مع الأستاذ كانت لنا، جلسات من العظمة الانسانية والخبرة الحياتية والتنوع المعرفي وكيف تكون ؟ وكيف يتشكل مصيرك وتميز ابداعك الادبي ،في الثقافة والسياسة والحياة العربية ، والامثال الفلسطينية ،والنكات المصرية ،والخبرة الاجتماعية والرؤية المستقبلية السياسية والثقافية.. مساحات من المعرفة والثقافة والبهجة والتنوع ..مباريات في التهذيب والاحترام والاناقة الثقافية !
- كنا بنقول ايه ؟ .. الديمقراطية.. يا استاذنا..
- اه .. كويس.. انك لسه فاكر.
يقول الاستاذ: اول مرة سمعنا ألفاظ الديمقراطية والارستقراطية وحكم الفرد وحكم الجماعة ، وحق الامة في أن تحكم نفسها بنفسها و لنفسها، و اراء أرسطوطاليس و أفلاطون، في أنواع الحكومات على اختلافها ، وعن آراء مونتسكيو في كتابه " روح القوانين" وآراء رسو في كتابه " العقد الاجتماعي" . ذلك ما كان يقرأ في مقالاتهم من أن" الأمة هي الكل في الكل وأن مقام الأمة فوق كل مقام . ومن أن الحكام ليسوا في حقيقة الأمر إلا خداما للشعب يخدمونه ويأخذون أجرهم منه ، فإذا استقاموا ونصحوا الشعب فهم خدام أمنا ، وإذا جاروا و غشوا الشعب فهم خدام خونه لا فرق في ذلك بين أمير ووزير ، وموظف مهما يكون مركزه.
وسمعنا الاستاذ يقول : ظلموا الرعية و استجازوا كيدها وعدوا مصالحها وهم أجراؤها .
بكل تأكيد، الأستاذ ممن أخذوا بحظهم من الفلسفة، حال المصلحون ودعاة التجديد ؛ وهم أحرار ،دعاة استقلال وحرية ، ومن المحبون للذوق حين يفكرون وحين يعلمون ، وهم أباة حريصون على الكرامة الفردية والاجتماعية ، ولهم لون خاص يمتازون به
،انه طريق الاستقلال الادبي ، ودوره في تكوين الاطر العقلية والسياسية والاجتماعية، والالحاح على تعقيل الحياة من خلال مقال - يقوم بالدور الذى قامت به مقالات عصر النهضة الأوربية وهو دور يستند دعوته إلى الثقافة والتنوير.
اكمل استاذنا.. كأنه صوت الضمير .. وبين الضلوع احاديث مرتلة : حصارًا لثقافة إنتاج الفساد و الاستبداد - منتهى الخطورة و الجنون ان يسيطر حزب واحد على الحياة السياسية ، او مجلس واحد بلا معارضة حقيقية ، وقوة تتصارع صراعًا صفريٍّا , ولهذا السبب تحديدًا فإن المجتمع لا يبدو مقتنعًا بصدق ما يعرض عليه ؛ الناس منسحبون من مباراتهم لأنهم يعلمون أنه صراع معقدا و تدخل اقليمي، وأنه ليس لهم ولا للقضية مصلحة فيما يحدث.
وهذا أيضًا ظلم لعقولنا ، عندما يطلبون لنا تجربة أثبتت فشلها على مدار سنوات فشلًا تامٍّا وكاملًا وذريعًا بكل ألوان الفشل وتفاصيله ومعانيه. إنه ليس ظلمًا لعقولنا فقط بل هو إهانة علنية لها.
وكيف يمكن أن نوقف مسلسل الهوان الذى جعل البعض يتسابق نحو دولة الكيان الصهيوني التى تزداد صلفا و غرورا وبلطجة؟! و ليس هذا الخنجر الأول الذى نطعن ونحن بهذه الحالة.
فبدون وحدة حقيقية تصبح - كارثة كاملة وخراب كامل للوطن ، ولم يحدث أن طرأ أيُّ تحسنٍ على أحوال الوطن.. ولا ظهر شيءٌ عن حقوقه السياسية أو الإنسانية، لا انتخابات ولا حتى عمل لنتخلص من الفقر الشديد، ومن عدوان متكررة، وخراب تام. ولا تجد الامة في الافق لهذه الاوجاع ادواء ، او مقدمات شفاء، والاشد وطأة من ذلك حالة القنوط واليأس العامة.
وغياب بوصلة للتوجه نحو أي اهداف، ولا شك ان عاملا من العوامل الرئيسية المسؤولة عن هذه الحالة العامة غير المسبوقة هو الانقسام ،مع الاستقطاب الإقليمي، بعد ان خلق هذا الوضع انشطار نفسيا جماعيا بين ابناء الشعب الواحد. .. الحالة الجماعية المزرية - بكل ما تنطوي عليه من إحباط ويأس و قنوط، وربما يساعد اتفقنا على الخروج من هذه الحالة.
والناس قد خبروا بدورهم معاناة ، هي اشد وطأة بحكم تعرضهم المباشر للكل بشاعات الاحتلال الصهيوني الوحشية، ومواجهة جرائم الحرب الصهيونية؛ ومع ذلك لم يكن الامر سهل ، وهنا تجلت عبقرية الشعب وسطر ملحمة غير مسبوقة في التاريخ الحديث ، رغم الخسائر وكل وسائل الترهيب والتهديد والقتل و الابادة الجماعية التي استخدمها الصهاينة, وفى هذا الشق تفوق الشعب العربي الفلسطيني على شعوب اكبر واكثر تقدما منه بكثير ولعلنا نتذكر اهول و بشاعة الاحتلال النازي ، وما فعله للعديد من بلدان غرب ووسط اوروبا اثناء الحرب العالمية الثانية.
لكنها الالم العميقة من أثقال الاوجاع الداخلية والخارجية، ومازالنا نلعق جراح نكبتنا الجديدة ومع ذلك فلابد ان يخرج شعبنا العظيم بسرعة من هذه الحالة ؛ بكل بساطة الناس تريد أن تعيش، وتريد أن تحيا كبقية شعوب الأرض بكرامة واستقلال وحرية وهو أمر يحتاج إلى إعادة نظر في الأحكام والسياسة الشرعية ويقدم حلولًا متنوعة للمسألة الواحدة. . يستحق شعبنا الحرية والاستقلال والحياة السياسية المتطورة والمأسسة التي ترتكز على تعدد الاحزاب والتعددية. بنظام متكامل يتم تطبيقه وتفعيله بدلًا من هذه النماذج المهترئة .
حديث لم ينتهي .