أعلن مصدر قضائي السبت أن المهاجم الذي يشتبه بأنه قطع رأس مدرس فرنسي عرض على تلاميذه رسوما كاريكاتورية للنبي محمد، شاب عمره 18 عاما ومن أصل شيشاني، في اعتداء وصفه الرئيس إيمانويل ماكرون بأنه “هجوم إرهابي إسلامي”.
وأوقفت الشرطة تسعة أشخاص في إطار الاعتداء الذي وقع الجمعة قرب المدرسة حيث كان يعمل المدرس في كونفلان سانت أونورين، على بعد قرابة 30 كلم شمال غرب باريس.
وأطلقت الشرطة النار على المهاجم وقضى في وقت لاحق متأثرا بإصابته.
وقالت الشرطة إن الضحية أستاذ تاريخ عمره 47 عاما واسمه صامويل باتي. وكان قد عرض مؤخرا رسوما كاريكاتورية للنبي محمد خلال حصة دراسية في إطار نقاش حول حرية التعبير، أعقبه شكاوى من بعض الأهالي.
وأربعة من أقارب المعتدي المفترض، شقيقان وجدان، أوقفوا من قبل الشرطة للاستجواب.
وقال المصدر القضائي السبت إن خمسة أشخاص آخرين تم توقيفهم في إطار الاعتداء، بينهم والدا أحد التلاميذ في المدرسة.
وبحسب المصدر فإن الوالدين الموقوفين عبرا عن معارضتهما لقرار المدرّس عرض الرسوم.
والأشخاص الثلاثة الآخرون الذين أوقفوا للاستجواب، هم من المحيط غير العائلي للمشتبه به. والأربعة الذي أوقفوا قبل ذلك من الأقارب.
وجاء الاعتداء في وقت تستمر جلسات محاكمة شركاء مفترضين لمنفذي الهجوم الذي استهدف في كانون الثاني/يناير 2015 مكاتب مجلة شارلي إيبدو الساخرة، التي كانت قد نشرت رسوما كاريكاتورية للنبي محمد ما أطلق العنان لموجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.
وأعادت الصحيفة نشر الرسوم في الأوّل من أيلول/سبتمبر مع بداية جلسات المحاكمة.
ويأتي هذا الاعتداء بعد ثلاثة أسابيع من هجوم بآلة حادّة نفّذه شاب باكستاني يبلغ 25 عامًا أمام المقرّ السابق لـ”شارلي إيبدو”، أسفر عن إصابة شخصين بجروح بالغة.
– “الظلامية لن تنتصر” –
أظهرت مستندات هوية وجدت مع منفذ عملية قتل المدرس، أنه يبلغ من العمر 18 عاما ومولود في موسكو لكنه ينحدر من منطقة الشيشان بجنوب روسيا.
وصرخ المعتدي “الله أكبر” فيما كانت الشرطة تطوقه، بحسب مصدر من الشرطة.
وقال المدعون الفرنسيون المختصون بقضايا الإرهاب إنهم فتحوا تحقيقا في ارتكاب “جريمة مرتبطة بعمل إرهابي” و”تشكيل مجموعة إجرامية إرهابية”.
وقالت الشرطة إنها تحقق في تغريدة نشرها حساب جرى إقفاله على تويتر، تظهر صورة لرأس المدرس.
وأُرفقت بالصورة رسالة تهديد لماكرون “زعيم الكفّار”، قال ناشرها إنه يريد الانتقام “ممَّن تجرّأ على الاستهزاء بمحمد”. ولم يتضح ما إذا كان ناشر الرسالة هو المهاجم، بحسب الشرطة.
وقال ماكرون لدى زيارته مكان الاعتداء وقد بدا عليه التأثر إن “الأمة بكاملها” تقف إلى جانب المدرسين من أجل “حمايتهم والدفاع عنهم”، مضيفا: “لن تنتصر الظلامية”.
وأعلن مكتبه السبت عن إقامة مراسم “تأبين وطني” لباتي.
وكتب رئيس الحكومة جان كاستيكس في تغريدة: “أساتذتنا سيواصلون إيقاظ الروح النقدية في مواطني الجمهورية لإخراجهم من كل شمولية”.
وقال “مجلس الشيشان في أوروبا” ومقره ستراسبورغ في بيان إنه “مثل كل الفرنسيين فإن مجتمعنا روعته الحادثة”.
– لطيف وودود للغاية –
في المدرسة أشاد الأهالي والمدرسون بباتي الذي كان محبوبا على نطاق واسع، والوالد أيضا.
وقال مارسيال البالغ 16 عاما وهو تلميذ سابق لباتي إن المدرس كان يحب عمله “وكان يريد حقا أن يعلمنا أشياء، أحيانا كنا نجري مناظرات”.
وقال تياغو وهو تلميذ في المدرسة: “رأيته (المدرس) اليوم، جاء إلى صفي للتحدث إلى معلمنا. أشعر بالصدمة لأني لن أراه مجددا”.
وأكد نوردين شوادي وهو من الأهالي: “حسبما يقول ابني، كان لطيفا جدا وودودا للغاية”.
وكشفت مصادر أن أحد الموقوفين نشر تسجيلا على مواقع التواصل الاجتماعي يعبر فيه عن الصدمة إزاء عرض الرسوم التي تظهر النبي محمد “عاريا” في حصة ابنته.
وتردد أن الوالد وصف في تسجيل الفيديو باتي بأنه “مارق” ولا ينبغي أن يستمر في التعليم داعيا أهالي آخرين للتحرك.
وقال رودريغو أريناس، رئيس رابطة الأهالي إف.سي.بي.إي، إن شكوى وردت من والد “منفعل جدا”.
وأضاف أن باتي دعا الطلاب المسلمين لمغادرة القاعة قبل عرض الرسوم.
وقالت فيرجيني البالغة 15 عاما إن باتي كان يقوم بمثل هذه الخطوة كل عام في إطار نقاش حول حرية التعبير عقب الهجوم على مجلة شارلي إيبدو.
وعبرت شارلي إيبدو في تغريدة عن “الشعور بالرعب والاشمئزاز” إزاء هجوم الجمعة.
وهرعت الشرطة إلى مكان الاعتداء بعد تلقيها اتصالا بشأن شخص مثير للشكوك يتجول بمحيط المدرسة، بحسب مصدر من الشرطة.
وعثر عناصر الشرطة على الضحيّة في المكان، وحاولوا على بعد مئتي متر توقيف رجل كان يحمل سلاحاً أبيض ويهدّدهم، فأطلقوا النار عليه ما تسبّب بإصابته بجروح خطرة أدت إلى مقتله.