموال الضرائب من إسرائيل (كل أموال الضرائب والجمارك التي تجبيها إسرائيل عن الفلسطينيين). كما هو معروف، تم سن قانون في إسرائيل تقتطع إسرائيل من هذا المبلغ، بموجبه، الأموال التي تحولها السلطة إلى السجناء المحجوزين في إسرائيل، إلى السجناء المحررين وإلى عائلات السجناء. ولما كان كذلك، فقد أعلنت السلطة عن تنازلها عن كل الأموال التي تستحقها إذا ما اقتطعت إسرائيل منها. أما الآن فهي مستعدة لأن تتلقاها، وبدأت بسلسلة خطوات معقدة ومشوشة كي تحل مشكلة الاقتطاع؛ فمن جهة تواصل الدفعات للمخربين ولعائلاتهم، ومن جهة أخرى تبدو وكأنها لا تدفع. ابتكارات فلسطينية. مثلاً، كل المحررين لن يتلقوا راتباً بل سيضمون إلى السلطة ويحصلون على رواتب موظفي سلطة. إذن، هل سينضم محرر هو رجل من حماس ليصبح موظفاً في السلطة؟ في كل الأحوال، السلطة بحاجة ماسة للمال بسبب الوضع الاقتصادي والصحي الكارثي. فكورونا تعربد في غزة ومناطق السلطة. وعدد الموتى يكاد يتضاعف كل أسبوع في مناطق السلطة، ومعدل الفحوصات الإيجابية تتراوح بين عشرين وثلاثين في المئة. وبالمقابل، تتواصل احتفالات الأعراس الجماعية. وإسرائيل من جهتها نقلت الأسبوع الماضي إلى السلطة الأموال التي تستحقها دون انقطاع.

ثالثاً، أعادت السلطة سفيرها إلى الإمارات بعد أن أخرجته من هناك عندما وقع اتفاق السلام مع إسرائيل. فهل يتوقع الفلسطينيون المعجزات والروائع من جانب إدارة بايدن؟ يبدو أنهم لا يتوقعون أن يلغي بايدن الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل ويعيد السفارة إلى تل أبيب. وهم بالطبع سيضغطون في هذا الاتجاه، ولكن دون كثير من التوقعات. كما يمكنهم أن يتوقعوا تغييراً في الأجواء نحوهم وإعادة أموال المساعدة السنوية بمبلغ مئات الملايين، واستئناف المساعدة المالية لوكالة الغوث ورفع مستوى مكانة القنصلية الأمريكية في شرقي القدس، والإعلان عن العودة إلى سياسة الدولتين للشعبين بل وإلغاء خطة القرن. ولكن، وهذا برأيي النقطة المركزية، سيفعلون كل شيء كي يدسوا الشقاق بين إسرائيل وإدارة بايدن ويدقوا إسفيناً بينها وبين إدارته، ويواصلوا الحرب السياسية والقانونية ضد إسرائيل في الساحة العالمية.

يخيل إليّ أن من يتوقع مسيرة سلمية جديدة مع استعداد فلسطيني إيجابي، سيخيب أمله. ففي لحظة الصمت يلقى العناد والرفض عضلات أكثر من الماضي، والتوقع لخليفة يغطي على كل شيء آخر. أما إسرائيل فينبغي لها من جانبها، برأيي، أن تمتنع عن استفزازات زائدة وأن تساعد السلطة وكذا غزة في الحرب ضد كورونا، الذي من شأنه أن يصبح تهديداً حقيقياً على إسرائيل.