المسجد الأقصى و”الحجاج الجدد”.. معاريف: تخوف أردني وتدفق حاخامي.. والسعودية: ما هدف خليفة الأمويين الخامس؟

الأربعاء 14 أكتوبر 2020 10:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
المسجد الأقصى و”الحجاج الجدد”.. معاريف: تخوف أردني وتدفق حاخامي.. والسعودية: ما هدف خليفة الأمويين الخامس؟



القدس المحتلة / سما /

معاريف - بقلم: البروفيسور دورون بار  رئيس معهد شيختر لعلوم اليهودية وجغرافي تاريخي يختص في بحث الأماكن المقدسة في القدس

لم تذكر الأماكن المقدسة في اتفاق السلام الموقع مع الإمارات والبحرين. وليس هناك تطرق لهذه الأماكن في اتفاق “إبراهيم” أيضاً، الوثيقة المرفقة، التي تتضمن نظرة رؤيا لمستقبل الشرق الأوسط. ولكن في الأشهر الأخيرة، في وقت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات، سربت بين الحين والآخر تلميحات في أن توقيع اتفاق السلام سيسمح للمؤمنين المسلمين من الخليج الفارسي أن يؤموا الحرم الشريف (جبل البيت)، المكان الثالث في قدسيته للإسلام، وزيارة المسجد الأقصى. ووفق ذلك، فإنهم يستقلون طائرة من دبي ويهبطون في مطار بن غوريون، وسيتمكنون في غضون ساعة من زيارة المباني المقدسة الإسلامية في القدس.

لا نعرف كيف ستتطور منظومة العلاقات بين الدول، وإذا ما كان سكان الخليج سيأتون لزيارة البلاد بالتوازي مع سفريات الإسرائيليين إلى دبي. على كل حال، واضح أن زيارة المؤمنين المسلمين من دول الخليج إلى القدس ستزيد من تعقيد الواقع السائد اليوم في الحرم الشريف. تحاول إسرائيل الحفاظ على منظومة العلاقات الحساسة في هذا المكان انطلاقاً من الوعي بكونه برميل بارود قد يتفجر في كل لحظة.

إن جواباً عن سؤال ماذا سيحصل حين تصل باصات المؤمنين المسلمين من الخليج إلى القدس، يبدو معقداً ومرتبطاً بهامش العلاقات الحساسة في المنطقة. صحيح أن إسرائيل مسؤولة عن البلدة القديمة وعن مجال “جبل البيت”، ولكن من يدير المكان عملياً هو الأوقاف الأردنية. وتغيير الوضع الراهن سيجر اضطرابات دموية، مثلما حصل في قضية نصب البوابات الإلكترونية عند مداخل الجبل في 2017. وسيسمح أفراد الشرطة الإسرائيليون لمواطني الخليج بالدخول إلى النطاق، ولكن ليس مؤكداً على الإطلاق أن يسمح لهم حراس الأوقاف بالدخول إلى المباني الإسلامية المقدسة. فالأسرة المالكة الأردنية والحكومة هناك تخشيان من أن يمس الاتفاق بمكانتهما الخاصة والتاريخية في القدس، وكذا السلطة الفلسطينية تستخدم سلاح الفتاوى كي تردع حجاج الخليج من زيارة المجال. وقد ينشأ في المستقبل وضع ما، حين تمنع فيه السلطات الأردنية سكان المملكة من زيارة إسرائيل ولا يستطيع الفلسطينيون الذين يعيشون خلف جدار الفصل من الوصول للصلاة في الحرم الشريف، فإن سكان الخليج سيدمجون زيارة تل أبيب مع أداء الفريضة الدينية في القدس.

كما أن السعوديين مشاركون في هامش المصالح هذا. فقد نشأ في القرن السابع صراع جبابرة بين مركزي القوة المهمين في العالم الإسلامي في حينه. فحكام آل أمية، الذين سيطروا من دمشق على بلاد إسرائيل، طوروا في القدس مركزاً مقدساً جديداً وحاولوا إقناع الحجاج المسلمين باستبدال فريضة الحج في مكة بالحج إلى القدس. الخليفة الخامس في سلالة آل أمية، عبد الملك بن مروان، بنى قبة الصخرة الرائعة، لكي يخلق وزناً مضاداً للحج إلى مكة. ويخلق التوقيع على اتفاقات السلام مع دول الخليج إمكانية يفضل فيها قسم من مسلمي العالم استبدال الحج إلى مكة والمدينة بزيارة إلى القدس. وقد يكون هذا الأمر ممكناً بالتعاون مع الأسرة المالكة السعودية التي تخشى من فقدان سيطرتها الدينية في العالم الإسلامي، الأمر الكفيل بأن يؤدي بها إلى التعاون مع الأمريكيين والإسرائيليين في هذه المسيرة. كما يجدر التطرق إلى النقطة اليهودية، ففي السنوات الأخيرة تعاظم ميل الحاخامين لتشجيع الحج اليهودي إلى مكان الهيكل الخرب، وتفرض الشرطة بتشدد الحظر على صلاة يهودية عامة هناك. نحن عشية انتخابات مصيرية في أمريكا، وإدارة ترامب تبحث عن السبل لزيادة تأييد الجمهور الإفنجيلي واليهودي. الطوائف الإفنجيلية تؤيد الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة وتوسيع وتثبيت الحقوق اليهودية في القدس. وسيسرهم اتساع حق الصلاة اليهودية في “جبل البيت” بالتوازي مع فتح الحرم الشريف أمام الحجاج القادمين من الخليج الفارسي.