بين التطبيع والانقسام ،،، محمد سالم

الأحد 13 سبتمبر 2020 04:33 م / بتوقيت القدس +2GMT
بين التطبيع والانقسام ،،، محمد سالم



هناك كتاب مشهور للكاتبة الأميركية "فرانسيس سوندرز" عنوانه من الذي دفع للزمار؟" يكشف ستر بعض المواقف ، والعنوان يحيل للقول الإنجليزي الشهير" الذي يدفع للزمار من حقه أن يطلب اللحن الذي يرغب في سماعه " السؤال الذي ينطوي عليه العنوان وجيه ، ولكن السؤال الذي لا يقل عنه وجاهة في نظري وأنا هنا أتكلم عن واقعنا  السياسي " من الذي يدفع لأصحاب الألحان النشاز؟ من يدفع لاستمرار الانقسام المدمر؟ من يدفع مقابل التطبيع العربي.

بعد ان تابع شعبنا خلال السنوات الأخيرة أحداثا ، بدأت لأول وهلة  متشعبة الأطراف، متعذرة الفهم والإدراك، فإذا ما دققنا فيها النظر عن كثب، لراعنا ما فيها من خيوط مرتبطة بعضها ببعض، تقودنا لنتيجة واضحة، كجزء من خطة كبيرة تفسر هذا الانقسام و التخاذل العربي ؛ بأكثر من أنه .. خوف. شيئا آخر سيظهر جليا .

فالواقع أن العديد من الدول العربية قد تحولت- أو هي في طريقها للتحول- إلى التطبيع مع الاحتلال الصهيوني ، نتيجة لفساد أنظمة الحكم ، وتخبط السياسات، وارتباك التوجهات، وفقدان البوصلة والتبعية، وفقدان السيادة. وبالتالي فإن طابور التطبيع سيطول ؛ انه عصر انقسامنا.. عصر التدهور العربي , من كان يتخيل بأننا سنصل لزمن يسمح للطيران الإسرائيلي بالتحليق فوق أجواء 3 دول خليجية.. ويُستقبل سفراء "اسرائيل" في عواصم خليجية.

وكم من مرة تأرجحت سفينة الثورة الفلسطينية ، في ذلك اليم المتلاطم الأمواج،
بين أشلاء الضحايا والبارود والدماء ، وبرغم من هذا كان يشعر شعبنا ، بعناصره العريقة تملأ كيانه وتسيطر عليه. وحين يقسو الجو، وتتمرد العواصف فتزداد الروابط بين اخوة الدم والارض، يقاومون بها بلطجة الصهاينة وقسوة العرب والعجم وينتصرون بوحدتنا وكانت الكلمة الواحدة ، من يتنازل عن فلسطين ويعترف بالكيان الصهيوني ليس منا.

لكنها الحقائق الصدمة والمروعة لنا؛ نحن الذين أردنا في يوم من الأيام أن نفرض قضية شعبنا على الراي العام العربي والعالمي وكيف يحدث هذا في ظل الانقسام. ومع عزوف المسئولين عن أجزاء إصلاحات أساسية واجبة منها الوحدة الوطنية والانتخابات إلي غير ذلك ، والشعب في واد السياسيون الذين تزعموه اجيلا كاملة في واد آخر سحيق... فإذا ما اقتضينا أثر هذه الخيوط لتكشف أمامنا منطق واضح سليم، يؤدي بنا للنتيجة الحتمية التي حدثت، وجعلت ما كان يبدو غامضا في بادئ الأمر، واضحا جليا في نهايته.
  وبعد ان توالت الأحداث منذ مدة علي صورة لم يألفها هذا الشعب ولا كانت تستطيع أن تطوق بخياله، بعد أن تاهت منه أحلامه وآماله، في ظلمة الأيام وسواد الليالي، طيلة سنوات ثقيلة مرة ، بعد ان رأى كفاحه  اكثر من 70 عاما من أجل حريته واستقلاله  ينتكس فجأة ورأي الإشاعات والمخاوف تملأ الجو من حوله، وحلقات الخيانة والدسائس تحيط بحياته وقضيته، وتابع حكومات هنا وهناك و تتابع علي مقاعد حكمه افراد وجماعات ، و رأي الناس أشياء لم يستطيعوا فهمها، وسمعوا عن أسماء لا يعرفون عن أكثر أصحابها شيئا.

و لم يعرف لماذا آتت، ولا لماذا ذهبت ولكنه لعنها جميعا في سره وفي علنه...وما كان يملك غير هذه اللعنات، وقد سلب القدرة علي العمل، وسدت في وجهة منافذ الآمال وأخذوا يذكرون الفساد والاستهتار وما آلت إليه القضية الشريفة العادلة ، من فوضئ سياسية بعد ان  ضيع السادة وقتا بعمر القضية ؛ فالانقسام بقبضته على عنق الشعب قد أوصل شعبنا وقضيته الشريفة العادلة إلى هذه الحالة،  واصبح  مبرراً لبعض العرب لغسل يديهم من القضية الفلسطينية.

ومن الغريبة حقا ان الأحزاب والهيئات يطلبون جميعًا بالوحدة الوطنية والإصلاح، كما لو أن أحدًا قد منعهم قبل ذلك من الوحدة ؟!!  فمنذ سنوات وسنوات والشعب يدعوهم ، ولكن تتجاهل دعواته ويستهتر بطلبه. فهل تهمل دعواته لسنوات اخرى؟ وتكون هشيما تذروه الرياح، فلا يبقى سوى لطم الخدود والنواح.. بعد كل تطبيع ..وهل نعرف الزمار ومن يدفع له؟

     حفظ الله شعبنا من اعداء الخارج والداخل.