رغم ما قدمه الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، لـ"إسرائيل" خلال فترة حكمه، إلا أن غالبية اليهود في الولايات المتحدة لم يعطوه أصواتهم، وفضلوا منافسه عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن، كما كشفت استطلاعات الرأي المختلفة.
ولم يخفِ غالبية اليهود في الولايات المتحدة نيتهم التصويت لبايدن قبل بدء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما أغضب ترامب في حينها، مع وصفه إياهم بأنه "لا يحبون إسرائيل".
ويوجد داخل الولايات المتحدة، 6.3 ملايين يهودي، بما نسبته 1.9% من إجمالي الأمريكيين، إلا أنهم يملكون 36 من أعضاء الكونغرس، و9 من أعضاء مجلس الشيوخ.
ويتبع اليهود في الولايات المتحدة للحزب الديمقراطي، و27 نائباً يهودياً بمجلس النواب 25 منهم ديمقراطيون، وعضوان فقط ينتميان للحزب الجمهوري.
واعترف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها وقطع المساعدات المالية عن الفلسطينيين.
كما أغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، واعتبر أن الاستيطان الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية شرعياً، واعترف بسيادة "إسرائيل" على الجولان السوري المحتل.
وقبل الانتخابات بأشهر، قاد ترامب عملية تطبيع عدة دول عربية مع "إسرائيل"، كانا منها إعلان دولة الإمارات، والبحرين، والسودان، اتفاق سلام مع دولة الاحتلال.
لم يشفع ما قدمه ترامب ليهود أمريكا؛ حيث ذهبوا للتصويت لصالح بايدن بغالبية ساحقة وصلت إلى 77% مقابل 21% للرئيس الحالي، وفقاً لما كشفه استطلاع جديدة أجرته منظمة "جي ستريت".
المنظمة غير الربحية، ومقرها الولايات المتحدة، أكدت أن نسبة تصويت اليهود لبايدن، هي بفارق كبير عن نسبة تصويتهم للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016 حيث منحوها 45% من الأصوات.
وفي مقاعد مجلس الشيوخ والنواب، أظهر الاستطلاع أن غالبية المصوتين اليهود أيدت مرشحين ديمقراطيين بنسبة 78% مقابل 21% للجمهوريين.
معد الاستطلاع جيم جريستان أوضح أن انتخابات 2020 كثفت التوجهات داخل المجتمع اليهودي، والتي اشتدت بعد أربع سنوات من ولاية رئيس كرهه الكثيرون منهم
وقال جريستان: "الناخبون اليهود يستمرون بغالبيتهم العظمى بتأييد المرشحين الديمقراطيين، والذين يقومون بالمشاركة لدفع حل الدولتين والعودة للسياسة التي اتبعت خلال فترة أوباما مثل إبرام الاتفاق النووي مع إيران".
وتأكيداً لنتائج الاستطلاع المنشور، سبق وأكد المندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، داني دانون، بأن الغالبية العظمى من اليهود في الولايات المتحدة، سيصوتون لصالح المرشح الديمقراطي بايدن، في انتخابات.
دانون اعتبر في حديث لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي (غالي تسهال) الاثنين (2 نوفمبر)، أن المال اليهودي هو لاعب أهم من أصوات اليهود، في إشارة إلى دعم رجال أعمال ومنظمات يهودية للرئيس المنتهية ولايته مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
وتلقت الحملة الانتخابية لترامب، وفق دانون، تبرعات ضخمة للغاية من قبل يهود أرثوذكس وإسرائيليين مقيمين في الولايات المتحدة.
انقسام بين اليهود
رئيس دائرة الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، يؤكد أن الرئيس الأمريكي الحالي قدم لليهود والإسرائيليين أكثر ما كان يحلمون بها، ورغم ذلك يعود سبب عدم انتخابه إلى بحثهم عن وجه جديد.
وفي حديث الأقطش " يقول: "اليهود يرون ترامب الآن شخصية وكرت محروق بالنسبة لهم لذا الآن يريدون شخصية جديدة"، إضافة إلى أن بايدن يعد صديقاً لليهود.
وحول أسباب عدم تصويت اليهود لترامب رغم ما قدمه لـ"إسرائيل" خلال فترة رئاسته، يضع الأقطش سيناريو واحد لذلك، وهو وجود انقسام داخل التنظيم السري الذي يحكم دولة الاحتلال الإسرائيلي.
هذا الانقسام، وفق الأقطش، هو وجود أكثر من رأي داخل هذا التنظيم، والأول لديه رأي بأن "إسرائيل" ليست بحاجة إلى مزيد من الأعداء بسبب ما قدمه ترامب لها خلال الفترة الماضية، مقابل إرضاء اليهود
والرأي الثاني، كما يرى الأقطش، هو أنه "يجب دعم ترامب، خاصة أنه لن يأتي رئيس خلال المئة العام القادمة يقدم للعرب والفلسطينيين خيراً كما قدم ترامب".
توجهات معاكسة
إلى جانب حديث الأقطش، يرى خيمي شاليف، المحلل السياسي المقيم بالولايات المتحدة، أن توجهات اليهود الأمريكيين تعد معاكسة تماماً لتوجهات اليهود الإسرائيليين.
وخلال ندوة افتراضية نظمتها صحيفة "هآرتس"، في 28 أكتوبر الماضي، قال شاليف: "الإسرائيليون يعتقدون أن ترامب هو رئيس رائع بالنسبة لهم دون الأخذ بعين الاعتبار ما يجري داخل الولايات المتحدة، وهذا تعبير عن الفجوة المتسعة بين اليهود الأمريكيين واليهود الإسرائيليين".
ولم تساعد الخطوات الأمريكية الأخيرة تجاه "إسرائيل" بما فيها رفع الحظر عن التعاون العلمي الأمريكي مع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة والجولان، وفق رأي شاليف.
الصحيفة الإسرائيلية توقعت مبكراً أن اليهود سيدلون في أصواتهم لصالح بايدن، حيث نشرت استطلاع للرأي في أكتوبر الماضي أظهر أن الناخبين اليهود فضلوا بايدن على ترامب بنسبة 77٪ مقابل 21٪
وتتوافق نتائج العينة التي نشرتها الصحيفة مع الاستطلاعات التي أجراها معهد "بيو"، والتي أظهرت أن معدل دعم الناخبين اليهود لبايدن كان حوالي 70٪ .
عبد الرحمن السراج، الباحث في الشأن الأمريكي، سبق وتوقع أيضاً أن لا يتغير سلوك الناخبين اليهود في هذه الانتخابات عنه في انتخابات 2012 و2016، حيث كانت غالبية أصواتهم للمرشح الديمقراطي للرئاسة.
ويوجد فرق بين الناخبين اليهود، حسب السراج، إذ هناك ناخب يهودي، وناخب صهيوني، ومؤيد لـ"إسرائيل".
والمؤيدين لدولة الاحتلال، كما يوضح السراج، وسياساتها الاحتلالية والقمعية والاستيطانية هم في المعسكر الجمهوري ومن المسيحيين البروتستانت، في حين تعارض شريحة معتبرة من اليهود ممن هم في المعسكر الديمقراطي تلك السياسات.