نصائح عمرو موسى ووصاياه..غسان زقطان

الإثنين 21 سبتمبر 2020 01:30 م / بتوقيت القدس +2GMT
نصائح عمرو موسى ووصاياه..غسان زقطان



كان تصريح عمرو موسى، وزير خارجية مصر السابق وأمين الجامعة العربية السابق والمرشح في انتخابات الرئاسة المصرية السابقة، حول «اتفاقية السلام» بين الإمارات وإسرائيل، مفاجئاً وخارج سياق سيرة الرجل السياسية، بل يمكن اعتباره خارج ردود الفعل الباردة على الاتفاق في الإعلام المصري، الرسمي وشبه الرسمي. ولو استثنينا تغريدة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي بدت مثل أداء واجب عائلي لا مجال لتجاوزه، فسنجد أن عمرو موسى كان يقدم تحليله الخاص لمرحلة ما بعد «الربيع العربي».
التصريح كان أقرب إلى تقديم النصيحة لرتل المطبعين المتدافع القادم من بواقي الأنظمة العربية، الذي تقدمته «مملكة البحرين» بعد أن بذل ملكها ووزير خارجيتها السابق جهوداً وخدمات، متطوعاً أحياناً ومكلفاً أحياناً أخرى، ومن خلال خبرته وفهمه للواقع الذي تعيشه الجامعة العربية التي قادها سنوات طويلة بعد أن أبعد عن حقيبة الخارجية المصرية.
أظن أن الأمر يتجاوز التحليل وثمة ما يشي بمعلومات حصل عليها الرجل من خلال موقعه الذي اكتسبه عبر عمل طويل في الدبلوماسية العربية، وشبكة اتصالاته الواسعة التي وفرتها له سنوات طويلة من الخدمة.
يمكن الآن قراءة التصريح بهدوء أكثر وغضب أقل.
ثمة تقبل واضح في التصريح الذي ظهر على صفحة عمرو موسى في مواقع التواصل الاجتماعي، لمتغيرات العالم الجديد وسقوط مسلمات كانت إلى وقت قريب ثوابت لأي تحرك سياسي في المنطقة، تحديداً فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي.
بدأ التصريح من نقطة بعد «الاتفاق» وليس من الاتفاق نفسه، وذهب إلى التفاصيل مباشرة، نحو اقتراح إلزام «إسرائيل» بوقف ضم أراضي الضفة الغربية عبر تعهد إسرائيلي منصوص عليه وليس ضمانات أميركية، مع نصيحة للمطبعين الجدد أن يبحثوا عن أثمان تعزز الحقوق الفلسطينية وتدعمها، هذه مناوشة واضحة مع مفهوم «نتنياهو» للمبادرة العربية/السعودية للسلام، ومحاولة لربط التطبيع بالحقوق الفلسطينية، «السلام مقابل الحقوق»، وهي نصيحة لم تعمل بها الإمارات، بينما سعت البحرين بجهد إلى تفكيكها.
لقد بدأ، عمرو موسى، من الخسارة، ومن شبهة اليأس التي سعت الإدارة الأميركية واليمين الفاشي في إسرائيل إلى تأكيدها وتغذيتها، منذ فشل اجتماعات «كامب ديفيد وطابا» بين الرئيس عرفات وباراك وكلينتون.
في المستوى الأعمق للقراءة يمكن تلمس فشل جيل كامل من السياسيين العرب المنهمكين في كتابة مذكراتهم أو روايتها، يمثلهم «عمرو موسى»، جيل قاد المنطقة أكثر من نصف قرن، في احتكار طويل من الغرور والسذاجة، قبل أن يصل إلى هزيمته الشخصية، وها هو هذا «الجيل» المحطم، يحاول أن يجعل من ذعره الشخصي اقتراحاً وطنياً.
إذا كانت من فائدة يمكن العثور عليها في الحملة المتوحشة لتصفية القضية الفلسطينية بأذرعها، العنصرية الأميركية/الإسرائيلية وأزمات الأطراف في الخليج والمؤسسة السياسية العربية المنهارة، فهي إمكانية توحد قوى المشروع الوطني الفلسطيني والتخفف من حمولة الاتفاقيات التي كرسها هذا النظام وأدبياته، من اتفاقيات الهدنة إلى أوسلو، وبناء برنامج وطني فلسطيني منفتح على العالم وقواه التقدمية تعززه جبهة شعبية عربية.