معاريف - بقلم: عاموس جلبوع "الأزمة الصحية والاقتصادية التي يديرها رئيس الوزراء بشكل فاشل، والعنف السياسي الهدام لمجموعات أقلية متطرفة محبطة، والقتال الهادئ والناجح للغاية ضد ألدّ أعدائنا، بإدارة رئيس الوزراء… كل هذه تقف على رأس جدول أعمالنا الوطني الحالي. ولكن هذا المقال لن يعنى بها، بل سيعود ويشدد: رئيس الوزراء يرتكب خطأ جسيماً حين يهمل فرصة نادرة لضم غور الأردن إلى دولة إسرائيل. ليست الكتل الاستيطانية، وليست المستوطنات المنعزلة، فقط غور الأردن وشمال البحر الميت. منطقة لا يوجد ما هو أعلى في أهميته الأمنية والاستراتيجية منها لمستقبل دولة إسرائيل. إذا كان لرئيس الوزراء تأييد أمريكي واضح لمثل هذه الخطوة، فإني لا أرى سبباً ألا يفعل ذلك ويقف بلا خوف في وجه كل الضغوط الداخلية، ولا سيما ضغوط المستوطنين".
سمعت مؤخراً على لسان رئيس معهد أمني معتبر حجتين ضد ضم غور الأردن. الحجة الأولى كانت: لنفترض أننا ضممنا الغور، فبعد بضعة أشهر سيخسر ترامب في الانتخابات وسيصعد رئيس ديمقراطي، هو بايدن. سيلغي الاعتراف الأمريكي بضم الغور وعندها سنبقى يتامى، بينما لا تعترف أي دولة في العالم بالضم. هذا سيكون وضعاً سياسياً سيئاً جداً لإسرائيل. فلماذا نفعل ذلك حين نعرف مسبقاً بأن هذا سيثير المشاكل لنا؟ وبالفعل، هذه حجة مغلوطة من عدة مبررات.
الأول، من أين اليقين بأن بايدن سيلغي الاعتراف الأمريكي؟ بالفعل، قد يكون هناك احتمال أكبر بأن يفعل ذلك، ولكن من أين اليقين؟
الثاني، ولنقل إنه سيفعل ذلك، فعلامَ الهلع؟ في 1949 أعلن بن غوريون القدس عاصمة لإسرائيل، ولم تعترف بذلك أي دولة. فماذا في ذلك؟ لم تقم سفاراتها في القدس، ولكننا أقمنا هناك سيادتنا ونقلنا إلى هناك كل مؤسسات الدولة. في 1981 أعلن مناحم بيغن عن سيادة إسرائيل في هضبة الجولان (فرض القانون، القضاء والإدارة)، ولم تعترف بذلك أي دولة… فماذا في ذلك؟ بقينا هناك وجعلنا الهضبة ما هي عليه اليوم. المؤسف هو أن رؤساء وزراء إسرائيل كانوا مستعدين لأن يتنازلوا عن هذه السيادة حتى بدون مقابل زهيد، وأيّدهم كثيرون في المؤسسة الأمنية. فضلا ًعن ذلك، تبقى السيادة وهي في أيدينا. عدم الاعتراف الأمريكي هو أمر مؤقت. يمكن لبايدن أن يخسر بعد أربع سنوات، ورئيس أمريكي جديد يجدد الاعتراف.
الثالث، إذا كنا نخاف بهذا القدر أن يلغي بايدن الاعتراف، ينبغي بالطبع أن نأخذ بالحسبان أنه سيأتي مع موقف قوي مؤيد للفلسطينيين. عندها سيكون صراعنا على حدود 1967، وسيبدو غور الأردن مثل حلم بعيد. في الحد الأقصى ستعمل إدارة بايدن معروفاً “بأمن إسرائيل” وتوصي لها بقوة من الأمم المتحدة تكون في غور الأردن. وحتى الفرنسيين قد يتطوعون لحمايتنا؟
أما الحجة الثانية ضد ضم غور الأردن فهي إيقاظ المشكلة الفلسطينية الغافية نسبياً، وحدوث انتفاضة كهذه أو تلك. كل هذا سيحرفنا عن صراعنا المركزي ضد العدو الأساس، إيران. رأيي مختلف؛ إذ يدور الحديث عن ساحتي قتال مختلفتين مع وسائل عمل أخرى، وبقدر ما يتعلق الأمر برد الفلسطينيين، فإن كل ذلك تخمينات. ثمة يقين في شيء واحد: خطوة بسط السيادة. وفي كل الأحوال، كمبدأ أساس، على الدولة أن تكون مستعدة لدفع ثمن معقول لقاء ما تراه كمصلحة حيوية لها.