هآرتس - بقلم: عاموس هرئيل "تولد انطباع لدى أعضاء في “كابينت كورونا” بأن رئيس الحكومة نتنياهو يسعى إلى الإعلان عن إغلاق عام لفترة محدودة في أرجاء البلاد قبل نهاية الشهر الحالي".
ممثلو “أزرق أبيض” يريدون أن يقلصوا احتمالات فرض إغلاق عام. بالأمس، دخل إلى حيز التنفيذ قرار بفرض قيود على الحركة وحظر تجول في الليل وتجميد الدراسة في عشرات البلدات الحمراء التي سجل فيها إصابات عالية.
يذكر نتنياهو مؤخراً بتصريحاته العنلية احتمالية اضطرار الحكومة إلى فحص فرض إغلاق شامل لاحقاً، إزاء اشتداد العدوى. وفي الوقت نفسه، يؤكد على جهوده لاستنفاد سبل العمل الممكنة الأخرى.
ينسب “كابينت كورونا” هذه الخطوات بالأساس إلى تخوف رئيس الحكومة من عدد المصابين اليومي، الذي بلغ في الأيام الأخيرة 3 آلاف يومياً.
حسب أقوال عدد من المشاركين في الجلسات، من بينهم مهنيون، ثمة اعتبار آخر لا يتحدث عنه وزراء الليكود بصورة صريحة، وهو الرغبة في تقييد مظاهرات الاحتجاج ضد نتنياهو، في بؤرها الأساسية أمام منزله في القدس ومنزله في قيسارية.
من ناحية قانونية واستناداً إلى قرارات سابقة للمحكمة العليا، يبدو أن المحاكم ستسمح بإجراء المظاهرات حتى أثناء الإغلاق الشامل. ولكن من المعقول أن يصعب هذا الوضع وصول عدد من المتظاهرين.
من غير المعقول أن يسمح نتنياهو لنفسه بالذهاب إلى الولايات المتحدة للمشاركة في احتفال التوقيع على اتفاق التطبيع مع الإمارات في وقت تكون فيه إسرائيل في حالة إغلاق.
كما أن هناك جانباً آخر قد يؤثر على اعتبارات نتنياهو. فقد دعت إدارة ترامب رئيس الحكومة في الأسبوع المقبل – في 15 أيلول – إلى احتفال توقيع في واشنطن على اتفاق التطبيع مع الإمارات. ومن غير المعقول أن يسمح نتنياهو لنفسه بالذهاب إلى الولايات المتحدة في وقت تكون فيه إسرائيل في حالة إغلاق.
في مشاورات الأيام الأخيرة تم فحص أفكار مختلفة، منها فرض قيود متشددة عشية عيد رأس السنة لفترة قصيرة نسبياً، أو الانتقال إلى إغلاق أطول. وثمة اقتراح آخر يتحدث عن وقف التعليم في المدارس طوال فترة الأعياد، من رأس السنة حتى نهاية عيد العرش. وقال مدير عام وزارة الصحة، البروفيسور حيزي ليفي، أمس لـ “أخبار 13” إن قيوداً أكثر تشدداً في الأعياد تبدو أمراً “لا مناص منه”.
لقد أصبحت القفزة الأخيرة في معدل الإصابة واضحة، وأكثر مما كان في الأسابيع السابقة، وتحديداً في أوساط الشباب الحاملين للفيروس الذين لا تظهر عليهم أعراض. هذا سبب في ارتفاع عدد المصابين اليومي في هذه الأثناء بدرجة محدودة في المؤشرات الحاسمة: المرضى في حالة خطيرة، والمرضى المربوطون بأجهزة التنفس، ومن هم تحت العلاج.
يرتبط ارتفاع عدد المصابين بدرجة كبيرة بزيادة عدد الفحوصات، التي تجاوزت أول أمس للمرة الأولى الـ 40 ألفاً يومياً. نسبة الفحوصات الإيجابية متأرجحة جداً هذا الأسبوع؛ حيث تراوحت بين 7.7 في المئة و11.8 في المئة. إن المؤشر الأساسي الذي يشغل جهاز الصحة هو مؤشر المرضى في حالة خطيرة، الذي سيؤثر على عتبة قصور المستشفيات، ونقطة الانهيار المحتملة في علاج المرضى. ولزيادة الحالات الجديدة هناك تأثير آخر في تدمير الاقتصاد.
النظام الوبائي، الذي نقلت وزارة الصحة مسؤوليته إلى الجيش، يجب أن يعالج قطع كل سلاسل العدوى: العثور على المريض، وعلى كل الأشخاص المخالطين له في فترة العدوى المحتملة، وإدخالهم الحجر لمنع إصابات أخرى. عندما يقفز عدد الحالات إلى 3 آلاف في اليوم، وبافتراض أن مواطناً في المتوسط قد يخالط عدة عشرات الأشخاص في الأسبوع، فالنتيجة هي وجوب العثور على عشرات آلاف الأشخاص في كل يوم، والإيعاز لهم بالدخول إلى الحجر. فعلياً، لا يمكن لنظام العثور على الأشخاص أن يلبي ذلك، إذ لا يمكن العثور على الآلاف. هناك أيضاً من يختارون تجاهل تعليمات الحجر التي تجد السلطات صعوبة في تطبيقها.
في القطاعات التي تنتشر فيها الإصابة، مثل العرب والأصوليين والشباب، هناك ظاهرة متزايدة من تملص المرضى من الفحص (إذا لم تفحص فأنت غير مصاب)، من أجل الامتناع عن التوقف عن العمل والمس بمصدر رزق آخرين. في حين ثمة حالات يُعثر فيها على الاختلاطات وتُنفذ تعليمات الحجر، فالنتيجة أن عشرات آلاف الأشخاص أسبوعياً يكونون ملازمين لبيوتهم. في حالات كثيرة، هناك عائلات دخلت الحجر للمرة الثانية والثالثة، بسبب أولادهم الذين خالطوا حاملين للفيروس في جهاز التعليم.
يتولد عن ذلك أحياناً عدد من المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض: طفل بدون أعراض يشخص كمريض بسبب الفحص (لأن أحد أفراد عائلته مرض وظهرت عليه أعراض)، ويدخل بذلك عشرات الأطفال وعائلاتهم إلى الحجر. جزء كبير من الأطفال الآخرين غير مصابين؛ آخرون أصيبوا ولكن لا تظهر عليهم أعراض. والنتيجة هي سلسلة من صفحة طويلة تثير موجات ضرر كبيرة في الاقتصاد.
حتى أمس، وحسب معطيات وزارة التعليم، أصيب أكثر من 1800 طالب بكورونا منذ بدء السنة الدراسية في الأسبوع الماضي. وقد ألغت الوزارة في هذه الأثناء أحد التعليمات بشأن إغلاق المدرسة التي فيها أكثر من ثلاثة مرضى، وأبقت القرار في أيدي الباحثين الوبائيين. كما هو متوقع، فإن لدى المدارس، خاصة في الصفوف العليا، إمكانيات إصابة كامنة عالية نسبياً، ومثلها المدارس الدينية ومواقع الجيش الإسرائيلي.
وحين يدور الحديث عن أغلبية من مرضى لا تظهر عليهم أعراض، فإن الأرقام العالية تدخل الدولة والاقتصاد في حالة دوار من عزل المرضى وشل مؤسسات التعليم وأماكن العمل، التي تصعب على الأداء السليم. إن خطة “الإشارات الضوئية” التي جاء بها البروفيسور روني غمزو (الذي أدخل أمس نفسه إلى الحجر في أعقاب مخالطته مريضاً مؤكداً) لم تستهدف خفض الإصابة بصورة حادة، بل التوصل إلى زيادة السيطرة والبدء في منحنى منضبط يمنع دوراناً آخر.
ورغم الانتقاد المتزايد لخبراء وأطباء، وخوف الجمهور من التداعيات الشديدة للإغلاق في هذه الأثناء، قد تجد إسرائيل نفسها تحت إغلاق واسع آخر قبل نهاية أيلول. وهذا سيحدث خلافاً للإعلان العلني عن رئيس الحكومة والمدير والوزراء الذين يهمهم الأمر. وهو دليل على شدة الفشل الإداري في مواجهة الفيروس.