تخطّى المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، جو بايدن، اليوم الجمعة، منافسه الجمهوريّ، الرئيس دونالد ترامب، في ولايتي بنسلفانيا وجورجيا، ليقترب جدا من حسم الانتخابات، مع استمرار فرز الأصوات.
ورغم أن التصدر في بنسلفانيا لا يزال غير نهائي، إلا أن وسائل إعلام أميركيّة توقعت ألا يتراجع بايدن عن التصدّر نظرًا إلى أنّ التصويت عن بعد يصبّ لصالحه.
ومن المقرّر أن يتوجّه بايدن بخطاب إلى الشعب الأميركيّ مساء الجمعة بتوقيت واشنطن (فجر السبت بتوقيت فلسطين).
من جهته، توقّع سكرتير ولاية جورجيا في مؤتمر صحافي أن يعاد فرز الأصوات في ظلّ النتائج المقاربة في الولاية، بينما ذكرت شبكة "سي إن إن" أنّ ولاية بنسلفانيا تتجه كذلك لإعادة فرز الأصوات.
وذكرت شبكتا "فوكس نيوز" و"سي إن إن" إن ترامب لن يقرّ بالهزيمة قريبًا، بينما أعلنت الخدمة السرية الأميركيّة، المكلفة بحماية الشخصيات المهمة، فرض الإغلاق الجوي فوق منزل بايدن في إشارة إلى اعتباره رئيسًا.
وحتى الساعة 18:52، وسّع بايدن الفارق في نيفادا إلى 22 ألفًا، وقلصّه ترامب في أريزونا إلى 43 ألفًا.
حملة ترامب: الانتخابات لم تنته بعد
وردّت حملة ترامب على تصدّر بايدن بالقول إنّ "هذه الانتخابات لم تنتهِ بعد"، وأضافت أنّ التنبّؤ الخاطئ بفوز بايدن يستند إلى نتائج 4 ولايات ما تزال بعيدة جدًا عن النهاية".
واستعرضت حملة ترامب سلسلة مما سمّتها أخطاء في الولايات الحاسمة، وعبّرت عن ثقتها بفوز ترامب فيها.
ووصف ترامب في حسابه على تويتر مدينة فلاديلفيا بأنها "ذات تاريخ قذر" في ما يتعلق بنزاهة الانتخابات.
وأعلن موقع "فوكس" الأميركي بايدن الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، بينما تمهّلت وسائل إعلام أخرى مركزية، منها وكالة "أسوشييتد برس".
وبما أن الفارق ليس كبيرا بين المرشّحيْن، فقد يضطر الناخبون للانتظار حتى يوم غدٍ السبت، لمعرفة النتيجة النهائية في ولاية جورجيا، ولا سيّما أن أصواتَ جنود بالإضافة إلى أصوات الخارج، ما تزال تصل اليوم.
شبكات تلفزيونية تقطع كلمة ترامب لتضمّنها "سيلًا من الأكاذيب"
وفي الوقت الذي أعلن فيه بايدن، الليلة الماضية، أن نتائج الانتخابات ستظهر قريبا وستمنحه "بدون أدنى شك" فوزا على ترامب، قطعت شبكات تلفزيونية أميركية عديدة النقل المباشر للكلمة التي ألقاها ترامب من البيت الأبيض، بسبب تضمنّها "سيلا من الأكاذيب" بشأن نزاهة الانتخابات.
ورغم استمرار عملية فرز الأصوات في عدد من الولايات الأساسية، التي لم تحسم النتيجة فيها بعد، إلا أن ترامب واصل اتهام خصومه الديمقراطيين بالسعي "لسرقة" الانتخابات منه، من دون أن يقدّم أيّ دليل على ذلك أو يذكر أي واقعة محدّدة تسند هذا الاتّهام.
قال الرئيس الجمهوري أمام الصحافيين إنه "إذا أحصيتم الأصوات الشرعية أفُز بسهولة. إذا أحصيتم الأصوات غير الشرعية، يمكنهم أن يحاولوا أن يسرقوا الانتخابات منّا".
وعلى الفور قطعت شبكة "أم أس أن بي أس" نقلها المباشر لكلمة ترامب. وقال المذيع براين وليامز "حسناً، ها نحن مرة أخرى أمام موقف غير عادي. ليس علينا أن نتوقف عن نقل تصريح رئيس الولايات المتحدة فحسب بل أن نصحّح ما يقوله".
وسرعان ما لحقت بركب "أم أس أن بي أس" شبكتا "أن بي سي نيوز" و"إيه بي سي نيوز"، فقطعتا النقل المباشر لوقائع ما قال البيت الأبيض إنّه سيكون مؤتمراً صحافياً قبل أن يتبيّن أنّه خطاب ألقاه ترامب وسارع فور انتهائه إلى مغادرة القاعة من دون أن يجيب على أي سؤال.
أما شبكة "سي أن أن" التي نقلت التصريح الرئاسي كاملاً فوصفته بـ"حفلة أكاذيب". وقال المذيع جايك تابر، وهو أحد نجوم المحطّة، فور انتهاء ترامب من الكلام، "يا لها من ليلة حزينة للولايات المتّحدة، أن تسمع رئيسها يتّهم الناس زوراً بمحاولة سرقة الانتخابات"، مضيفا أن ترامب "ساق الكذبة تلو الكذبة بشأن سرقة الانتخابات من دون أن يقدّم أي دليل" على ذلك.
في موازاة ذلك، قال بايدن للصحافيين، في مسقط رأسه ويلمينغتون بولاية ديلاوير، إنه "أطلب من الجميع التزام الهدوء. العملية تسير كما يجب والفرز جارٍ وسنعرف النتيجة قريباً جداً"، مشددا على أنه "لا يزال شعورنا جيّداً جداً حول الأوضاع الحالية. لا نملك أدنى شك بأنّه مع انتهاء تعداد الأصوات، سيتم إعلان فوزنا، السناتورة هاريس وأنا".
وبايدن الذي اختار السناتورة كامالا هاريس لخوض الانتخابات معه لمنصب نائبة الرئيس، يتقدّم على ترامب في السباق للحصول على 270 من أصوات المجمّع الانتخابي لقيادة الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة، مع إعراب حملته الانتخابية عن ثقتها بأنّه سيحصد ما يكفي من الأصوات للفوز في ولايات تحتدم فيها المنافسة مع الجمهوريين ولم تصدر نتائجها حتى الآن وأهمّها بنسلفانيا.
وبعدما كان ترامب متقدّماً على بايدن في النتائج الأولية التي نشرت بعيد إغلاق صناديق الاقتراع، بدأ هذا التقدّم يضمحلّ بعد فرز بطاقات الاقتراع البريدية التي تصبّ 80% منها لصالح بايدن.
وقال ترامب إن حملته الانتخابية رفعت "قدراً هائلاً من الدعاوى القضائية" لمواجهة "فساد" الديمقراطيين، في اتّهام يصطدم بواقع أنّ العديد من المسؤولين في الولايات المعنية بهذه المزاعم أكّدوا نزاهة العملية الانتخابية في ولاياتهم.
واعتبر ترامب أنّه "على الرّغم من التدخّل الذي لم يسبق له مثيل في انتخابات، من قبل وسائل الإعلام الرئيسية وعالم الأعمال وعمالقة التكنولوجيا، فقد فزنا وبأرقام تاريخية، والاستطلاعات كانت خاطئة عمداً". وتابع أنّ "الموجة الزرقاء التي أعلنوا عنها لم تحصل" في إشارة إلى ما توقّعته استطلاعات رأي عديدة قبل الانتخابات من أنّ الديمقراطيين الذين يتّخذون من اللون الأزرق شعاراً لهم سيحقّقون فوزاً جارفاً في الانتخابات.
ويجد الرئيس المنتهية ولايته نفسه في عزلة متزايدة داخل معسكره الجمهوري في معركته هذه ضدّ "التزوير والاحتيال"، والتي يعتبرها كثيرون معركة خيالية، في وقت يعتصم فيه قادة الحزب الجمهوري بالصمت منتظرين انتهاء عمليات فرز الأصوات في الولايات المتبقّية وصدور النتائج.
وبعيد كلمة ترامب كتب بايدن على تويتر "لن يسلبنا أحد ديمقراطيتنا. لا اليوم ولا أبداً". ومن المحتمل أن تتواصل عملية الفرز في ولايتي أريزونا وينسلفانيا اليوم وربّما أكثر.
وبعد مرور يومين على الاقتراع الرئاسي الأميركي، يسود التوتر في الولايات الرئيسية التي قد تحسم مصير الانتخابات لصالح بايدن، فيما أطلق معسكر ترامب دعاوى قضائية مدعومة في بعض الحالات بتظاهرات نظّمها مناصرون للملياردير الجمهوري.
ولم يعد أمام بايدن سوى الفوز في واحدة أو اثنتين من الولايات الرئيسية الباقية، ليؤدّي اليمين في 20 كانون الثاني/يناير المقبل رئيساً للولايات المتحدة. وامتنع بايدن عن إعلان فوزه، على عكس ما فعل خصمه بعد ساعات على انتهاء العملية الانتخابية.
وأصبح بايدن يحظى أمس بدعم 253 أو 264 من كبار الناخبين إذا تمّ احتساب أريزونا (11 من كبار الناخبين). واعتبرت وكالة "أسوشييتد برس" وشبكة "فوكس نيوز" أنه فاز بها. لكن وسائل إعلام أخرى لا تزال تشكّك في النتيجة النهائية لهذه الولاية بسبب عدد الأصوات التي ما زال يتعيّن فرزها وتضاؤل الفارق بين المرشّحين في الساعات الأخيرة.
وفي فينيكس، تجمّع أنصار لترامب، بعضهم مسلّح، أمام مركز لفرز الأصوات، مردّدين "احتسبوا الأصوات!"، و"عار على قناة فوكس". لكن في الولايات التي تقدّم فيها بايدن على ترامب كولاية ميشيغن، هتف مناصروه "أوقفوا الاقتراع!"، مندّدين بعمليات "غشّ" في فرز بطاقات الاقتراع يوم الانتخابات، ما يجسّد تماماً إستراتيجية معسكر ترامب التي تعيد إلى الأذهان معركة الانتخابات الرئاسية في العام 2000.