نشر محلل الشؤون الفلسطينية في هيئة البث الإسرائيلي العام "غال بيرغر" مقالة توضيحية الليلة الماضية كشف فيها عما قال إنه دار في كواليس نزول السلطة الفلسطينية عن شجرة الرفض وقبولها أخيرًا بالعودة إلى التنسيق الأمني واستلام أموال المقاصة.
وكشف "بيرغر" في مقالته الطويلة عن تفاصيل ما دار في الخفاء طيلة الأشهر الماضية والتي أعلنت خلالها السلطة قطعها للتنسيق الأمني.
وقال إن التنسيق مستمر ولم يتوقف للحظة بل تم تخفيف مستوياته فقط على مستوى الميدان أما مستوى كبار المسئولين فلم يتوقف مسئول الشئون المدنية حسين الشيخ عن اتصالاته مع المنسق "كميل أبو ركن"، كما لم يتوقف مسئول المخابرات الفلسطينية ماجد فرج عن اتصالاته مع رئيس الشاباك نداف ارغمان، كما زعم.
وفيما يتعلق بحقيقة إعلان الشيخ الليلة عن حصول السلطة على كتاب رسمي من "أبو ركن" تتعهد فيه "إسرائيل" باحترام الاتفاقيات وإلغاء الضم، أوضح أن الكتاب بعيد كل البعد عن هكذا شرط وضعته السلطة منذ أشهر لاستئناف التنسيق الأمني.
وبين أن أبو ركن بذل جهودا كبيرة مؤخرا ليقدم سلما للسلطة لتنزل عبره من على الشجرة التي صعدت عليها منذ أيار الماضي ونجح في نهاية المطاف بإقناعها بأنه من الأفضل لها التوقف عن "حردها" غير المجدي والعودة للطريق.
وقال إن السلطة طلبت الشهر الماضي تعهدًا إسرائيليًا بالالتزام بالاتفاقيات المتبادلة عبر كتاب رسمي موقع من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه بيني غانتس ووزير خارجيته غابي أشكنازي.
واستدرك: "إلا ان أبو ركن نجح بإقناع السلطة بالتخلي عن المطلب، وأنه وبدلًا من توقيع نتنياهو فسيوقع هو على الكتاب، وأنه يمثل جهة إسرائيلية رسمية".
أما فيما يتعلق بمسألة وجود تصريح إسرائيلي بعدم وجود ضم فلم تعد شرطًا لنزول السلطة عن السلم – يقول بيرغر، لافتًا إلى أن السلطة فهمت بأنه من غير الملح الإصرار على شيء لم يعد قائمًا، وأن الضم لن يتم خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن.
ويسرد ما قال إنها تفاصيل ما جرى قبيل إعلان الشيخ مساء أمس عن عودة العلاقات مع "إسرائيل"، ليقول إن الشيخ حصل على عرض أبو ركن بحصول السلطة على كتاب موقع بيده بدلًا من المستوى السياسي الإسرائيلي فذهب ليستشير عباس بالأمر وعاد برد إيجابي وتكللت الخطوة بالنجاح.
وأكمل: "فيما بعد أصدر أبو ركن كتابًا موقعًا بيده باللغة الانجليزية وأرسله للشيخ، ووجدت فيه السلطة سلم النزول عن الشجرة".
ونبه "بيرغر" إلى أن الكتاب كان أقرب إلى كتاب استسلام من الفلسطينيين وبعيدًا كل البعد عن الصيغة التي أرادوا الحصول عليها.
وجاء في الكتاب ما نصه "إسرائيل صرحت بالماضي بأن الاتفاقيات الثنائية لا زالت تشكل الإطار القانوني المنظم لعمل الجانبين فيما يتعلق بالمسائل المالية ومسائل أخرى، وبناءً عليه واستنادًا للاتفاقيات فإسرائيل تواصل جباية أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية، وللأسف فالسلطة هي من ترفض الحصول عليها من إسرائيل".
ضوء أخضر من عباس
واستطرد "بيرغر" أنه وفي "أعقاب وصول الكتاب لمكتب الشيخ، فإنه حظي بالضوء الأخضر من الرئيس عباس وأعلنت السلطة عن استئناف علاقاتها مع إسرائيل".
وأشار إلى أن الشيخ كتب تغريدة على تويتر بأن العلاقات ستعود الى سابق عهدها بعد تعهد إسرائيلي بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة.
وفيما بعد – وفقًا لبيرغر- تفاخر الشيخ على التلفزيون الفلسطيني الرسمي بأنه حقق انتصارًا وحصل على الكتاب الأول الذي تحصل عليه السلطة منذ تولي نتنياهو مقاليد الحكم قبل 10 سنوات.
وفند الكاتب الإسرائيلي هكذا تصريحات، وقال إن "إسرائيل لم تصرح يومًا بأنها غير ملتزمة بالاتفاقيات، وبالتالي فلا يوجد ما يدعو للتباهي بتحقيق النصر.
وأكد أن هذا لم يكن كتاب القرن الذي سيكون بديلاً عن صفقة القرن، لكن بالمحصلة تم تقديم السلم للسلطة التي سارعت بالنزول عليه إلى أرض الواقع ولم تتردد للحظة واحدة للنزول. وفق الكاتب.
وتوقع "بيرغر" عقد لقاء على مستوى رفيع بين الجانبين برئاسة المنسق والشيخ، بغية تحويل أموال الضرائب تدريجيًا إلى رام الله والتي بلغت 3 مليار شيقل، وسيعود التنسيق الأمني إلى سابق عهده.
صفعة للرجوب
وفيما يتعلق بجهود عضو مركزية فتح جبريل الرجوب للمصالحة مع حركة حماس، قال "بيرغر" ونقلًا عن مراقبين إن "الأول وقع في فخ نصبته له دائرة تحيط بعباس خلال موجة غضب من خطوات إسرائيل خلال شهر أيار الماضي".
وأضاف أن "السلطة كانت تهدف لاستخدام حماس بمعرض تهديد إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي وأوروبا، إذ أراد عباس إرسال الرسالة بأنه إذا لم يحصل على طلبه فلديه المزيد من الخيارات وهي التصالح مع حماس".
وشدد "بيرغر" على أن عباس لم يكن يرغب في الحقيقة بالتصالح مع حماس، إذ حصل الرجوب على تفويض من عباس بإجراء لقاءات مع قادة حماس.
وقال: "لم يضيع الرجوب الوقت وذهب بهذا الطريق حتى النهاية"، مشيرًا إلى أن الرجوب حظي بتفويض واحد من عباس لكنه ذهب بهذا الخصوص إلى أكثر من ذلك.
فيما كان ينوي الرجوب –وفق بيرغر- الإعلان الساعة الثامنة مساءً وبلقاء تلفزيوني عن اتفاقيات وقعها مع حماس إلا أن القيادي في فتح عزام الأحمد حرق اللقاء وسرب أمر الاتفاقيات.
وأوضح أن "الدائرة المحيطة بعباس ومنهم الشيخ وماجد فرج لم يرق لهم مستوى التقدم بمساعي المصالحة، إذ يصنفان ضمن المعسكر المناوئ للرجوب بهرم القيادة بإطار صراع ما بعد عباس". وفق تعبيره.
وأشار إلى أن الاثنان خشيا من تحقيق الرجوب مزيدًا من النجاحات وبالتالي تدهور الأمور لانتخابات لا يرغبون بها قد تدفع نحوها حماس.
وأكد أنه وبالتزامن مع لقاءات يجريها الرجوب بالقاهرة اليوم مع قادة حماس برعاية المخابرات المصرية خرج بيان من رام الله باستئناف العلاقات مع "إسرائيل"، وردت حماس والجهاد الإسلامي بغضب على البيان لأنهم يعلمون بأنه ينهي طريق المصالحة. بحسب الكاتب.
وشكك "بيرغر" بتوقيت الإعلان بالتزامن مع محادثات القاهرة، قائلًا: "ليس مؤكدًا بأنه كان مجرد صدفة، يمكن أن أحدهم أراد احراج الرجوب الذي هرول نحو المصالحة مع حماس في وقت كان لدى عباس ودائرته المقربة خطة أخرى".
واستطرد: "يعرف كل ذي عقل سليم بأن عباس يفضل استئناف العلاقات مع إسرائيل والعودة للمفاوضات معها على المصالحة مع حماس.. وكل عاقل يعرف بأنه انتظر فقط فوز جو بايدن بالانتخابات الأمريكية للتخلي عن أي فرصة للتصالح مع حماس".
وأردف: "هناك من يستغرب كيف لم يفهم الرجوب بأن محيط عباس سيسعى بكل قوته لاستغلال أي فرصة ليسلبه أي إنجاز بإطار الصراع على مرحلة ما بعد عباس، وأنهم لن يسمحوا له بإظهار نفسه بمظهر الشخصية التي وحدت الشعب الفلسطيني المنقسم منذ 13عامًا".
واختتم "بيرغر" مقالته بقوله: "حدد عباس هذا المساء خياراته وأرسل الرسالة لحماس بأنها ليست من ضمن خياراته فقد اختار اسرائيل وبايدن والآن على حماس الانتظار".
وقال: "أما لمرحلة ما بعد عباس أو حتى اليوم الذي قد يطلب فيها بايدن إجراء انتخابات تشريعية جديدة، وأيضًا يتوجب على الرجوب الانتظار هو الآخر".