طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة ماهر الأخرس، والتي مازالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقله، حيث يستمر بإضرابه عن الطعام لليوم الثامن والسبعون على التوالي دون تهمة أو محاكمة، تحت غطاء الاعتقال الإداري، رغم التدهور الخطير في وضعه الصحي.
وناشد المركز المجتمع الدولي للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق سراح المواطن الأخرس، حيث لا يمكن استخدام الوسائل القانونية لذلك لطبيعة الاعتقال الإداري والذي ينفذ دون تهمة أو محاكمة، ويحث المفوض السامي لحقوق الإنسان والمقرر الخاص للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، على التدخل الفوري لتأمين ذلك.
وكان المواطن الأخرس، قد نقل فور اعتقاله إلى مركز الاحتجاز في حوارة، وأودع بعدها في سجن "عوفر" عقب إعلانه خوض إضراب مفتوح عن الطعام، ومن ثم تم نقله بعد تدهور صحته إلى عيادة سجن الرملة، وبتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر 2020، تم نقل "الأخرس" إلى مستشفى (كابلان)، بعد أن وصلت حالته إلى الخطر الشديد، حيث بات يفقد الوعي ويعاني من مضاعفات صحية خطيرة.
ومن المفترض أن تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية صباح اليوم الاثنين الموافق 12 اكتوبر 2020 في طلب "الاخرس"، والذي قدمته محاميته من أجل الإفراج عنه.
ويعتبر هذا الطلب الثالث من نوعه، فقد سبق وأن تقدمت محاميته بطلب لإطلاق سراحه بتاريخ 23 سبتمبر 2020، وحكمت المحكمة حينها بتجميد قرار الاعتقال الإداري، دون أن تحكم بإطلاق سراحه.
وقدمت المحامية طلباً آخراً بتاريخ 1 أكتوبر 2020، ولكن القرار تم رفضه من المحكمة بادعاء أنه لا يوجد قرار لإلغائه لأنه تم تجميده سابقاً، وبالتالي، يحاول القضاء الإسرائيلي إبقاء الأمر في حلقة مفرغة للإبقاء على احتجاز الأخرس دون تهمة أو محاكمة، وتعيد هذه القضية وبقوة طرح مسألة الاعتقال الإداري والذي تمارسه سلطات الاحتلال بموجب المادة (273) من الأمر العسكري رقم 1651.
وبناء على هذا الأمر العسكري، والذي يستند لقانون الطوارئ لسنة 1945 أبان الانتداب البريطاني، يجوز لسلطات الاحتلال اعتقال من تشاء، دون تهمة أو محاكمة، ودون تمكين المعتقل أو محاميه من معرفة أسباب الاعتقال، ويصدر أمر الاعتقال قائد المنطقة العسكري، ويصادق عليها القاضي العسكري بالعادة دون نقاش.
ويستند الاعتقال على معلومات مقدمة من ضابط المخابرات الإسرائيلي في المنطقة، ولا يتم البوح بها في المحكمة ولا يعلم بها المتهم أو محاميه، بحجة كونها معلومات سرية، يطلع عليها القاضي العسكري فقط، والذي يكون بالعادة ضابط احتياط، والذي يعتمدها وكأنها حقائق دون فحص أو نقاش في أغلب الحالات، فهي تحرم المتهم من حق الدفاع، حيث لا توجد أصلا تهمة لتفنيدها، ولا يستطيع المحامي تقديم دفوع مضادة، حيث لا يمكن له معرفة المعلومات التي استند إليها، وتصبح مهمة الدفاع حينها وكأنها مهمة مطاردة أشباح.
وتحتجز سلطات الاحتلال حوالي (350) فلسطينياَ[1] بشكل إداري دون تهمة أو محاكمة، وقد كان العدد (431) في يناير من نفس العام، وتقوم سلطات الاحتلال سنوياً بالاعتقال الإداري لمئات المواطنين الفلسطينيين سنوياً، بعضهم أطفال دون سن 18، ويتم تجديد اعتقال الكثير منهم بشكل دوري كل ثلاثة أو ستة شهور، حتى أن بعضهم خضع للاعتقال الإداري المستمر لسنوات وصلت في بعض الحالات إلى عشر سنوات.
وبلغت أوامر الاعتقال الإداري الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967، أكثر من 50 ألف قرار اعتقال إداري، ويذكر أن الأمر العسكري سابق الذكر يتناقض مع التزامات دولية على عاتق الاحتلال بموجب المادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي تتعلق بالحق في عملية قضائية سليمة.
ويذكر المركز هنا أن سلطات الاحتلال ملزمة باحترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالتوازي في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهذا ما أكدته الاجسام التعاقدية التي تتولى مهمة مراقبة تطبيق اتفاقيات حقوق الأنسان في أكثر من موضع وفي كل الملاحظات الختامية التي ترسل من هذه الأجسام للرد على تقارير دولة الاحتلال بهذا الخصوص.
وأكدت لجنة مناهضة التعذيب، المعنية بمتابعة تطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب على نفس المعنى عندما طلبت من دولة الاحتلال، بتاريخ 13 مايو 2016، بأن "تتخذ بشكل عاجل كل ما يلزم لإلغاء ممارسة الاعتقال الإداري وأن تمكن كل الأشخاص، الذين يخضعون للاعتقال الإداري حاليا، من كافة الضمانات القانونية الأساسية.
ويذكر أن أعداد المعتقلين الإداريين تختلف من وقت إلى آخر، وقد بلغت ذروتها في العام 1989م حيث بلغت (1794) معتقلاً؛[5] وقد بدأ العدد بالانخفاض تدريجياً نتيجة الخطوات الاحتجاجية التي كان يقوم بها المعتقلون، والتي كان آخرها وأبرزها استخدام خلايا أجسادهم للدفاع عن كرامتهم، من خلال الإضراب عن الطعام، كوسيلة أخيرة ووحيدة للانتصاف لكرامتهم والحصول على حقوقهم.
وانخفض بعدها عدد المعتقلين بالتدريج إلى أن وصل إلى في العام 2013، إلى 150 معتقلاً فقط،[6] وبعدها بدأ العدد بالارتفاع مرة أخرى، وأرتفع معها تصميم المعتقلين لاستخدام ما بقي لهم من وسائل للدفاع عن حقوقهم وكرامتهم، وهي خلايا أجسادهم المجردة، ويعتبر الاعتقال الإداري أحد أبرز نماذج قمع الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين وقاحة، ويهدف إلى إلحاق الأذى بالفلسطينيين وتحويل حياتهم لجحيم.
وقد ورثته سلطات الاحتلال عن الانتداب البريطاني، وأضافت عليه فكرة التحديد اللامتناهي، حيث لم يكن يجدد لأكثر من مرة أبان الانتداب البريطاني، ويعبر المركز عن صدمته تجاه الصمت الدولي أمام جرائم الاحتلال، والتأخر غير المبرر من الجهات الدولية الحقوقية واحرار العالم في التدخل لإنقاذ حياة المواطن "الأخرس".
وطالب مجلس حقوق الإنسان، المفوض السامي لحقوق الإنسان والمقرر الخاص للأرض المحتلة بالتدخل فوراً لإنقاذ حياة ماهر الأخرس والعمل على إطلاق سراحه فوراً دون تأخير.
وناشد المركز أحرار العالم، لحث الدول السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف على الاجتماع، وإلغاء المواد الخاصة في بالاعتقال الإداري في اتفاقية جنيف الرابعة، وتجريم أي اعتقال دون تهمة أو محاكمة، حيث لا يمكن تصور وجود مثل هذا النص في القرن الواحد والعشرين.
وشدد المركز على المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل للاستجابة لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان تجاه الأرض الفلسطينية المحتلة وبالتوازي مع التزامها ببنود القانون الدولي الإنساني، بما يحقق الحماية الأكبر للمدنيين الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي.