تلوح أجواء إيجابية لانعقاد لقاء يجمع قيادات من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة فتح برئاسة الرئيس الفلسطيني وزعيم الحركة محمود عباس، بهدف إنهاء خلافات محتدمة بين الطرفين تفجرت على وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية، وفق ما صرحت به مصادر من "الجبهة" و"فتح" لـ"عربي21".
سعدات والرسالة المزيفة
تولدت هذه الأجواء بعد اتصالات آثر رئيس السلطة محمود عباس أن تكون مع الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات داخل معتقله في سجون الاحتلال الإسرائيلي، نجم عنها رسالة من سعدات لعباس صاحبها خروج "رسالة مغايرة مزيفة" تداولتها وسائل الإعلام نصت على "وقف كافة الحملات التحريضية ضد السلطة وفتح والرئيس عباس، وكل من يخالف يعرض عضويته بالجبهة للفصل" و "عقد لقاء موسع بمنزل عباس" و"عودة قيادات الجبهة لممارسة عملهم في اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير وأطرها والالتزام بكافة القرارات الصادرة عنها"، الأمر الذي استوجب موقفا من الحركتين نحوها.
وجاء في بيان الجبهة الشعبية، الجمعة، نفي قاطع لما جرى تداوله على بعض المواقع من إصدار سعدات "قرارا مُلزما لقيادة الجبهة الشعبية في الداخل والخارج". وأكّدت الجبهة أن ما يُتداول "ليس أكثر من هراء وفبركة غير بعيدة عن جهات أمنية، أو أطرافٍ تناصب الجبهةَ العداءَ، تتوهم أنها قادرة على خلق بلبلة في صفوف الجبهة وأنصارها".
وختمت الجبهة بدعوة وسائل الإعلام إلى "عدم المساهمة في ترويج الافتراءات، كالتي نُسبت للرفيق سعدات، لقطع الطريق على الأهداف الخبيثة من ورائها".
أما حركة فتح فأصدرت "تصريحا توضيحيا لرسالة سعدات" نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن مصدر مطلع في مفوضية العلاقات الوطنية للحركة أكد "استلام رسالة من سعدات"، وحول الرسالة المزيفة قال: "ليس من أدبيات وأخلاقيات العمل الوطني والحركة نشر أو تعميم المراسلات الداخلية بين فصائل العمل الوطني".
ودعا كافة وسائل الإعلام لعدم نشر أي أخبار أو معلومات يتم تداولها حول الموضوع إلا من المصادر الرسمية لحركة فتح والجبهة الشعبية.
وجاء في نص الرسالة الصحيحة من سعدات لعباس: "يسعدني التواصل مع الأخ الرئيس والاطمئنان عن صحته التي آمل أن تكون على ما أحسن ما يرام، ويؤسفني في الوقت نفسه عدم قدرتي على إجراء هذا التواصل بشكل مباشر لأسباب تتعلق بخصوصية وضعي داخل المعتقل، مع تأكيدي للأخ الرئيس وللإخوة في حركة فتح أن المناخات في أوساط قيادة الجبهة جاهزة للتفاعل إيجابياً مع أي حوار ثنائي جدي يؤسس ليس فقط لتجاوز مشكلة المستحقات التي نراها صغيرة قياساً بالاستحقاقات والتحديات التي تواجه شعبنا وقضايانا الوطنية".
أجواء إيجابية
من جانب الجبهة الشعبية، صرح القيادي ذو الفقار سويرجو بأن "رسالة سعدات" انتهت بـ"قبول الرئيس محمود عباس الذهاب إلى حوار شامل مع الجبهة الشعبية".
وقال ": "ننتظر تطور هذه الحالة باتجاه بدء الحوار على مستوى قيادي، بحيث تفتح كل الملفات ونعمل على حل كل المشاكل العالقة".
وحول وجود "مرونة وتغير" في موقف عباس من الجبهة، أجاب سويرجو "بالمعنى النظري نعم، هناك تجاوب من قبل الرئيس حسب ما تلقينا من الإخوة من حركة فتح، وقبول بالذهاب نحو الحوار من أجل إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة دور الجبهة بعيدا عن الحديث عن المستحقات أو عدمها، لأنها ستعود في النهاية".
وأكد "نحن معنيون أكثر من موضوع المستحقات بإعادة فتح حوار شامل فلسطيني فلسطيني يبدأ ما بين الجبهة الشعبية وحركة فتح"، مضيفا "سنعمل بكل جهدنا على أن يتوسع هذا الحوار من أجل الوصول إلى نقطة نستطيع من خلالها أن نوحد موقفنا السياسي الفلسطيني في مواجهة أعداء القضية".
وحول موعد انعقاد اللقاء، أوضح: "نتوقع أن ينعقد خلال الأيام والأسابيع القادمة بما لا يتجاوز الشهر"، مشيرا إلى وجود محادثات ثنائية على مستوى قيادات الحركتين لترتيب لقاء يجمع قيادات من الخارج والداخل عبر الفيديو كونفرنس نظرا لصعوبة اللقاء المباشر في الوقت الحاضر وعدم القدرة على الحركة بسبب وباء كورونا.
من جهة حركة "فتح"، قال الناطق أسامة القواسمي : "نحن نرى أن الأجواء إيجابية، ورسالة الأخ أحمد سعدات لها أثر كبير"، في إشارة إلى أنها حركت المياه الراكدة باتجاه الحوار وحل الخلافات.
وأكد القواسمي: "الجبهة الشعبية فصيل أساسي ومهم جدا في منظمة التحرير الفلسطينية، وهناك جهود وحوار استراتيجي بيننا وبينهم".
هكذا تفجر الخلاف
وحول تفجر الخلاف بين "الجبهة" و"فتح"، أوضح سويرجو أن الخلاف "قائم منذ فترة طويلة نتيجة لمواقف الجبهة الشعبية الواضحة تجاه تصرفات السلطة والرئيس محمود عباس وتفرده بالقرار الفلسطيني والمؤسسة الفلسطينية، وإصراره على أن يلغي أي دور لأي طرف فلسطيني سواء كان فصيلا أو مؤسسة".
وقال: "أصبحت السلطة تخضع لحالة من التفرد غير المسبوق وصلت لأن يقوم عباس بالقطيعة مع الفصائل الفلسطينية وأن يعمل على تنحيتها عن المشهد السياسي..، وانتهت هذه العملية بقطع الرئيس عباس لمستحقات الجبهة الشعبية من الصندوق القومي الفلسطيني قبل عامين ونصف".
وأضاف: "استمر الرئيس في نفس الممارسات بحيث قام بترتيب المجلسين الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على مقاسه، وأصبح النظام السياسي الفلسطيني رهينة لقرار عباس والمحيطين به".
ورغم كل هذه "التجاوزات"، فقد أصرت الجبهة بحسب القيادي سويرجو على "العمل من أجل تقريب وجهات النظر بين كل الفصائل الفلسطينية، في محاولة لخلق حالة من التوافق نتيجة لحساسية الظرف الفلسطيني الراهن، والذي يمر بضائقة كبيرة وهناك مؤامرة ضخمة على الشعب الفلسطيني تشارك فيها أطراف عديدة ليست فقط الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، بل إن منها أطرافا عربية".
لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل رغم التوافق بين الجبهة وأعضاء من اللجنة المركزية مهمين في حركة فتح من أجل "فتح صفحة جديدة لتوحيد الصف الفلسطيني، إلا أننا قوبلنا برفض شديد من الرئيس محمود عباس، وأيضا برفض شديد في إعادة المستحقات، ما حدا بالجبهة أن تأخذ موقفا واضحا "عنيفا إعلاميا" لتوجيه السهام نحو الرئيس بأننا لن نسكت ولن نستطيع أن نستمر في البقاء على هذه الحالة، وعلى حركة فتح أن تتوقف عن هذه الممارسات"، على حد قوله.