قال كاتب إسرائيلي إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قادم لزيارة إسرائيل من أجل تحذيرها من مشاركة الصين في إقامة محطة مياه، قد تتحول لأكبر محطة لتحلية مياه البحر في العالم، ورغم وجود العديد من القضايا في جدول أعماله، فإن "تورط إسرائيل الصغير في الاشتباك المتزايد بين واشنطن وبكين يثير حفيظته".
وأضاف مردخاي غولدمان بمقاله على موقع المونيتور، وترجمته "عربي21" بأن "الأمريكيين يخشون من فوز شركة هاتشيسون الصينية بعطاء لبناء أكبر محطة تحلية بالعالم على ساحل البحر المتوسط جنوب إسرائيل، وستنتج المنشأة سوريك2، 200 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويًا، ما يرفع إجمالي المياه المعالجة بمحطات التحلية الإسرائيلية لـ786 مليون متر مكعب سنويًا، بنسبة 85% من إجمالي استهلاكها المحلي السنوي".
وأشار غولدمان، محلل الشؤون الدبلوماسية للصحف الدينية اليهودية، والباحث بكليات الحاخامات، إلى أن "قيمة العطاء 1.5 مليار دولار، وسيدير الفائز فيه المنشأة لمدة 25 عاما، وقد طلبت الإدارة الأمريكية من إسرائيل إعادة تقييم مشاركة هاتشيسون في المناقصة، رغم أنها وصلت بالفعل للمرحلة النهائية من العطاء، وبحسب مصادر دبلوماسية مختلفة، فإن الرسائل التي بعثت بها واشنطن لتل أبيب كانت حاسمة في هذا الشأن".
غاليا لافي، الباحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في قسم دراسات شرق آسيا بجامعة تل أبيب، وتجري بحثًا لبرنامج الصين-إسرائيل بمعهد دراسات الأمن القومي، قالت "إن الأمريكيين قلقون للغاية من جهود الصين لتوسيع موطئ قدمها بالاستثمار في البنى التحتية الاستراتيجية، ويعتبرونه تهديدًا لأمنهم القومي، وهذا الأمر ليس مقتصرا على أهواء الرئيس دونالد ترامب، رغم أنه قد يرفضه بشكل أكثر حدة من أسلافه".
وأضافت أن "الأمريكيين يتابعون بقلق ما تفعله الصين منذ عدة سنوات، وأكثر ما يشغل بالهم ما يعتبرونه محاولة صينية للسيطرة على سوق التكنولوجيا في المستقبل، لأن إسرائيل دفيئة للتكنولوجيا المتقدمة، لذلك فإن الصين تبدي اهتمامًا بما يحدث هنا، هذا بالضبط ما ينذر الولايات المتحدة".
ألكسندر كوشنير الرئيس السابق لهيئة المياه الإسرائيلية، قال إن "الصينيين يتابعون سوق المياه منذ عقد من الزمن، وتأتي وفودهم لمعرفة المزيد عن تقنيات تحلية المياه لدى إسرائيل، ويبحثون عن المعرفة، ويسافرون حول العالم، مسلحين بمبالغ غير محدودة من المال، يبحثون فقط عن مكان الاستثمار، يحاولون الحصول على أي تقنية يعتقدون أنهم قد يحتاجون إليها في المستقبل، ولا يهتمون إذا كانوا في الوقت الحالي يخسرون المال".
وأضاف أن "إسرائيل واحدة من قادة العالم في الأمور المتعلقة بكفاءة الطاقة في عملية تحلية المياه، هذه نقطة مهمة للغاية، لأنه يُعتقد أن نقص المياه سيصبح قضية مركزية للعديد من البلدان حول العالم خلال السنوات القليلة القادمة، بسبب ثلاثة عوامل: ارتفاع مستوى المعيشة ونوعية الحياة، وتزايد السكان، وتغير المناخ، حيث يتوقع العلماء قدوم فترة من الجفاف الممتد في أجزاء كبيرة من العالم".
وأشار إلى أن "الصينيين بعيدو النظر، يريدون السيطرة على هذه الأساليب مع خبرة مثبتة في التعامل مع أزمة مياه الشرب، وأصبحت إسرائيل صديقة بشكل متزايد لهم في السنوات القليلة الماضية، يشاركون ببناء الموانئ الجديدة في أسدود وحيفا والسكك الحديدية، ويشعرون بالراحة هنا، لأن الحكومة فتحت لهم الباب، ما دفع واشنطن لمطالبة تل أبيب بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الاستثمارات الأجنبية فيها".
وأوضح أن "الهدف من الطلب الأمريكي هو إبطاء تدخل الصين في الاقتصاد الإسرائيلي، وفي حالة محطة التحلية، يرى الأمريكيون أنها حالة اختبار لهم لتقييم ما إذا كانت إسرائيل تحقق بالفعل في الاستثمارات الصينية، مع أنه في 2015، خسر الأمريكيون مناقصة لميناء حيفا، وانتهى الأمر ببكين إلى الحصول على امتياز تشغيله".
وأكد كوشنير أن "قضية أخرى تزعج الأمريكيين وخبراء الأمن الإسرائيليين، وهي موقع منشأة التحلية، بجوار قاعدة بالماخيم الجوية، حيث تتمركز القوات الأمريكية، وقرب مركز ناحال سوريك للأبحاث النووية، وأرسل رئيس جهاز الأمن في وزارة الحرب نير بن موشي، رسالة لوزارتي المالية والطاقة أعرب فيها عن معارضته الشديدة لقرار السماح لهوتشيسون بالمشاركة المناقصة، دون جدوى".
وأشار إلى أن "العلاقة الشخصية وثيقة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وترامب، لكن عندما يتعلق الأمر بالاستحواذ الصيني على البنى التحتية في إسرائيل، فإن الولايات المتحدة تصر بشدة على موقفها، ما يعني أن إسرائيل ستطعنهم في الظهر، وقد يتدهور الوضع قريبًا لأزمة كبيرة".
وختم بالقول: "على الجانب الآخر من المعادلة، فإن مصلحة إسرائيل بالحفاظ على علاقات جيدة مع الصين، ويواصل نتنياهو المضي قدما بتوثيق العلاقات الاقتصادية مع الصين منذ 2013، مع التركيز على الاستثمارات الصينية وتشجيع السياحة والتجارة، وسيحاول تجنب تدمير تلك العلاقة، لكنه سيحاول في نفس الوقت تجنب إزعاج الأمريكيين، ويبقى السؤال المهم عن ما إذا كان ذلك ممكنًا".