هآرتس - بقلم: جاكي خوري "الإعلان عن فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية أنهى من ناحية القيادة الفلسطينية في رام الله 4 سنوات تقريباً من ضغط مكثف اتبعته إدارة ترامب. كان الرئيس محمود عباس في مكتبه عندما وصل البيان، وفي ساعة متأخرة من الليل استدعى إليه عدداً من كبار مستشاريه لدراسة الرد الرسمي.
كان هنالك اتفاق في المكتب بأنه يجب تهنئة بايدن ونائبته كمالا هاريس على الفوز، وإبداء التعاون المستقبلي ما بين السلطة الفلسطينية والإدارة القادمة، وهو أمر لم يحدث تقريباً في عهد إدارة ترامب، “أتطلع إلى تعاون مع الرئيس وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والفلسطينيين لتحقيق الحرية والاستقلال الوعدالة للشعب الفلسطيني”، كتب عباس في البيان الذي نشره أمس. أوساط في مكتبه قالت لـ”هآرتس” إن تأخير نشر البيان كان متعمداً، لانتظارهم أن يقوم زعماء آخرون في العالم بتقديم التهنئة، ومن بينهم زعماء من العالم العربي.
أضاف عباس في البيان بأنه يتوقع تعاوناً مع بايدن بهدف “تحقيق سلام، واستقرار وأمن في المنطقة وفي العالم كله”. وحسب جهات مطّلعة، فقد اختاروا مفاهيم عامة وضبابية لرفع سقف التوقعات في هذه المرحلة. بهذه الطريقة امتنعوا عن ذكر حل الدولتين في حدود 1967 ومسألة التنسيق الأمني مع إسرائيل. “نحن في مرحلة مبكرة جداً، وهكذا من الصعب معرفة إلى أين ستقود هذ العملية”، قالت شخصية كبيرة لـ”هآرتس”. وحسب أقوالها، فإن هزيمة الرئيس الحالي ترامب تستوجب من القيادة في رام الله فحص خطواتها، وتحديداً بكل ما يتعلق بالتعاون مع الإدارة القادمة.
ما بين السلطة الفلسطينية وواشنطن يسود انقطاع شبه تام منذ الشهور الأولى لولاية ترامب. في زيارته للمنطقة في2017 جاء الرئيس الأمريكي أيضاً إلى بيت لحم، والتقى عباس، ولكن منذ ذلك الحين تدهورت العلاقات بينهما، وكان هذا على خلفية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، وتجميد المساعدة المالية للسلطة والمساعدة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
في شباط الماضي، وبعد نشر الخطة السياسية لترامب، أعلن عباس عن قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، وضمن ذلك في المجال الأمني، وأعلن أنه لن يوافق من الآن فصاعداً على أن تكون واشنطن هي الراعية الحصرية للمفاوضات مع إسرائيل.
في رام الله يميلون للاعتقاد بأن بايدن سيتخذ عدداً من الخطوات الإيجابية تجاههم، مثل إعادة المساعدة الاقتصادية وتعزيز التعاون الأمني، وربما أيضاً فتح القنصلية الأمريكية في شرق القدس، ودعم مشاريع في مناطق الضفة. هذه القرارات أيضاً حتى لو اتخذت فليس من شأنها أن تطبق بصورة فورية، من خلال إدراك أن بايدن سيكون مشغولاً أكثر بشؤون داخلية. لهذا، يبدو أن السلطة ستنتظر عدة شهور في أحسن الأحوال، إلى أن تخرج عملية ما إلى حيز التنفيذ.
في هذه الأثناء، لا يبدو أن للقيادة الفلسطينية خطة عمل مرتبة إزاء الإدارة القادمة. وفي الساحة الفلسطينية، بما في ذلك في أوساط “فتح”، هنالك من يدعون القيادة، وبالأساس الرئيس عباس، إلى عدم البقاء في موقف الرد.
وفي الواقع، فإن السياسة الفلسطينية في الشهور الأخيرة كانت مبنية على رد على خطوات إسرائيل وخطوات إدارة ترامب. وهذه تركزت بالأساس على الدفاع وعلى الإدانة دون اقتراح لعملية سياسية أو خطوة فلسطينية داخلية -حقيقية.
في رام الله وكذلك في غزة، ينتظرون أن يروا الآن بأي درجة ستشجع نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة الطرفين على مواصلة جهودهما في إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، وعلى المستوى الميداني ليس هنالك شك بأن المطلب الملح هو استغلال زخم انتخاب بايدن والقيام بمبادرة داخلية لإنهاء الانقسام وربما إجراء انتخابات فلسطينية-داخلية أيضاً، ستحظى بتأييد دولي. هذا من خلال رؤية أن رأب الصدع وإظهار جبهة موحدة سيمكّن من تحريك عملية سياسية بدعم شعبي ودولي.
وإلا، فإن الإبقاء على الانقسام ما بين الضفة وغزة و”إدارة النزاع” من جانب الإدارة الأمريكية، لن تشعر إسرائيل بأية ضرورة لإنهاء الاحتلال. وسيتذكر الفلسطينيون بايدن وهاريس كما تذكروا سابقيهم، وسيواصلون الحلم بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.