قال معهد الابحاث التطبيقية "اريج"، اليوم الثلاثاء، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أصدر أوامر عسكرية جديدة تحتوي في مضمونها على قوانين وأوامر عنصرية اسرائيلية لمصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية.
وفي تحليل (اريج) للأوامر العسكرية خلال شهر أيلول، بلغ عدد الأوامر العسكرية الاسرائيلية الصادرة 101 أمرا استهدفت ستة محافظات فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بمساحة اجمالية للأراضي المصادرة (التي تم استهدافها في الأوامر العسكرية) 9,740 دونما. وتجدر الإشارة الى أن ما نسبته 68.4% من الأراضي الفلسطينية التي تم استهدافها بالأوامر العسكرية هي عبارة عن حقول مزروعة بأشجار الزيتون التي تعتبر مصدر رزق لعشرات بل لمئات العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
وتزامن اصدار هذه الأوامر العسكرية الإسرائيلية مع استعداد الفلسطينيين للبدء بموسم قطاف الزيتون في الضفة الغربية المحتلة في خطوة من شأنها أن تحد من وصول أصحاب الأراضي الفلسطينيين الى أراضيهم وبالتالي خسارة موسم الزيتون الذي ينتظرونه من عام الى اخر لأسباب اقتصادية في الدرجة الأولى.
والجدير ذكره أيضا ان 87 أمرا من الأوامر الإسرائيلية الصادرة (86% من مجمل عدد الأوامر) استهدف حقول الزيتون بمساحة اجمالية 6,658 دونما.
وتقع الأراضي المستهدفة على مقربة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية والتي تشهد كل عام احداثا واعتداءات بين المستوطنين الإسرائيليين القاطنين في تلك المستوطنات والفلسطينيين أصحاب الأراضي بهدف منع وصولهم الى أراضيهم وقطف ثمار الزيتون للاستيلاء عليها وبالتالي ضمها للمستوطنة القريبة.
واعتمدت اسرائيل في الغالبية العظمى من الاوامر الصادرة على عددا من القوانين العنصرية لتسهيل عمليات مصادرة الاراضي الفلسطينية، منها:
أولا: وهي الغالبية العظمى من الاوامر "أمر بشأن تعليمات أمن (يهودا و السامرة) (رقم 1651),5770 – 2009 اعلان بشأن اغلاق منطقة (منع دخول و مكوث)"، المادة 318 من الامر العسكري والتي تنص على ذلك.
وثانيا: الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي "لاستعمالات عامة" بأمر عسكري رقم 321 للعام 1969 والذي يفوض العسكرية الإسرائيلية الصلاحية في مصادرة أراضي خاصة لاستخدامات عامة (لم يتم تحديد معنى استخدامات عامة) وبدون تقديم تعويضات للجهة المتضررة.
واستخدم الجيش الإسرائيلي القانون أعلاه بشكل رئيسي لبناء شبكة طرق للجيش في داخل المناطق الفلسطينية المحتلة وكذلك الحال للمستوطنين الإسرائيليين الذين وفر الجيش الإسرائيلي لهم طرق بديلة بعيداً عن التجمعات السكنية الفلسطينية في المناطق المحتلة.
و تربعت محافظة نابلس على عرش المحافظات الفلسطينية المستهدفة بالأوامر العسكرية الإسرائيلية من حيث المساحة المصادرة اذ انه من خلال التحليل الصادر، تبين أن ما مساحته 5,050 دونما من الأراضي في المحافظة تم استهدافها بالأوامر العسكرية الإسرائيلية الصادرة في المحافظة وخاصة تلك القريبة من مستوطنتي ايتمار و ألون موريه و ريخاليم و براخا و بؤرة عادي عاد حيث تم استهداف الأراضي بشكل واسع في تلك المناطق; تليها كل من محافظات قلقيلية بواقع 1,375 دونما (الأراضي الفلسطينية التي تقع على مقربة من مستوطنات كيدوميم و الكانا والبؤرة الاستيطانية جفعات جلعاد); ومحافظة الخليل بواقع 1,243 دونما وخاصة في المناطق القريبة من مستوطنات كريات اربع و حي تل الرميدة حيث يعيش أكثر المستوطنين تدينا و تطرفا و أدورا و تيليم و نيجوهوت و بني هيفير و بيت عاين و عددا من البؤر الاستيطانية في المحافظة; و كذلك محافظة رام الله بواقع 1,095 دونما من الأراضي وخاصة بالقرب من مستوطنات حلاميش و تلمون و معاليه ليفونا ,والبؤرة الاستيطانية زيت رعنان و كذلك محافظتي بيت لحم و سلفيت بواقع 409 دونما و 568 دونما على التوالي.
هجمات المستوطنين واستهداف الأراضي والأشجار الفلسطينية
ولم تقتصر الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة من خلال الأوامر العسكرية فقط بل تجلت اعتداءات المستوطنين الاسرائيليين بشكل واضح بحق المواطنين الفلسطينيين وأراضيهم وممتلكاتهم في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وخاصة في ظل انتشار فايروس كورونا في الأراضي الفلسطينية وانشغال الفلسطينيين في التصدي لهذا الوباء الخطير والحد من انتشاره.
واصبحت اعتداءات المستوطنين تشكل خطرا على الفلسطينيين أكثر من تلك التي يسجلها الوباء نفسه. ففي دراسة تحليلية لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) لاعتداءات المستوطنين منذ بداية العام 2020 (من شهر كانون ثاني وحتى نهاية شهر أيلول), سجل معهد اريج أكثر من 410 اعتداءاً في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة شملت الاعتداء على المواطنين و الممتلكات و الأراضي و على وجه الخصوص الاعتداء على الاشجار المثمرة وحرقها وقلعها وسرقتها و اغراقها بالمياه العادمة وغيرها من الانتهاكات خاصة في المناطق القريبة من المستوطنات الإسرائيلية بهدف الاستيلاء عليها وضمها لحدود المستوطنة القريبة وبالتالي حرمان الفلسطينيين منها.
استهداف الاشجار الفلسطينية خلال العام 2020
استهداف الاشجار الفلسطينية المثمرة وخصوصا أشجار الزيتون وتدمیر المحاصيل الزراعیة كان من أشد الانتهاكات الإسرائيلية التي شهدتها الاراضي الفلسطينية المحتلة خلال العام 2020 سواء على أیدي قوات الاحتلال الإسرائيلي أو قطعان المستوطنين الإسرائيليين القاطنين في المستوطنات الإسرائيلية القريبة من القرى الفلسطينية والاراضي الزراعیة.
ففي إحصائية أعدها معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) ومركز أبحاث الأراضي خلال الفترة الواقعة ما بين شهر كانون الثاني 2020 وحتى نهاية شهر أيلول من العام 2020, تم اقتلاع, وتجريف و مصادرة وحرق قرابة ال 9000 شجرة مثمرة في الضفة الغربية المحتلة, 80% منها أشجار زيتون. وكانت كل من محافظات سلفيت ونابلس والخليل وبيت لحم وطولكرم الأشد تاثرا من هذه الاعتداءات.
وقد كان لهذا الانتهاك أثر كبیر وواضح على القطاع الزراعي و خصوصا أن معظم الاشجار التي تم اقتلاعها هي من الزیتون و التي تشكل مصدر دخل أساسي للعديد من العائلات الفلسطینیة.
لقد أثرت الهجمات والقيود من قبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من بناء جدار العزل العنصري وإقامة الحواجز ومنع الوصول الى الأراضي ومصادرة المعدات الزراعية والاعتداء على الفلسطينيين بشدة على قدرة العديد من المزارعين الفلسطينيين على إعالة أسرهم وعرضت بقاء العديد من التجمعات الفلسطينية للخطر. ولكن, كانت اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين الأكثر خطورة على المزارعين الفلسطينيين، وأصبحت هجمات المستوطنين على موسم قطاف الزيتون الفلسطينيين طقسًا سنويًا خلال موسم الزيتون.
وخلال السنوات الماضية، صعد المستوطنون الإسرائيليون من هجماتهم على الفلسطينيين حيث قاموا بالاستيلاء على الأراضي وكروم الزيتون واعتدوا على المزارعين الفلسطينيين الذين كانوا يحاولوا قطف الزيتون, و كل ذلك على مرأى ومسمع قوات جيش الاحتلال الإسرائيل الذي لا يحرك ساكنا في مثل هذه المواقف بل يكتفي بطرد الفلسطينيين من أراضيهم وترويعهم.
وكثيرا ما يسمح جنود الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين الإسرائيليين باحتلال الأراضي الفلسطينية والسيطرة عليها، بما في ذلك كروم الزيتون التي تشكل مصدر دخل أساسي للعديد من العائلات الفلسطينية. كما يتصرف المستوطنون الاسرائيليون في كثير من الأحيان مع سياسية "الإفلات من العقاب" عند مهاجمة المزارعين الفلسطينيين وتمر العديد من جرائم الاعتداء والضرب والقتل دون عقاب من قبل السلطات الإسرائيلية المختصة.
ولا تستهدف هذه الهجمات الإسرائيلية الممنهجة الشعب الفلسطيني فحسب ، بل تستهدف أيضًا جذور الوجود الفلسطيني على الأراضي التي قامت بزراعتها الأجيال الفلسطينية. على سبيل المثال، عادة ما يسرق المستوطنون الزيتون من البساتين الفلسطينية قبل أن يتمكن أصحابها من قطف الأشجار. نادرًا ما يتم إيقاف سرقة الزيتون من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي غالبًا تتدخل لصالح المستوطنين الإسرائيليين. بالإضافة إلى هذه الهجمات ، كانت هناك أيضًا أمثلة واسعة النطاق ومنهجية على تدمير بساتين الزيتون الفلسطينية.
وخلال السنوات العشرين الماضية، قامت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين باقتلاع و تدمير أكثر من نصف مليون شجرة مثمرة, الغالبية العظمى منها, أشجار الزيتون في جميع أنحاء الضفة الغربية هذا باستبعاد تلك التي تم اقتلاعها و تدميرها في قطاع غزة المحاصر. وتجدر الإشارة الى انه تم تطهير بساتين الزيتون من المواقع الاستراتيجية في الضفة الغربية المحتلة من أجل تسهيل الاستيطان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية القائمة وشق الطرق الالتفافية وبناء جدار الفصل العنصري و إقامة البؤر الاستيطانية.