يقوم الأطفال بالكثير من الأمور التي يفسرها البعض بكونها طبيعية فلا يتوقفون عندها كثيرا، ولكن عند التدقيق في الكثير من الأفعال التي لا تستدعي الاهتمام سنكتشف أن الدافع الرئيسي وراء هذه التصرفات هو الحب، ولكنهم يعبرون عنه بطريقتهم الخاصة.
الأيام الأولى
هل يشعر الرضّع بالحب؟ بالتأكيد يشعرون بحب أمهم وأفراد عائلتهم ويبادلونهم هذا الحب، ولكن نظرا لقدراتهم المحدودة فهم دائما ما يستطيعون التعبير عن هذا الحب بهذه القدرات البسيطة.
ملاحظة حب الرضيع للأم ليست أمرا جليا، ولكن يمكن ملاحظته عندما تلاحق عيناه تحركات الأم، وتشع عيناه وتتحرك يداه وقدماه فرحا باقتراب والدته أكثر وأكثر منه، والأصوات التي يطلقها بحماس عند رؤية أمه ولا تصدر منه لأي شخص آخر.
يعلم الرضيع صوت أمه ورائحتها، وبمجرد دخولها الغرفة وقبل حتى رؤيتها يبدأ بكاؤه في الخفوت ولو قليلا، لأنه اطمأن إلى وجودها بالقرب منه، فهو يشعر بالأمان والراحة لاقترابها منه، كما أنها هي أول من تحصل على الابتسامات حين يستطيع الابتسام.
الرضيع يعلم صوت أمه ورائحتها وبمجرد اقترابها منه يبتسم لشعوره بالأمان (مواقع التواصل)
حين يتعلمون المشي
أحيانا ما تنفجر الأم غضبا من الأطفال، لأنهم يعطلونها عن المهام التي يجب عليها إنجازها، فالأطفال يتلكؤون في المشي أو ارتداء الملابس، وبدلا من ذلك يفضلون القفز على قدم واحدة أو ارتداء الملابس بطريقة خاطئة، ويكونون سعداء للغاية، مطالبين الأم بأن تنظر إليهم وأن تشاركهم هذه الأفعال.
هم في حقيقة الأمر لا يسعون إلى الاستفزاز، ولكنهم لا يفهمون معنى الزمن، وكل ما يريدونه هو قضاء وقت أطول مع الأم، راغبين في أن يستغلوا كل لحظة معها بالطريقة الوحيدة التي يعرفونها.
حتى عندما يجري الأطفال بعيدا عن الأم هم يفعلون ذلك لثقتهم أنها دائما موجودة لمراقبتهم وحمايتهم من أي أذى قد يتعرضون له، هم فرحون بحريتهم واستقلاليتهم، ولكن لم يكونوا ليفعلوا ذلك لولا الثقة بوجودها إلى جانبهم، وهم أيضا يستخدمون الأم درعا واقيا عندما يخافون من أمر ما، هذا ليس لأنهم يمكنهم التضحية بالأم، ولكن لأنها تمثل في وجهة نظرهم الحماية والأمان.
وأحيانا، يعطي الطفل أمه قطعة من الحلوى التي أكل أكثر من نصفها والباقي مغطى بلعابه، كل ما تفكر فيه الأم وقتها هو أن طفلها يعطيها بقايا الطعام وكأنها سلة المهملات، ولكن في الحقيقة فإن الأطفال في هذه المرحلة العمرية لا يشاركون مع أحد أي شيء يحبونه، وبحسب موقع "بيرنتس"، فإن الطفل يحب أمه ولذلك يعطيها قطعة من الطعام الذي استمتع بتناوله، ويريدها هي أيضا أن تحصل على هذه المتعة.
استخدام الكلمات ومحاكاة الأفعال
حين يتم الطفل عمر 3 أو4 سنوات يصبح أكثر استقلالية وتبدأ شخصيته تتضح بدرجة أكبر، فينظر إلى الأم والأب بنظرة تقدير واحترام، ثم تبدأ مرحلة محاكاة التصرفات واستخدام نفس المفردات في الحديث.
ليس هذا فحسب، فالأطفال في هذه السن يحاولون دائما التعبير عن مشاعرهم باستخدام الكلمات، فيستخدمون كلمات الحب والإعجاب للأم في حالة الرضا والسعادة، وحين تعاقبهم فهم يستخدمون الكلمات أيضا محاولين إيذاء مشاعر الأم، وعلى الرغم من غرابة الأمر فإن فورة الغضب واستخدام الكلمات الجارحة هي مجرد الوجه الطفولي الغاضب للحب.
الأطفال يلجؤون إلى الالتصاق بأمهاتهم كوسيلة لوصف حبهم (مواقع التواصل)
المزيد من الالتصاق
وبدخول الأطفال المدرسة واعتمادهم على أنفسهم تدريجيا يتفاجأ الأهل أحيانا أن الطفل يعود بتصرفاته خطوات للوراء، وبدلا من تطوير مهاراته يصبح فجأة راغبا في الالتصاق بالأم أكثر من الأوقات السابقة، يدّعي عدم معرفة كيفية التصرف، ويطلب المساعدة في كثير من الأمور البسيطة التي يستطيع إنجازها بسهولة.
ورغم أن هذه التصرفات تستفز الأم وتجعلها تشعر بالإحباط والحنق لأنها لا تستطيع الحصول على الراحة فإنها في نفس الوقت بمثابة واجهة لحب الطفل للأم ورغبته في قضاء المزيد من الوقت معها، فهو يشعر أنه بذهابه إلى المدرسة والتمرينات الرياضية أصبح يقضي ساعات طويلة من دونها، لذا يرغب دائما في استغلال الوقت بأن يقضيه بصحبتها قدر الإمكان، متحدثا في شتى الأمور للشعور بالأمان معها.
ربما تبدو الكثير من السلوكيات التي يقوم بها الأطفال مزعجة وتسبب التوتر والقلق للأم، لأنها لا تستطيع الحصول على الراحة أبدا، ولكن هذه هي الطرق التي يعبر بها الأطفال عن حبهم لها، هم لا يستطيعون استخدام الكلمات العميقة أو شراء الهدايا، هم يحبون الأم، لذا يحبون قضاء أكبر قدر ممكن من الوقت معها، وربما من الأفضل أن تستمتع كل أم بهذه اللحظات بدلا من التذمر بشأنها، لأنه قريبا سيدخل الأطفال مرحلة المراهقة، وسيرغبون في قضاء الوقت برفقة الأصدقاء بدلا من الأسرة.