نشر موقع "إنسايدر" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن عادات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي من شأنها أن تجعل من يمارسها يصل إلى مرحلة الاكتئاب.
وقال الموقع، في تقريره ، إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية، بقاعدة مستخدمين بلغت 3.6 مليارات في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى ما يقارب 4.5 مليارات بحلول سنة 2025.
وبغض النظر عن إيجابيات استخدام هذه المنصات على مستوى التواصل، إلا أن العديد من الأدلة العلمية تشير إلى أنها من العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بالاكتئاب، لا سيما في صفوف الشباب، وفق الموقع.
هل تسبب مواقع التواصل الاجتماعي الاكتئاب؟
لا تسبب منصات التواصل الاجتماعي الاكتئاب بشكل مباشر وإنما العادات التي تتطور مع استخدامها، مثل البقاء مستيقظا لوقت متأخر من الليل، وتشتت انتباهك عن القيام بمسؤولياتك.
وذكر الموقع أنه في دراسة كندية نشرت سنة 2019 شملت طلابا من الصف السابع، وجد الباحثون أن كل ساعة إضافية يقضونها على مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من أعراض الاكتئاب، مثل الشعور بالوحدة والحزن واليأس، بشكل ملحوظ.
وفي حين أن الدراسة لم تستطع إثبات أن مواقع التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب، فقد خلصت إلى أنه من الأجدر استخدامها في نطاق معقول لمنع الإصابة بالاكتئاب أو الحد من أعراضه.
وفيما يلي، بعض الأسباب التي تجعل الباحثين وعلماء النفس يعتقدون أن مواقع التواصل الاجتماعي والاكتئاب مرتبطان ببعضهما.
كيف تساهم مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور الاكتئاب؟
نبه الموقع إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤدي إلى تعزيز مشاعر الاكتئاب، وذلك من خلال إهدار الوقت في تصفحها مقابل نقص النشاط البدني. ومن شأن هذه العادات أن تفاقم مشاكل نفسية على غرار:
- الشعور بالعزلة:
تنمي مواقع التواصل الاجتماعي الشعور بالانتماء للمجتمع وتساعد على تكوين صداقات دائمة، ولكنها في المقابل تعزز مشاعر العزلة. وحسب جيل سالتز، أستاذ الطب النفسي المساعد في مستشفى نيويورك-بريسبيتيريان، فإنك "تشاهد طوال الوقت صورا لأشخاص آخرين يتواجدون معا، مما قد يعزز مشاعر الوحدة والحسد والشعور بالإهمال والعزلة".
ووفقا لدراسة نشرت في سنة 2019 تتمحور حول الآثار السلبية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي شملت طلابا تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، وجد الباحثون أن مواقع التواصل الاجتماعي تعزز مشاعر العزلة بنسبة 13 بالمئة.
- إهدار الوقت في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي:
حذر الموقع من أن هذه العادة تجعل الشخص يستمر في قراءة الأخبار على الإنترنت حتى لو كانت مُحبطة أو حزينة أو سلبية وهو ما يفسد نظرته للعالم.
وأشارت الأخصائية النفسية إيمي دراموس إلى أن "أحد أكثر أعراض الاكتئاب إيلاما هو اليأس. فإذا كنت تشاهد أخبارا أكثر مما تحتاج، أو تولي اهتمامًا أكبر للمحتوى السلبي، فعندئذ سيؤدي ذلك إلى الإصابة بالاكتئاب".
- الحرمان من النوم:
أظهرت دراسة نشرت في سنة 2019 حول آثار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على نوم المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة، أن أولئك الذين يقضون أكثر من خمس ساعات يوميًا في تصفحها كانوا أكثر عرضة بنسبة 70 بالمئة للنوم بعد الساعة 11 مساءً.
ويقول سالتز إن "الحرمان من النوم يمكن أن يعمّق الإحساس بالقلق ويزيد الحالة المزاجية سوءًا. وفي الواقع، هناك مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن قلة النوم قد تؤدي إلى الاكتئاب أو تفاقم أعراضه".
- التنمر الإلكتروني:
أشار الموقع إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تزايد حالات التنمر عبر الإنترنت، التي أصبحت فضاء يتيح للمتنمرين إهانة الآخرين وإزعاجهم باستخدام حسابات مجهولة الهوية مما يجعل من الصعب محاسبتهم.
وفي دراسة أجريت من قبل مركز بيو للأبحاث نشرت سنة 2018، وجد الباحثون أن 60 بالمئة من الفتيات و59 بالمئة من الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة تعرضوا لشكل من أشكال التنمر عبر الإنترنت، سواء كان ذلك من خلال نعتهم بأسماء وعبارات مسيئة أو نشر إشاعات كاذبة عنهم.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل في الصحة العقلية، حيث تم ربط التنمر عبر الإنترنت بأعراض الاكتئاب في صفوف الطلاب.
- مقارنة نفسك بالآخرين:
تجعل مواقع التواصل الاجتماعي مقارنة حياتك بحياة شخص آخر أمرا سهلا. وحسب الطبيبة النفسية ليا ليز فإن "منصات التواصل الاجتماعي تقودنا إلى الاعتقاد بأن الجميع يعيشون في عالم مثالي على عكس ما هو عليه في الواقع".
وتدعم دراسة نشرت في سنة 2018 هذه الادعاءات، حيث وجد الباحثون أن الطلاب الذين يقارنون أنفسهم مع الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي ويسعون للحصول على ردود فعل إيجابية من أقرانهم يعانون من أعراض اكتئاب أكثر من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
كيفية تقليل الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟
قد تساعدك هذه النصائح الأربع على التحكم في الوقت الذي تقضيه في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي:
1. إيقاف تشغيل الإشعارات: حاول كتم صوت تنبيه الإشعارات في جميع التطبيقات، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني. بهذه الطريقة، قد تتمكن من تحديد مقدار الوقت الذي تقضيه على مواقع التواصل الاجتماعي.
2. ضع حدودا زمنية: سيؤدي تحديد وقت معين لاستخدامك للتطبيقات إلى ظهور تنبيه يذكرك بانتهاء الوقت المخصص لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن يساعدك اتباع هذه الحدود في تقليل الوقت المقضي على الشاشة.
3. كن انتقائيا: بدلاً من التواصل مع الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي، يوصي سالتز بالتركيز على دائرتك الضيقة من علاقاتك. بعد ذلك، حدد أوقاتًا للتفاعل مع هؤلاء الأصدقاء وجهًا لوجه، خارج الحدود الرقمية.
4. استخدم مواقع التواصل الاجتماعي بعناية: ابحث عن المنصات والتفاعلات الإيجابية، مثل تطبيقات التأمل أو محادثة الأصدقاء، واقض وقتًا أقل في متابعة أخبار الأشخاص الذين تقارن نفسك بهم باستمرار مثل المشاهير.