قال مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد إيلان غولدينبرغ، إن الرد المناسب على خطط الضم الإسرائيلية هو الاعتراف بدولة فلسطين.
وقال المسؤول السابق في وزارة الخارجية وعضو الوفد الأمريكي المفاوض في محادثات السلام الإسرائيلية- الفلسطينية، بمقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” إن الحكومة الإسرائيلية قد تبدأ خطوات من طرف واحد لضم أجزاء من الضفة الغربية. وستكون هذه الخطوات تهديدا خطيرا لأي حل يقوم على حل الدولتين، يسمح للإسرائيليين والفلسطينيين العيش بحرية وأمن كل في دولته، كما ستحطم المعيار الذي غطى قرارات النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني ولعقود.
وستكون خطوة الضم الإسرائيلية بداية لعصر القرارات الأحادية، وستؤدي إلى تحول في السياسة من الجانب الفلسطيني أيضا. وقال إن الضم ليس نتيجة نهائية، فرئيس الوزراء بالمناوبة بيني غانتس والقادة العرب ونائب الرئيس السابق جوزيف بايدن وكل ديمقراطي في الكونغرس، عبّروا عن قلقهم أو رفضهم الواضح.
وتبدو إدارة دونالد ترامب غير واضحة في موقفها من الضم الذي تصورته في خطة السلام، وهو ما جعل الحكومة الإسرائيلية مترددة في المضي به. ويمضي الكاتب قائلا إنه حالة حدث الضم، فإن حل الدولتين الذي وافقت عليه إدارة ترامب سيكون بلا معنى. وفي عالم كهذا، فمن المهم اتخاذ خطوات لإحيائه وخلق وقائع على الأرض تؤكد مناخ حل الدولتين.
ومن هنا فأفضل طريقة يقوم بها داعمو حل الدولتين خاصة الكونغرس هي الدعوة إلى اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية. ويعتقد الكاتب أن الضم هو خطوة تعني أن الإسرائيليين يبتعدون عن حل الدولتين. لكن تأثيره على الفلسطينيين لن يكون كبيرا، خاصة أنهم لم يعودوا يؤمنون بإمكانية الحصول على دولة.
وتكشف الاستطلاعات في المناطق الفلسطينية، أن الدعم لحل الدولتين هو في أدنى حالاته منذ أن بدأ الإسرائيليون والفلسطينيون يتفاوضون عام 1993 وتوقيع اتفاقية أوسلو. والمعارضة لا تقوم على جوهر الاتفاق ولكن على غياب الإيمان في إمكانية تحقيقه بعد 25 أو أكثر من الفشل وتوسع المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي التي من المفترض أنها مخصصة لدولتهم الفلسطينية.
ويعتقد الكاتب أن قرارا إسرائيليا من طرف واحد يهدف إلى إظهار أن إسرائيل لن تكون رهناً لفيتو الفلسطينيين على حدودها، سيترك تأثيرا واسعا.
وحذر أن قرارا كهذا سيزيد من تدهور المؤسسات الفلسطينية إلى مزيد من العجز والديكتاتورية. وسينظر إليها الفلسطينيون وبشكل متزايد كأداة للاحتلال الإسرائيلي وليس كجزء من بناء الدولة. وبالتالي ستنهار السلطة الوطنية بسبب غياب الشرعية.
ويقول الكاتب إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون دفعة قوية لداعمي حل الدولتين، ويقدم لهم انتصارا رمزيا لتحقيق الأماني الوطنية، وسيقوي من السلطة الوطنية الفلسطينية وشرعيتها ويمنع انهيارها. ويجب أن يكون اعتراف أمريكا واضحا في تقرير حدود الدولتين بالتفاوض، ولكن يجب أن يقوم على خطوط عام 1967 باتفاق متبادل على تبادل الأراضي، وهذا هو جوهر السياسة الأمريكية منذ 50 عاما. واعتراف الولايات المتحدة بفلسطين سيدفع الشركاء الأوروبيين الذين ترددوا في السابق لاتباع أمريكا.
وحتى لو لم تعترف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية، فإن التعبير عن عدم معارضتها لأي قرار من دولة أوروبية بهذا الشأن، سيحفز موجة دولية للاعتراف، وسيعزز لحظة الفلسطينيين اليائسين. وسيكون الاعتراف مناسبا لمواجهة إسرائيل التي عرّضت خطتها الأحادية حل الدولتين للخطر. ومثلما سيكون الضم محاولة إسرائيلية لتجاوز المفاوضات والقفز نحو وضع حد وتأكيد زعمها بالمناطق في الضفة الغربية، فسيكون الاعتراف بالدولة الفلسطينية بمثابة قفزة نهائية لأهداف الفلسطينيين في المفاوضات.
ويعلق الكاتب أن الاعتراف بفلسطين قد يكون متطرفا في النظرة الأولى، إلا أنه سيكون حلا وسطا داخل الحزب الديمقراطي حالة تم الضم. فالأصوات المحافظة في الحزب الديمقراطي تحاول إقناع اسرائيل بعدم المضي بعيدا في الضم أو حتى إلغاء اعتراف ترامب بما جرى سيكون كافيا.
إلا أن هذا لن يكون سوى مجرد كلام لا يرفق بخطوات عملية لإنقاذ حل الدولتين. وفي المقابل سيطالب التقدميون في الحزب الديمقراطي بوضع الولايات المتحدة شروطا على 3.8 مليار دولار في السنة تقدمها الولايات المتحدة كمساعدات لإسرائيل. وخطوة كهذه ستضر بمصالح أمريكا وإسرائيل الأمنية في الشرق الأوسط، ولن تقرب الطرفين من حل الدولتين.
وفي النهاية يأمل الكاتب أن تتخذ إسرائيل القرار الصائب وتختار عدم الضم. ولو فعلت، فعلى داعمي حل الدولتين في الكونغرس والمنظمات الأمريكية والقادة اليهود والعرب في الولايات المتحدة الضغط على إدارة ترامب للاعتراف بفلسطين كطريقة للحفاظ على أمل حل الدولتين في عصر القرارات الأحادية الإسرائيلية- الفلسطينية.