هدّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الثاني من نيسان/أبريل الماضي، وليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، بفرض عقوبات عسكريّة عليه إن لم يخفّض إنتاج السعودية من النفط ما يضع حدًا لتراجع أسعاره وينهي "حرب الأسعار" مع روسيا، بحسب تقرير حصري لـ"رويترز"، اليوم، الخميس.
وجاءت العقوبات العسكريّة على شكل سحب للقوات الأميركيّة من السعوديّة، بعدما عزّزها ترامب خلال العام الأخير، بعد تصاعد التوتّرات في الخليج العربي مع إيران، وخصوصًا تعرّض منشأتي نفط سعوديّتين لهجمات بطائرات بدون طيّار، تبنّاها الحوثيّون، لكن الولايات المتحدة اتهمت إيران بتنفيذها، في أيلول/سبتمبر الماضي.
وبحسب ما نقلت "رويترز" عن 4 مصادر على اطّلاع على الموضوع، فإنّ ترامب أبلغ بن سلمان أنه إن لم تخفّض "أوبك" إنتاجها للنفط، فستمنع عن عرقلة قرار في الكونغرس لسحب القوات الأميركية من السعوديّة.
وهذه أوّل مرّة، بحسب "رويترز"، يهدّد فيها رئيس أميركي بإنهاء التحالف الإستراتيجي بين السعوديّة والولايات المتحدة، المستمرّ منذ 75 عامًا. لكنّ هذا التهديد آتى أكله عبر إعلان السعوديّة، بعد التهديد بعشرة أيام، خفض إنتاجها من النفط ضمن اجتماع أوبك+، مطلع نيسان الماضي.
وأدّى تهديد ترامب إلى "صعق" بن سلمان، الذي أمر مساعديه بالخروج من مكتبه أثناء المحادثة، حتى يتمكّن من التحدث إلى الرئيس الأميركي "بخصوصيّة"، وفقًا لما نقلت "رويترز" عن مصدر أميركي أحيط علمًا بالموضوع من قبل مسؤول بارز في الإدارة الأميركية.
ولم تقتصر التهديدات الأميركيّة على الرئيس ترامب، فنقلت "رويترز" عن مسؤول أميركي أن إدارته أبلغت قادة السعوديّة أنه "لا يمكن منع الكونغرس من فرض تقييدات تؤدي على سحب القوات الأميركيّة" إن لم تخفّض السعوديّة إنتاجها من النفط.
وحين سئل ترامب، الأربعاء، عن تهديده بن سلمان قال "لم يكن عليّ إبلاغه بذلك"، أي أنه لم ينفِ، عمليًا، التهديد.
وأضاف "اعتقدت أنه والرئيس (الروسي، فلاديمير) بوتين، مسؤلين بشكل كبير جدًا.. عرفا أنهما يواجهان مشكلة، وبعدها حدث هذا"، وعمّا أبلغه لبن سلمان، أجاب ترامب "كان لديهما (بوتين وبن سلمان) وقت لإبرام اتفاق. وأنا التقيت هاتفيًا به، وكنا قادرين على التوصل إلى اتفاق".
ولم تقتصر تهديدات ترامب، للتوصّل إلى اتفاق ينهي "حرب الأسعار" التي أثّرت على قطاع النفط الأميركي، على الاتصال الهاتفي وسحب القوّات، إنما هدّد علنًا بفرض ضرائب على واردات السعودية وروسيا إلى الولايات المتحدة.
وفي نفس اليوم، وبعد محادثته بن سلمان، أجرى ترامب اتصالا بالرئيس الروسي، وغرّد في حسابه على تويتر بعدها أن السعودية وروسيا ستخفّضان إنتاجهما من النفط بعشرة براميل يوميًا.
وحصلت "حرب الأسعار"، بداية، على تهليل الرئيس الأميركي الذي اعتبرها فرصة للولايات المتحدة لملء مخازنها من النفط الرخيص، قبل أن تتحوّل إلى خطر على الاقتصاد الأميركي بسبب تكاليف إنتاجه المرتفعة، مقارنة بالنفط السعودي والروسي.
لاحقًا، توصّلت منظّمة الدوّل المصدّرة للنفط أوبك وشركاؤها إلى "أكبر خفض للإنتاج في التاريخ"، في خضمّ أزمة فيروس كورونا المستجدّ ورغم التوتّرات بين موسكو والرياض.
وأشاد ترامب، بالاتّفاق، وكتب على تويتر أنّ "الاتّفاق الكبير مع أوبك بلاس تمّ إنجازه. هذا سيُنقذ مئات آلاف الوظائف في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة"، وأضاف "أودّ أن أشكر وأهنّئ الرئيس الروسيّ (فلاديمير) بوتين والملك السعودي سلمان. لقد تحدثت إليهما للتوّ من المكتب البيضوي. إنّه اتّفاق عظيم بالنسبة إلى الجميع".
وشدّد بوتين وترامب، حينها، على "الأهمّية الكبرى" لاتّفاق أوبك وشركائها بشأن الخفض التاريخي لإنتاج النفط، وقال الكرملين في بيان إنّ الزعيمين شدّدا مرّةً جديدة، خلال اتّصال هاتفي، على "الأهمّية الكبرى للاتّفاق بصيغة أوبك بلاس بشأن خفض إنتاج النفط".