صحيفة اسرائيلية: هل سنكون أمام براغماتية فلسطينية بعد انقضاء جيل منظمة التحرير؟

الإثنين 14 سبتمبر 2020 10:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة اسرائيلية: هل سنكون أمام براغماتية فلسطينية بعد انقضاء جيل منظمة التحرير؟



القدس المحتلة / سما /

اسرائيل اليوم - بقلم: دورون متسا.. باحث ومحاضر في موضوع النزاع ومسؤول كبير سابق في المخابرات الإسرائيلية 

 الوصية الأولى. تعبر اتفاقيات السلام مع الإمارات والبحرين عن ثورة عظيمة تمر بالشرق الأوسط. فقد انتهت الأزمنة التي كانت تعرف المنطقة فيها عبر اتفاقية سايكس بيكو من العام 1916. فخطة القرن التي تتعرض للشجب هي المباراة الوحيدة في المدينة، وتعبر عن مفهوم سياسي ذي صلة ينسجم والتطورات التي مرت على الشرق الأوسط في العقود الأخيرة.

الوصية الثانية. لم تعد السياسة الشرق أوسطية تقوم على أساس فكر مثالي يستند إلى فكرة القومية والسعي إلى خلق إطار مشترك للعرب، بل إلى فكر نفعي ووظيفي يخاطب التحول السياسي الكبير الذي حصل في الشرق الأوسط في شتاء 2010 (الربيع العربي)، الذي أعاد المنطقة إلى عصر ما قبل القومية.

الوصية الثالثة. يبدو الاقتصاد في هذا الواقع الجديد، الذي بات فيه الاستقرار أهم بكثير من القيم وسياسة الهوية، هو السوط والحافز اللذين هما الكابح الأساس في وجه تضعضع المنظومة وانهيارها. هذا هو السبب الذي يجعل إسرائيل في هذا الوضع ميزة كبرى في النظام الشرق أوسطي الجديد كونها توفر، انطلاقاً من قوتها الاقتصادية والتكنولوجية، مزايا واضحة لدول المنطقة الغنية التي ترى في النموذج الاقتصادي شرطاً ضرورياً لحفظ مصالحها في وجه المحافل التي تسعى إلى ضعضعة الاستقرار القائم، مثل إيران.

الوصية الرابعة. تشهد الاتفاقات مع الإمارات والبحرين على التغيير في طبيعة السياسة الإقليمية، بل وعلى التحول الذي طرأ على مكانة إسرائيل التي جعلتها، وبإنجازاتها الاقتصادية والتكنولوجية والأمنية ما لم يسبق أن كانت، قوة عظمى إقليمية بكل معنى الكلمة ولها خطوات مهمة في السياسة الإقليمية.

الوصية الخامسة. تشحن اتفاقيات السلام منظومة العلاقات الإسرائيلية مع العالم العربي بمضمون جديد (اقتصادي، تكنولوجي) يختلف تماماً عما كان يميز علاقات إسرائيل مع دول السلام القديمة، مثل مصر والأردن، وتخلق فرصة هائلة لإضافة مدماك آخر للعلاقات سيساهم أكثر فأكثر في الاستقرار الإقليمي.

الوصية السادسة. نشأت في الشرق الأوسط حالة من إعادة الاستقطاب بين محورين: محور “معسكر المقاومة” (إيران، حزب الله، حماس) مقابل “المعسكر المحافظ” (إسرائيل، دول الخليج) ومن جهة أخرى المجال الجغرافي السياسي الغني والمزدهر لجنوب شرق المنطقة ومقابله المجال الفقير والمظلوم لشمال – شرق المنطقة. فالمنافسة بين المجالين لا تدور فقط حول سياسة المقاومة مقابل سياسة المحافظة، بل حول نموذج الوهن مقابل نموذج الازدهار.

الوصية السابعة. الشرق الأوسط الذي بات بعد الاتفاقيات، منطقة ذات وجود أمريكي أقل، أو على الأقل نموذجاً مختلفاً من الوجود الجغرافي – الاستراتيجي، الذي وجد تعبيراً اقتصادياً (يشبه نمط الوجود الروسي والإيراني في سوريا) في شكل بيع سلاح متطور لدول الخليج على حساب الوجود الأمريكي المباشر الذي تحل محله إسرائيل بقدر ما.

الوصية الثامنة. السقف الزجاجي الفلسطيني الذي كان قائماً منذ عقود عديدة تحطم تماماً، وقطعت المسألة الفلسطينية تماماً عن المسألة العربية.

الوصية التاسعة. لتحطم السقف الزجاجي معنى سياسي، ولكنه معنى سياسي إسرائيلي داخلي. فالفكر اليساري الكلاسيكي حول الصلة بين حل المسألة الفلسطينية والسلام والتطبيع مع العالم العربي انهار تماماً (بعد أن انهارت فكرة “الدولتين” قبل ذلك على أساس فكر سايكس بيكو).

الوصية العاشرة. لقد فوتت الساحة الفلسطينية القطار مرة أخرى. هذا مسمار آخر في نعش أماني الفلسطينيين. تصل هذه الساحة إلى مرحلة يتعين فيها أن تتخذ قرارات مهمة بشأن مستقبلها، ويبدو أن انهيار السند العربي يوشك على أن يتقاطع مع التهديد السياسي الذي سيأتي في أعقاب آخر جيل زعماء م.ت.ف/تونس – أبو مازن. في هذه الظروف يمكن التساؤل، ربما بتفاؤل، هل فتح الطريق أمام براغماتية فلسطينية.