قال سفير واشنطن السابِق في تل أبيب، دان شابيرو إنّ الواقع يؤكّد عدم إمكان احتفاظ إسرائيل بطابعها الأساسي كدولة يهودية وديمقراطية إذا تجاهلت القضية الفلسطينيّة، مُضيفًا أنّه لحسن الحظ، فإنّ أولئك الذين ما زالوا يسعون إلى حل الدولتين ليس لديهم سبب لليأس، فقد يكون الإنجاز الإماراتيّ-الإسرائيليّ بمثابة جسر ضروري للتغلب على المأزق الحالي. ويمكن للدبلوماسية الماهرة أنْ تستخدم التطبيع كأساس لإحياء الزخم باتجاه التوصل إلى حل الدولتين.
وتابع أنّ التاريخ يُظهر أنّ الدول العربيّة التي تحافظ على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تلعب دورًا أكثر فعالية في دعم التطلعات الفلسطينية من تلك التي ترفض إقامة علاقات مع إسرائيل، فقد استغلت الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات، وتحديدًا مصر والأردن، اتفاقات السلام التي وقّعتها مع إسرائيل للمساعدة في تسهيل الدبلوماسية الإسرائيلية – الفلسطينية وثني الطرفين عن اتخاذ خطوات غير حكيمة، كما قال.
ورأى أنّ الاتفاق الإماراتيّ-الإسرائيليّ يوفّر فرصة أمام الإمارات للعب دور مماثل في تعزيز السلام الإسرائيليّ-الفلسطينيّ، لافتًا إلى أنّ هذا بدأ أساسًا بواسطة الاتفاق بحدّ ذاته، الذي اشترطت الإمارات لإبرامه عدم القيام بعملية الضمّ بدعم من إدارة ترامب.
وشدّدّ شابيرو على أنّ دفن فكرة الضم يحافظ على احتمالات قيام دولتين، وعلى المدى الأقصر، يُعد أمرًا ضروريًا لاستعادة التعاون الأمنيّ الإسرائيليّ الفلسطينيّ الذي كان عنصر استقرار رئيسي في الضفة الغربية لأكثر من عقد من الزمان.
وأوضح أنّ الدول العربيّة الأخرى التي تجري محادثات مباشرة مع إسرائيل تكون في موقع أفضل للتأثير على قادتها وشعبها من تلك التي تقاطعها، وفي المقابل، هناك القليل من الأدلة على أنّ قطع العلاقات بين العالم العربي وإسرائيل سوف ينجح في الحصول على تنازلات من إسرائيل، كما أكّد.
بالإضافة إلى ذلك، مضى قائلاً إنّه يمكن للدول العربيّة التي تمتلك موارد، مثل الإمارات، أنْ تقدم حوافز مهمة للسلطة الفلسطينيّة، وعلى وجه التحديد، قد يعني ذلك زيادة كبيرة في المساعدة الاقتصادية لتحقيق الاستقرار في المؤسسات التي يمكن أنْ تصبح، مع تقدم المفاوضات، اللبنات الأساسية لدولة فلسطينية مستقبليّة.
وأشار شابيرو إلى أنّه قد يكون بإمكان الدول العربية الداعمة للتطبيع مع إسرائيل أنْ تؤثر أيضًا على القادة الفلسطينيين لكي يتّبنوا مواقف أكثر واقعية بشأن بعض قضايا الوضع النهائي، مثل الاعتراف بعدم إمكان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل وفقًا لحدود ما قبل عام 1967، وأنّه يجب الاعتراف بإسرائيل كدولةٍ يهوديّةٍ، كما يمكنهم إقناع الفلسطينيين بالرفض القاطع لاستخدام العنف.
ورأى أنّه يمكن للإدارة الأمريكية التي تُعيد إحياء دعمها لبلورة حلٍّ واقعيٍّ لدولتين أنْ تحاول تنظيم إنجاز الإمارات لتعزيز جهودها الدبلوماسية الخاصة، فلا يمكن تحقيق حلّ الدولتين على المدى القصير بسبب عوامل متنوعة، تتراوح من الخلافات بين القادة على كلا الجانبين إلى الانقسامات داخل المجتمعين الفلسطينيّ والإسرائيليّ، كما أن مسألة الخلافة الفلسطينيّة، ايْ خلافة محمود عبّاس، التي تلوح في الأفق تشكل عامل تعقيد آخر، طبقًا لأقواله.
وتابع شابيرو في تحليلٍ لصالح معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، تابع أنّ الحلّ الأساسيّ يكمن في استخدام الإنجاز لتوسيع دائرة السلام، وهذا يعني اتخاذ خطوات هامة وتدريجية على الأرض لإقناع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بأن الجانب الآخر جاد فعلاً، مع ضمان دولة نهائية تكفل قيام كيان دولة حقيقية منزوعة السلاح للفلسطينيين إلى جانب ضمان أمن إسرائيل، كما قال.
ووفقًا لرؤيته سيتطلب ذلك تعليق عدة جوانب من خطة ترامب، أيْ (صفقة القرن)، ففي شكلها الحاليّ تحرّم الفلسطينيين من دولة قابلة للحياة تتمتع بالحد الأدنى من السيادة، كما أنّها تضر بأمن إسرائيل من خلال رسم حدود جديدة ملتوية، وزيادة احتمالية الاحتكاك، والفشل في فصل المجتمعات الإسرائيلية والفلسطينية، وخلق واقع الدولة الواحدة الذي يعرّض مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية للخطر، كما قال.
كذلك، أضاف سفير واشنطن السابق في تل أبيب، إنّ العمل باتجاه حلّ الدولتين يعزز قوة العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية أيضًا، ومؤكِّدًا في الوقت عينه أنّ مساعدة الفلسطينيين على التقدم نحو حقّهم في إقامة دولة وتحقيقها في نهاية المطاف من شأنه أنْ يُعزز مصداقية إسرائيل بين منتقديها الأمريكيين.
واختتم قائلاً إنّ الدعم الأمريكيّ والديناميكيّة الاقتصاديّة الإسرائيليّة، قد مكّن الدول العربية من إدراك أن إسرائيل، على حدّ تعبير مسؤولٍ إماراتيٍّ بارزٍ، هي فرصة وليست عدوًا، ومع تزايد قبول إسرائيل في المنطقة، يمكن للدول العربية وإسرائيل والفلسطينيين، بقيادةٍ أمريكيّةٍ قويّةٍ، التعاون لحلّ إحدى المشاكل العالقة في الشرق الأوسط، كما قال.